عفوا أسيادي الحكام والمسؤولين، إن الشعوب ليست مسؤولة عن التغييرات المناخية ولا ندري الداعي لفلكلرة حقوقها ومطالبها، ما دمتم أنتم المسؤولين عن تشريدها واقتلاعها من جذورها، قبل أن تأتوا بها في الأخير للاستعراض والاحتفال والرقص على مأساتها في نسخة مؤتمر المناخ المنظمة بمدينة مراكش المغربية شهر نونبر الجاري.
إن التغييرات المناخية آخر ما يشغل بال الشعوب التي تسمونها في أعرافكم بالأصلية بل تصفونها بالأقليات حتى لو كانت أغلبية في بلدانها، كما هو حال الأمازيغ في بلدان منطقة شمال إفريقيا التي يتموقع فيها البلد المستضيف لقمة المناخ في نسخته الحالية، فهل ثمة من سيزعم أن الشعب الأمازيغي بالمغرب يتبادر لوهلة إلى ذهنه أنه يعاني من مشكل اسمه التغييرات المناخية أمام كل المآسي التي يعانيها جراء سياسات غير عادلة للدولة، بدءا بتجاهله الكلي في مخططات التنمية وتوجيه الاستثمارات بعيدا عن مناطقه بشكل تمييزي مرورا بحرمانه من حقوقه اللغوية والثقافية وانتهاءا بنهب ثرواته وانتزاع أراضيه.
إن نزع أراضي الأمازيغ ومشاكل الفقر وغياب التنمية والتهميش والإقصاء والتمييز هي ما يشغل بال الأمازيغ، ولعل جميع الشعوب التي ابتلاها الله بأنظمة غير ديمقراطية ستظل أولوياتها بعيدة جدا عن مشكل اسمه التغييرات المناخية، بل حتى البلدان المسماة بالمتخلفة أو التي تتواجد في العالم الثالث تبقى بعيدة عن الإحتباس الحراري، بعد السماء عن الأرض، هذا إن كان غرض قمم ومؤتمرات المناخ هو إيجاد الحلول، وليس تنظيم مؤتمرات كل ما يمنح فيها لممثلي الشعوب الحقيقيين هو فرصة للسير في مسيرة للاستعراض والرقص من أجل التحذير من مخاطر التغييرات المناخية، رغم أن الموجه إليهم التحذير هم أنفسهم قادة دول العالم الصناعي الواقفين خلف تنظيم ذلك النوع من المؤتمرات ويدخلون الشعوب في قضايا يستطيعون حلها في اجتماعاتهم المغلقة لو توفرت لديهم الإرادة.
وإن كان الحال كذلك أي وجود إرادة عالمية لإيجاد حلول فالدول الصناعية والمتقدمة في جهات العالم الأربع خاصة الغرب، هي المعنية لوحدها دون غيرها بهذا المشكل، ولا نعرف لماذا تدخل بلدا كالمغرب في مشكل لا علاقة له به لا من قريب ولا من بعيد ولماذا سيكون الشعب الأمازيغي معنيا بهذا المشكل في علاقته مع الدول خاصة الغربية، ما دامت هذه الأخيرة لا زالت تنظر وتتصرف في شمال افريقيا كمجال حيوي لها تستنزف ثرواته وتدعم ديكتاتورياته وتشن فيه حروبها تحت هذه الذريعة أو تلك خدمة لمصالح شركاتها ولتقوية اقتصادها القوي أصلا.
لو ذهبنا إلى أزواد في شمال مالي مثلا الذي تدخلت فيه القوات الفرنسية لوضع حد لتطلعات الطوارق في وطن حر وديمقراطي ورأينا معاناة الشعب هناك مع الجوع والأمراض بعد سنوات من التدخل العسكري لفرنسا، لوصلنا كما غيرنا إلى خلاصة وحيدة وهي أن الإنسان في شمال إفريقيا آخر ما يهم دول العالم المسمى الحر، فكيف تهتم تلك الدول الأنانية بهذا الإنسان في علاقته بالمناخ، وهل مشاكل كوكب الأرض تقتصر على التغييرات المناخية فقط، أليس الإنفراد باستنزاف والاستفادة من خيرات وثروات الكوكب بجشع من طرف تلك الدول يندر بمستقبل كله كوارث إنسانية أكثر خطورة من التغيرات المناخية.
في هذا السياق، أي الذرائع، حان الوقت لنساءل دول العالم الصناعية المسؤولة عن كل كوارث هذا الكوكب بما في ذلك دعم الأنظمة الديكتاتورية واضطهاد شعوب العالم الثالث، عن جرائمها المستمرة تحت ذريعة الإرهاب في ليبيا ومالي وهلم جرا، فإذا كان التدخل الدولي مطلوبا لمحاربة الإرهاب وإذا كان موقفنا جميعا هو رفض ومعاداة الإرهاب، فماذا عن مرحلة ما بعد القضاء على الإرهاب في مالي مثلا؟ هل تحسنت وضعية المواطنين الطوارق؟ أو ليس الفقر والتهميش والاستعمار…، بذور الإرهاب الحقيقية؟
إن مشكل التغييرات المناخية آخر ما يجب أن يشغل دول العالم ويشكل أولوية له، فثمة مشاكل ومآسي وكوارث أولى تعاني منها الإنسانية وتخلف ضحايا بالملايين، لذلك تستحق أن تنظم مؤتمرات حولها في بلدان شمال إفريقيا والعالم الثالث، أما مؤتمرات المناخ فيجب أن تبقى شأنا خاصا بالدول الصناعية ولا بأس من أن تستضيفها أوروبا أو أمريكا وتطرح على طاولة رؤسائها.
وقديما قال الحكيم الامازيغي:
ⵉⵥⵥⵓⵖⵔ ⵓⴷⵔⵖⴰⵍ ⴰⴷⵔⵖⴰⵍ ⴳ ⵜⵉⵍⵍⴰⵙ
izzughr udrghal adrghal g tillas
صرخة العدد 190 / نونبر – جريدة العالم الأمازيغي