صرخة العدد 188/شتنبر 2016/2966

بعد أيام معدودة ستجرى انتخابات برلمانية جديدة في المغرب لتطوي معها صفحة الحكومة والبرلمان الحاليين، بأغلبيته ومعارضته، بعد أن خيبا آمال المغاربة وتنكرا للدستور فيما يتعلق بتفعيل رسمية الأمازيغية، فبالإضافة إلى كل التراجعات التي استهدفت مسلسل إنصاف الأمازيغية الذي انطلق قبل عقد من مجيء الحكومة والبرلمان الحاليين، مرورا بتمرير مشاريع تهم إصلاح التعليم والعدل وغيرها من القطاعات أقصيت منها الأمازيغية بذريعة عدم وجود قانون تنظيمي لها، فوجئنا بالحكومة المنتهية ولايتها وهي تعلن عن عرض القانونين التنظيميين الخاصين بالأمازيغية وبمجلس اللغات والثقافة على مجلسها الحكومي في بداية شهر غشت المنصرم، بعد أن احتكرت صياغة قانون الأمازيغية في أواخر سنتها الأخيرة وهو الذي تنصلت منه طوال أربع سنوات.

مجلس الحكومة أعلن أن مشروعي قانوني الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية عرضا عليه للمدارسة وأخذ العلم فقط، وليس للمصادقة، وهكذا فعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقال عن قانون الأمازيغية من حيث الجهة التي قامت بصياغة مضمونه المعيب، وما يمكن أن يسجل من مؤاخذات على قانون المجلس الوطني للغات والثقافة، فلا أحد منهما إلى حدود كتابة هذه السطور صادق عليه مجلس الحكومة، وبذلك تفشل هذه الأخيرة في امتحان تفعيل الدستور واحترام الفصل 86 منه الذي ينص على ضرورة أن تقوم الحكومة التي يرأسها عبد الإله بنكيران بإخراج جميع القوانين التنظيمية المكملة للدستور قبل نهاية ولايتها. ليسجل بمداد أسود في تاريخ المغرب الحديث أن حزب العدالة والتنمية رفقة حلفائه في الحكومة لم يحترموا أسمى قانون في البلاد، وضيعوا الوقت وواصلوا التمييز ضد لغة وثقافة الملايين من المغاربة التي عمرت لملايين من السنين، كما يسجل على حكومة عبد الإله بنكيران أنها لم تكتفي بفشلها الذريع المتعمد في إقرار قانون تنظيمي للأمازيغية في المستوى المطلوب وفق منهجية تشاركية حقيقية، بل أكثر من ذلك تتحمل مسؤولية كبيرة في كارثة مشروع قانون يشرعن التمييز بين المواطنين، انفردت بصياغته، سيبقى في الرفوف منتظرا أن تتداوله الحكومة والبرلمان المقبلين، ليتحول إلى ورقة لمن يريدون في السنوات المقبلة وضع المزيد من العراقيل أمام الأمازيغية.

إن تحجج ابن كيران بالجهات العليا التي يحملها المسؤولية في كل مرة وحين لتبرير تماطل حكومته على مدى أربع سنوات في صياغة قانون الأمازيغية، يكشف زيفه إسراعه في سنته الأخيرة هذه، للإنفراد بصياغة قانون بمضمون يخالف الدستور، ويضرب عرض الحائط كل المكتسبات، ولعل تلك المغامرة ذهبت أدراج الرياح إذ لم يتمكن ابن كيران ورفاقه في الحكومة من تمرير ذلك القانون، مما جعلهم يفقدون الصواب إلى درجة أن موقع حزب العدالة والتنمية نشر مقالا طويلا لا يحمل أي توقيع يتساءل فيه عن مصير القانون التنظيمي للأمازيغية والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة، بل أكثر من ذلك، يتساءل عن أسباب تأخر انعقاد المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك من أجل أن يصادق على القانونين.

ونتساءل من جانبنا عن السبب الذي يدفع حزب العدالة والتنمية المتزعم للحكومة، وبعد أن ماطل لخمس سنوات في صياغة القانونين موضوع حديثنا، يطرح هذا السؤال الغير بريء في مضمونه وتوقيته، ألم يكن ابن كيران يعلم أن المصادقة على القوانين بعد صياغتها تتطلب وقتا طويلا، وألا يلزم أن يتم فتح باب التشاور من جديد حول المشروعين معا من أجل تصحيح الإختلالات التي تملؤهما، خاصة ما يتعلق منها بتكريس التمييز بشكل قانوني ضدا على المواطنين وضد على الأمازيغية نفسها؟

أليس من المفروض خوفا على مصلحة الوطن العليا، أن يحترم ابن كيران ديباجة الدستور التي تنص على الهوية الأمازيغية للمغرب والمساواة بين المواطنين؟ بل أكثر من ذلك ألا يفترض في ابن كيران احترام الخطابات الملكية التي أكد فيها جلالته أكثر من مرة على ضرورة الإسراع بإخراج القانون التنظيمي للأمازيغية وضرورة احترام الفصل 86 من الدستور؟ أو لم يكن من الحكمة أن يتحمل ابن كيران مسؤولية ما وقع ويطوي صفحة التمييز ضد الأمازيغية الذي امتد على مدى أكثر من ستة عقود؟ عوض أن يبحث عن طرق لإشعال الفتنة؟.

حين نتساءل نحن فذلك لا يدعو لأي استغراب، ولكن عين الغرابة أن يتساءل حزب يرأس الحكومة، لأنه ما من شك أن الغيرة على الأمازيغية ليست هي ما يحركه، أو يحرك حكومته فالخمس سنوات الماضية تخبرنا عكس ذلك، ولهذا فالتساؤل لديه قد يرجع إلى أن ثمة من يريدون أن يوقدوا النار بين الملكية والأمازيغ؟.

وفي ابن كيران يصح المثل القائل «ضربني وبكى.. سبقني وشكى».

وفي أمثاله يقول الحكيم الأمازيغي:

Tazngart d uslam n wakal
ⵜⴰⵣⵏⴳⴰⵔⵜ ⴷ ⵓⵙⵍⴰⵎ ⵏ ⵡⴰⴽⴰⵍ

صرخة العدد 188 / شتنبر – جريدة العالم الأمازيغي

اقرأ أيضا

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 285 أكتوبر 2024/2974

يمتاز المغرب بتاريخ عريق وطويل تعكسه الإكتشافات الأثرية المتنوعة التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *