وصل صيت المغرب إلى العالمية أو بالضبط «أدرار ئيغود» باليوسفية حيث ثم اكتشاف، في ميدان علم الحفريات أو علم الاركيولوجيا، اقدم إنسان عاقل أو ما يسمى علميا ب «Homo Sapiens»، هذه الأبحاث، التي قادها كل من المغربي الدكتور عبد الواحد بناصر، الباحث في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، والباحث بالمعهد الألماني ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية، جون-جاك هوبلين، رجحت تاريخ هذا الإنسان العاقل إلى ما يفوق 315 الف سنة.
اسم المغرب اذن وصل الى كل بيت ومدرسة وقناة وإذاعة ومدرجات الجامعات والمعاهد العليا، ليس لأن احد المغاربة صعد إلى القمر أو اخترع القنبلة النووية أو شيئا من هذا القبيل لا، ولكن لأن المغرب الآن وضدا على كل النظريات التي كانت تلح تارة باسم التاريخ وتارة باسم الدين إلى إرجاع اصل كل المغاربة إلى الجزيرة العربية، هذه النظريات التي هزمتها الحفريات الاركيولوجية والتي أبانت على أن اصل الإنسانية جمعاء من هنا اي من المغرب وبالضبط من أدرار ئيغود والتي تعني بالامازيغية: المستقيم، السعيد، المزهر…
إن المنطق والحالة هذه يؤكد بالعلم أن كل شعوب العالم هم أبناء أو حفدة إنسان «أدرار ـ ن ـ ئيغود» ولكن يا للمفارقة العجيبة ذالك أن هؤلاء الأبناء والأحفاد الذين تفرقوا في الأركان الأربع للأرض وفي القارات الخمس للعالم، استطاعوا أن ينجحوا في كل الميادين من علوم الفضاء و علوم الأرض والعلوم الإنسانية … فأسسوا دولا وشيدوا مدنا في الأرض وفي البحار وفي الفضاء، إلا إنسان ئيغود المسكين الذي لا يزال يعيش البؤس والحرمان، فلن تجد في جماعة ئيغود لا مستشفى ولا مدارس ولا معاهد و لا جامعة و لا مسرح و لا سينما ولا حتى مراحيض عمومية بل اكثر من ذالك لن تجد طريقا سالكا تستطيع عبره زيارة موقع الاكتشاف.
ومن هذا المنطلق لابد من طرح سؤال جوهري وأساسي، ألا وهو، لماذا الإنسان المغربي بجنسيه ذكرا كان أو انثى لا ينجح إلا في ارض أخرى غير أرضه؟ والأمثلة كثيرة جدا، وأستحضر هنا قصة رجل مسن له ابن يسمى محماد هذا الأخير كان عاطلا عن العمل مما يسبب له شجارا دائما مع والده، وذات يوم أراد له القدر أن يهاجر إلى احدى دول أوربا وبعد شهرين من استقراره بدأ يرسل إلى والده حوالات مالية مهمة لم يكن يحلم بها والده قط، فقال الأب ذات يوم وهو يستلم مبلغا مهما من موظف البريد أرسله له ابنه «ئيس ؤوكان يادللي غالخ ئيزد محماد ئينو ءاد ؤور ئيكين ءاركاز زيغد يادلي تامازيرت ءاد ؤوكان ءاست ؤور ئيكين». بمعنى « كان تيسحاب لي بللي محماد ديالي للي ماشي راجل ساعة هاذ البلاد هي اللي ماشي راجل».
وللجواب على السؤال أعلاه، لا بد من طرح سؤال آخر ألا هو: هل العيب في المغرب بجباله وسهوله وغاباته وبحاره اي بكل جغرافيته؟ أم العيب في الانسان المغربي بسلوكه وثقافته، ومدى قوة أو ضعف إيمانه بقدراته العقلية قبل البدنية ومدى ثقته بنفسه، تلك الثقة في النفس التي بدأنا نفقدها في شخصيتنا المغربية عبر المناهج التعليمية الفارغة، البرامج الإعلامية المهاجرة إلى الخليج أو الغرب أو الشرق الأوسط، ودروس التربية الدينية المبنية على الأمر والنهي والطاعة والعقاب، كلها إذن عوامل ساعدت ولا زالت تساعد على إضعاف شخصية الإنسان المغربي وتفرغه منذ نعومة أضافره من ذالك التعقل الذي وصف به جده الإنسان العاقل بأدرار ن ءيغود بل اكثر من ذالك فالآلة المدمرة لا زالت تشتغل لإفراغه حتى من إنسانيته وما انخراط الشباب المغاربة بكثرة في صفوف داعش إلا نتيجة ذالك العمل الجبار الذي لازالت تباركه حكوماتنا.
فمن حكومة إلى حكومة لا نلمس إلا مقاومة شرسة، لكل إصلاح من شأنه تنمية قدرات الإنسان العلمية والاخلاقية، مقاومة تارة تكون باسم الأيديولوجية وتارة باسم الإدارة و أخرى باسم السياسة.
وقديما قال الحكيم الامازيغي:
ⴰⴳⴳⵯⵔⵏ ⵏⵏⴽ ⵓⵔ ⵜ ⴰⵏⵏⴰⵢⵖ ⵎⴰⵛ ⴰⴳⴳⵓⵏⵏⴽ ⵉⵙⴷⵔⵖⵍⵉⵢ
Aggwrn nnk urt annaygh mac aggu nnk isdrghliy
صرخة العدد 201 / أكتوبر – جريدة العالم الأمازيغي