صرخة العدد 206/مارس 2018/2968

جميل ان نحتفل بالمرأة في كل يوم وساعة ودقيقة ونتذكر من خلال الاحتفالات تلك، الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي حققتها المرأة عبر العالم، نتيجة التزامها ونضالها المستميت في فرض الاعتراف بها كانسان لا تقل أهمية عن أخيها الرجل، وجميل أن نستحضر في نفس المناسبة كنساء مغربيات تاريخ المرأة في المجتمعات الأمازيغية القديمة حيث كانت سيدة نفسها بل وسيدة قومها بحكم أن المجتمع الأمازيغي كان مجتمعا أميسي بامتياز إذ كانت فيه المرأة هي الحاكمة، هي القائدة، هي السيدة المهابة والمحترمة، هي من كانت تضع قوانين تسيير الأسرة والقبيلة بل و الدولة.

إلا أنه وللأسف في وقتنا الحاضر لا بد أن نسجل أن وضعية المرأة تراجعت بشكل مخيف فأصبحت أكثر محافظة ربما نتيجة الأنظمة الإستبدادية والأفكار الرجعية، ولكن كذلك لابد أن تتحمل المرأة مسؤوليتها في ذلك، لأن الوضعية الدونية التي تعيشها في أحيان كثيرة تكون نتيجة المرأة نفسها، ونستدل هنا بدور الوزيرات في الحكومات التي تعاقبت على حقائب الشؤون الاجتماعية والتعليم والصحة والثقافة، فنجد دورها يكاد يقوم على ترسيخ ايديولوجية الحزب الذي تنتمي اليه، الايديولوجية المبنية دائما على الفكر الذكوري، وليس على أساس مصلحتها كإمرأة، فعوض أن تمر في تلك المهمة مر الكرام بترك ترسانة قانونية منصفة للمرأة نجدها تمر مر اللئام، بدون أدنى إنجاز لا على المستوى القانوني ولا على المستوى السياسي ولا على المستوى الثقافي نفس الشيء بالنسبة للمرأة البرلمانية التي لا نجد لها تأثير ايجابي على زميلها البرلماني لمساندتها في سن القوانين التي تخدم قضيتها، بل أكثر من ذلك نجد هذه المرأة البرلمانية وزميلتها المستشارة لا تحضر حتى في مناسبات مناقشة والتصويت على مشاريع القوانين، المقترحة لصالح وضعيتها، المعروضة على السلطة التشريعية، وهذا ليس بغريب عن نساء برلمانيات قبلن أن يكن الزوجة الثانية أو الثالثة، وليس بغريب كذلك على نساء يتفننن في تعنيف الطفلات والنساء الخادمات، كذلك ليس بغريب عن هاته الأمهات اللواتي يغفلن دورهن كنساء فيتمادين في تربية الأبناء على أسس تمييزية بينهم وإخواتهم البنات، بل أنهن يفتخرن بالإبن عند ممارسته السلطة على أخته بل وعليها كذلك واعتبار ذالك شجاعة ورجولة.

إلا أن هذا الأمر لا يجب أن يعرقل مسيرة النساء حول التحرر بل بالعكس يفرض علينا في الحركة الأمازيغية وفي الحركة النسائية استحضار ذلك التاريخ المشرف للمرأة الأمازيغية وأخذ الدروس منه، خصوصا عند وضع القوانين والمخططات التنموية والتصورات العامة للنهوض بأوضاع المرأة، وكذلك إدراج هذا التاريخ في المناهج التعليمية لخلق الإحساس بالافتخار بالذات عند الطفلات، وكسب ثقتهن بأنفسهن مما سيرسخ ثقافة المساواة بينهن وبين زملائهن الأطفال، كذلك يجب الرجوع والتذكير ببعض القوانين العرفية الإيجابية التي تكرس لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات هذه القوانين التي يجب على الحركة النسائية استحضارها لفك رموز بعض الظواهر الاجتماعية العصية على الفهم والحل. بل إننا في حاجة ماسة إلى ثورة فكرية نسائية تتمرد من خلالها النساء على القوانين والأفكار الرجعية التي تعرقل نمو المجتمع، فها هن النساء الآن يعطين الدروس في الثورة على القوانين المجحفة للمرأة من خلال الدفاع عن حقوقهن الاقتصادية، ومطالبتهن بالمساواة في الإرث، وها هن النساء السلاليات بدورهن يمارسن نفس الحق في المطالبة بالمساواة في الإستفادة من أراضي السلاليات ونفس الشيئ بالنسبة لنساء القبائل المالكة لأراضي الجموع، ها هن النساء في الحركات الاجتماعية بكل من ايميضر وتنغير ومرزوكة وجرادة والريف يعطين الدروس للعالم في شجاعتهن خصوصا وأن المراة الريفية أبانت عن دورها المركزي والقوي، ليس فقط في تزعم الحراك بالتوجيه السليم والقيادة الحكيمة، بل إنها استطاعت أن تحطم الرقم القياسي باستقطاب أكبر عدد من النساء خلال مسيرة 8 مارس لسنة 2017، التي تعتبر أكبر مسيرة نسائية في تاريخ المغرب، وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن المرأة رغم كيد الطبيعة والإنسان ستبقى تلك السيدة الشامخة الحاملة لقيم التسامح، العدل، المساواة والحب.

وقديما قال الحكيم الامازيغي:

ⵓⵔ ⵊⵊⵓⵏ ⴷ ⴰⵙⵉⴼ ⴰⴷ ⵉⵍⴽⵎⵏ ⴽⵔⴰ ⴰⵜⵜ ⴰⵡⵉⵏ,
ⵉⴹⴰⵔⵏ ⵉⵜⵜⴰⵣⵣⴰⵍⵏ ⴰⵜⵜⵉⵏⵏ ⵉⵍⴽⵎⵏ

Ur jjun d asif ad ilkmn kra att awin,
IDarn ittazzaln attinn ilkmn

صرخة العدد 206 / مارس – جريدة العالم الأمازيغي 

اقرأ أيضا

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 285 أكتوبر 2024/2974

يمتاز المغرب بتاريخ عريق وطويل تعكسه الإكتشافات الأثرية المتنوعة التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *