في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة ألقى الملك محمد السادس خطابا تناول فيه علاقة الإدارة بالمواطن، سواء تعلق الأمر بالمصالح المركزية، والإدارة الترابية، أو بالمجالس المنتخبة، والمصالح الجهوية للقطاعات الوزارية.
أشار جلالة الملك إلى أن «البعض يستغلون التفويض، الذي يمنحه لهم المواطن، لتدبير الشأن العام في إعطاء الأسبقية لقضاء مصالحهم الشخصية والحزبية، بدل خدمة المصلحة العامة، وذلك لحسابات انتخابية. متجاهلين بذلك بأن المواطن هو الأهم في الانتخابات، وليس المرشح أو الحزب، ويتنكرون لقيم العمل السياسي النبيل».
وتساءل جلالة الملك «هل سيطلب مني المواطنون التدخل لو قامت الإدارة بواجبها؟»، قبل أن يجيب «الأكيد أنهم يلجؤون إلى ذلك بسبب انغلاق الأبواب أمامهم، أو لتقصير الإدارة في خدمتهم، أو للتشكي من ظلم أصابهم». معتبرا أنه «من غير المقبول، أن لا تجيب الإدارة على شكايات وتساؤلات الناس وكأن المواطن لا يساوي شيئا، أو أنه مجرد جزء بسيط من المنظر العام لفضاء الإدارة».
من جانبنا نتقاسم مع جلالته تشخيصه لأعطاب الإدارة المغربية، خاصة كمواطنين أمازيغ، عانينا لسنوات، أكثر من غيرنا، من تعمد الإدارة صم آذانها أمام مساعينا المتواصلة لإقرار أبسط حقوقنا اللغوية والثقافية، وسنقتصر فقط على الحديث عن الخمس سنوات الماضية التي تلت دسترة الأمازيغية لغة رسمية، على سبيل المثال لا الحصر، حيث بادرنا إلى مراسلة الحكومة بمختلف قطاعاتها الوزارية والبرلمان بجميع أحزابه أغلبية ومعارضة بالإضافة إلى المجالس المنتخبة المحلية والإدارات العمومية بما فيها المؤسسات الأمنية، ناهيك عن القنوات و المؤسسات الإعلامية السمعية البصرية منها والمكتوبة، من أجل هدف واحد وهو الانسجام مع مضامين ومقتضيات الدستور المغربي المعدل سنة 2011، سواء ما تعلق منه بالفصل الخامس الذي يقر الأمازيغية لغة رسمية، أو ما تنص عليه ديباجته بخصوص هوية البلاد وتعويض مصطلح (المغرب العربي) بمصطلح المغرب الكبير، ولكن كل مراسلاتنا ودعواتنا قوبلت بالإهمال واللامبالاة باستثناء رؤساء بعض البلديات والجماعات التي استجابت لرسائلنا بتفعيل كتابة أسماء مقراتها بالأمازيغية.
خمس عجاف سنوات إدن، من حيث كل شئ، بما في ذلك تعامل الإدارة المتخم بالاستخفاف والجفاء مع كل الحقوق الأمازيغية حتى تلك التي صدرت بموجبها قوانين من قبيل قضية الأسماء الأمازيغية التي استمر عناء عدد من المواطنين الأمازيغ في المغرب الذين اختاروا تسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية، مع الإدارة، كما تواصلت معاناة إخوانهم بالمهجر، بل إن البعض من موظفي السفارات والقنصليات يخول لنفسه سلطة الإفتاء، يفتي وينصح خارج القانون المواطنين بالتخلي عن خياراتهم وتغيير الأسماء الأمازيغية بأسماء عربية.
وفي الوقت الذي نشيد فيه بالخطاب الملكي الأخير حول علاقة المواطن المغربي بالإدارة، إلا أننا لا نخفي تخوفنا من أن يكون مصير الخطاب الملكي الحالي كمصير الخطابين اللذين طالب فيهما جلالته من البرلمان بالتسريع في تنزيل القوانين التنظيمية المكملة للدستور وتفعيل رسمية اللغة الأمازيغية واحترام الفصل 86 من الدستور، وهو ما تجاهلته الحكومة والبرلمان بأغلبيته ومعارضته إلى غاية نهاية ولايتهما، حيث لا زال الفصل الخامس من الدستور لم تتم بلورته بالمصادقة في البرلمان على القانونين التنظيميين الخاصين بالأمازيغية وبالمجلس الوطني للغات والثقافة، كما لا زالت ديباجة الدستور في جانبها المرتبط بهوية البلاد وإزالة مصطلح (المغرب العربي) تخرق يوميا.
ومن باب تجنب تكرار نفس سيناريو الخمس سنوات الماضية فيما يخص مصير الأمازيغية وكذلك ما يتعلق بحقوق ومصالح وهموم كل المواطنين المغاربة فإننا نهيب بالمؤسسة الملكية لإحداث آليات وهيآت للرقابة، لتكريس محاسبة ومعاقبة كل من سولت له نفسه اللعب بمصير البلد وشعبه، سواء أكانوا أشخاصا أو مؤسسات، لأنه لا يكفي أن تصل الشكايات وتشخص الاختلالات وتطلق مخططات الإصلاحات، ولكن المطلوب والواجب هو إقتران المسؤولية بالمحاسبة، لكي تلقى تظلمات المواطنين التجاوب المطلوب، وتحقق مختلف الإصلاحات نجاحها المنشود، ذلك من وجهة نظرنا ما تحتاج إليه الإدارة المغربية لكي تجد أزمتها المتفاقمة طريقها إلى الحل، وقد حان الوقت الذي تكف فيه مؤسسات الدولة عن مراكمة الشكايات والتقارير التي تشخص الإختلالات والمشاكل والأزمات، وتعمل على ربط المسؤولية بالمحاسبة من أجل الضرب بيد من حديد على كل مسؤول، مادي أو معنوي، أخل بواجبه وبالأمانة الموضوعة في عنقه باختياره.
وقديما قال الحكيم الامازيغي:
ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵢⵓⴽⵯⵔⵏ ⵜⵉⵙⴳⵏⵉⵜ ⵉⵣⵎⵔ ⴰⴷ ⵢⴰⴽⵯⵔ ⵜⴰⵎⵓⴳⴰⵢⵜ
Wanna yukrn tisgnit izmr ad yakr tamugayt
صرخة العدد 189 / أكتوبر – جريدة العالم الأمازيغي