تدل المؤشرات الأولية على أن تعيين السيد سعد الدين العثماني كرئيس للحكومة، من شأنه أن يدخل قضية إنصاف الأمازيغية مرحلة جديدة تتسم بإرتباط القول والقرار الرسمي مع الفعل والعمل على أرض الواقع، ولا يمت ما نقوله بأي صلة لقضية التسرع في التفاؤل بمستقبل الأمازيغية في ظل حكومة العثماني الذي أبان تصريحه الحكومي في الحديث عن اللغتين الوطنيتين الرسميتين، عن إرادة سياسية تضع في نفس المصاف الأمازيغية والعربية، بعيدا عن التناول السياسي السابق لإحداهما دون الأخرى، والدفع بإحداهما إلى الأمام وإرجاع الأخرى إلى الخلف، كما كان الشأن مع الحكومة السابقة التي فوتت وقتا ثمينا وضيعت الفرصة على حق الأمازيغية في الإنصاف، بسبب صراع مع حزب إداري ذي خلفيات مصلحية وسياسية خلق جمودا في تنفيذ المقتضيات الدستورية نتساءل عن المسؤول عنه حقا؟.
ظل رئيس الحكومة السابق طوال سنوات يتخذ من الصمت فيما يخص إنصاف الأمازيغية موقفا سياسيا، كما صم اذانه أمام كل الأصوات المنادية بالوفاء بالإلتزامات الدستورية للمغرب فيما يخص تفعيل ترسيم الأمازيغية، بإقرار قانونها التنظيمي إلى جانب القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة كما هو منصوص عليه في الفصل 5 من الدستور وكما يفرض الفصل 86 منه، هذا الأخير الذي يلزم الحكومة والبرلمان السابقين بالمصادقة على تلك القوانين قبل نهاية ولايتهما، طبعا بعد صياغتهما وفق منهجية تشاركية مع الفاعلين في الحقل الأمازيغي منذ عقود، ولكن ذلك لم يتم ولا ندري إن كان رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران هو من وقف وراء عرقلة إنصاف الأمازيغية بسبب مرجعيته الإخوانية، خاصة وأنه كرس هذا الإتهام له من خلال غياب أية إنجازات للأمازيغية في عهده بل أكثر من ذلك تم التراجع عما كان قد تحقق لها قبل ذلك.
ولعل السيد عبد الإله بنكيران قد كرس اتهامه بالعداء للأمازيغية، بتصريحاته التي تنتقص من الأمازيغية والأمازيغ خلف بعضها احتجاجات للحركة الأمازيغية، ودفع بخصومه السياسيين إلى توظيفها بهدف التغرير بالنشطاء الأمازيغ لدفعهم للإصطفاف خلف حزب إداري معروف، وهو عمل وإن باء بالفشل إلا أنه أدخل الفاعلين الأمازيغيين الرئيسيين في معركة أخرى هدفها حماية استقلالية فعلهم النضالي عن أي حزب إداري، مع الضغط على الحكومة السابقة ومواجهة ضربتها المتكررة، خاصة بعد أن سقط بعض الفاعلين الأمازيغ المعروفين وهم معدودين على رؤوس أصبوع اليد الواحدة في شرك الحزب الإداري وخرجوا من دائرة الدفاع عن الأمازيغية إلى الإنخراط في تنظيمات ذلك الحزب وحملاته السياسوية ضد خصومه، وهو الذي كان يتحين الفرص منذ تأسيسه لإحتواء الحركة الأمازيغية وجعلها خزانا انتخابويا وبيدق حروب سياسوية.
ولكن لا ينسينا فشل الحزب الإداري الذي لمحنا إليه في مساعيه أن نتساءل عما إن كان هذا الحزب يقف وراء عدم تفعيل رسمية الأمازيغية في عهد الحكومة السابقة، خاصة وأن ذلك ليس من مصلحته بتاتا على اعتبار أن قادته كانوا يلوحون دوما بأن رياح الربيع الديمقراطي هي من منعتهم من الحصول على حكومة كانت في متناول أيديهم، وأن ذلك لا يجب أن يتكرر بعد انتخابات 2016، لهذا سعوا من أجل مصلحة حزبية ضيقة إلى توظيف كل ما يتأتى لهم من وسائل وأشخاص لعرقلة تنفيذ مقتضيات دستور سنة 2011 لكي لا تسجل في ميزان الحكومة السابقة أية حسنات، ويسقط الحزب المتزعم لها في استحقاقات 2016، وذلك يظهر جليا في تطفلهم على ملفات الأمازيغية وذلك بتوظيف مجلس المستشارين الذي نظموا فيه عدة أيام دراسية حول الأمازيغية، لتتحول هذه الأخيرة إلى كرة تتقاذفها الأحزاب.
لا أحد معفي من المسؤولية بالتأكيد كما لا يوجد أبرياء بين من سلف ذكرهم، لأن الدستور كان واضحا وهو أسمى قانون في البلاد يلزم البرلمان بجميع أحزابه بتنفيذ أحكامه داخل أجل زمني محدد، تلك الأحكام التي نتفاءل بأن يتدارك رئيس الحكومة الجديد الزمن الضائع سابقا لتنفيذها على أرض الواقع، ولا نعتقد أن تفاؤلنا أو ظننا الحسن بالسيد سعد الدين العثماني سيخيب، وهو الذي لطالما كان شخصا ذي قناعات صادقة عبر عنها سابقا من مختلف مواقع المسؤولية التي كان فيها سواء الحزبية أو الرسمية، وفيما يخص هذه الأخيرة فكلنا نتذكر حين كان وزيرا للخارجية مطالبته لمرتين في اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار بتغيير مصطلح (المغرب العربي) وتعويضه بمصطلح المغرب الكبير في مسعى منه لبلورة ما جاء به الدستور المغربي الجديد، وهذه فقط نقطة وثمة العديد مما سجل لرجل مسؤول يشهد عليه عمله.
ويقول الحكيم الأمازيغي:
ⵙⴽⵔⵜ ⵀⵍⵉ ⵜⴼⵓⵍⴽⵉ ⵔⴰⴷⵜⴱⴰⵢⵏ ⵔⴰⴷⵜⴱⴰⵢⵏ
skrt hli tfulki radtbayn radtbayn
صرخة العدد 195 / أبريل – جريدة العالم الأمازيغي