مما لا شك فيه أن للمغرب حظوظا قوية للفوز بشرف تنظيم كأس العالم، إلا أن النقطة السوداء التي لازالت تواجهه وستبقى كذلك في ملفه، هو عدم احترامه لحقوق الانسان ويتجلى ذالك في كيفية تعامل الحكومة مع أحداث الريف، ذالك أنها عوض أن تنهج سياسة الاصغاء وتحقيق مطالب هذا الحراك التي لا تخرج عن ما هو اجتماعي محض، تعاملت معه بمنظور أمني متجاوز، بل أكثر من ذالك تعاملت معه بسياسة الهجوم واتهام قياديي حراك الريف بالانفصال، مع العلم أنه لو كانت لهم مطالب انفصالية، لعبروا عنها بكل صراحة وجرأة.
إنها مطالب اجتماعية محضة والدليل على ذالك هو أن الريف ليس وحده من يئن لهذا الألم، بل ها هي حركات أخرى تسير على نهج حراك الريف، مثل حراك جرادة ومرزوكة وتنغير وووو، والحكومة تعاملت ولازالت تتعامل معها بصم الآذان عوض الإصغاء واحتواء الأزمات بإيجاد الحلول لها، والغريب في الأمر وبقراءة بسيطة للواقع يتضح أن الحكومة ليس لها رغبة أكيدة لحل هذه المشاكل وعدم رغبتها السماع لنبضات الشارع ولو في أمور بسيطة كأنها تتعامل مع الشعب بمنطق أو لعبة اليد الحديدية Le bras de fer .
وأكثر الصور حزنا وألما، لما آلت إليه حقوق الانسان بالمغرب هي ما نشهده كل أسبوع في محاكمات شباب حراك الريف من أحكام قاسية طالت ليس فقط أطفال في عمر الزهور، بل مست حتى هيئة الدفاع وأعني هنا الأستاذ المحامي عبد الصادق البوشتاوي، إلا أن الصور الأكثر كاريكاتورية والأكثر ألما لهذه المحاكمات هي ما وصلت إليه المحكمة بالدار البيضاء من تجريم التقاط صور بجانب مجسمات وصور الزعيم البطل مولاي محند بن عبد الكريم الخطابي، الذي سيبقى في الذاكرة التاريخية لجميع المغاربة.
وهذا التصرف الصادر عن المحكمة و غيرها من المؤسسات التي تنفح منها رائحة اقتلاع جذورنا التاريخية و اعتبار المغاربة بدون استثناء مجرد وافدين لا تاريخ لهم، ما لا يعرفه هؤلاء المسؤولين هو أن كل هذه السياسات لا تزيدنا إلا رغبة أكيدة في النضال من أجل المطالبة بتفكيك تاريخ المغرب مع إعادة كتابته و من تم إدراجه في المناهج التربوية والتعليمية لبناء الإنسان الحر، هذا الإنسان الذي بدونه لن يتأتى للمغرب وهو الطامع والطامح إلى كسب الريادة في أفريقيا، الوصول إلى هذا الهدف.
كذالك يجب معرفة أنه نتيجة لهذه الخروقات في مجال حقوق الإنسان، وصل عدد طالبي اللجوء السياسي إلى إسبانيا وحدها إلى 500 طلب، ناهيك عن الذين يغامرون بحياتهم ويرتمون في البحر هربا من الوطن الذي لم ينصفهم بحثا عن وطن آخر يضمن لهم العيش الكريم.
من كل هذا، فالأكيد أن الدولة لها الإختيار في أن تكون دولة ديكتاتورية أو أن تكون دولة ديمقراطية، فإن اختارت أن تكون دولة ديكتاتورية، فإن هذا الإختيار لن يزيد كل الملفات والمبادرات المفتوحة إلا تعقيدا، ومن تم الرجوع أو العودة سنوات إلى الوراء وهذا ستكون له تكلفته السياسية والاجتماعية والاقتصادية وجلالة الملك سبق له وأن دق ناقوس الخطر، فحذر من تدهور النموذج الاقتصادي مما سيؤدي لا محالة إلى عدم الإستقرار وبهكذا ستكون الكلفة ثقيلة ليس ماديا فقط بل إنسانيا كذالك.
أما وإن اختارت النهج الديموقراطي، فما عليها إلا توفير الشروط لذالك ومنها التحلي بجرأة زائدة في اتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة الفساد، أخذ ملف الأمازيغية محمل الجد مع إخراج القوانين التنظيمية الخاصة، بأجرأة ترسيم الأمازيغية وكذالك الخاصة بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، إطلاق سراح كل معتقلي الحركات الاحتجاجية، فتح ذراعيها أي الدولة بكل مؤسساتها لحضن أبنائها وبناتها وفتح آذانها للإصغاء لآلامهم وتنفيذ التزاماتها اتجاههم لكسب احترامها لنفسها قبل احترامهم لها، وكل ذالك، بالتأكيد سيكون بصفر تكلفة مادية.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
Ari Agh Arbbi i yunzar War Iggign
ⴰⵔⵉ ⴰⵖ ⴰⵔⴱⴱⵉ ⵉ ⵡⵓⵏⵥⴰⵔ ⵡⴰⵔ ⵉⴳⴳⵉⴳⵏ
صرخة العدد 205 / فبراير – جريدة العالم الأمازيغي