إن المقاطعة كأسلوب احتجاجي هو من أرقى الأشكال النضالية الحداثية، السلمية والديمقراطية لا يختلف حوله اثنين، و لكن الغير عادي والغير الطبيعي والذي لا تجده في المجتمعات الديمقراطية هو انتقاء ثلاث شركات فقط: محطات «أفريقيا»، ماء «سيدي علي» وحليب «سنطرال»، دون غيرها من الشركات التي تنتج نفس المواد، فلماذا هذه الشركات بالضبط؟.
«شركة اّفريقيا»: مع العلم أنها لا تملك محطات داخل المدار الحضري بل فقط في الطرق السيارة ولماذا هذه الشركة بالذات مع العلم أنها الشركة الوحيدة المختصة في توزيع الوقود مغربية مائة بالمائة برأسمال وطني وتشغل أكثر من 4000 عامل مغربي عبر ربوع المملكة، وتملكها عائلة يشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء وقبلهم المؤرخون بأنها عائلة مقاومة مناضلة وكان الحاج حماد أولحاج رحمه الله أثناء الاستعمار يزود المقاومة وأعضاء جيش التحرير بكل ما كانوا يحتاجونه من وقود أثناء المقاومة، وأثناء المسيرة الخضراء، ساهم بتزويد الشاحنات و الحافلات، التي أقلت المواطنون إلى الصحراء، مجانا، وورث عنه ابنه عزيز أخنوش، وإن كنت أختلف معه سياسيا، الحس النضالي الوطني فبصم ببصمته المتميزة الشأن الثقافي والاجتماعي وساهم كأمازيغي في كسر عقدة الأمازيغية عند أمثاله من الطبقة البرجوازية وذالك بافتخاره بأصوله الأمازيغية ودعمه للثقافة الامازيغية، ما يقلق أعداء هذه الثقافة التي تحمل قيم إنسانية تجاوزت فقه ابن تيمية بل تهدده من الزوال ذلك الفقه الذي يفتخر ابن كيران بالإنتماء إليه مما يجعله يكن عداءا دفينا للأمازيغية وللأمازيغ، وخطاباته توثق لهذا العداء مثل تهكمه على معيشة الشلح وتهكمه واستهزائه من اللغة الأمازيغية ومن حروفها تيفيناغ، ومن خلال هذا الحقد الدفين لن يستسيغ ابن كيران ومن يطوف حوله أن يأتي أمازيغي برجوازي مثقف من قاع جبال الأطلس الصغير ويأخذ منه الأضواء خصوصا وأنه مدعم من رئيس الحكومة «البيجيديست» العثماني والعكس صحيح.
«ماء سيدي علي»: الذي تنتجه شركة عائلة ابن صالح التي تتزعمها امرأة وهي في نفس الوقت رئيسة الباطرونا التي لوت ذراع ابن كيران أكثر من مرة، أثناء ولايته، وفي أكثر من ملف أبرزها ملف فتح السوق المغربية أمام الاتراك، حيث قاطعت مريم ابن صالح الإجتماعات الإقتصادية مع الوفد المرافق آنذاك لرئيس الوزراء التركي أردوغان، الذين استقبلهم ابن كيران على الزرابي المغربية الأصيلة ليدوسوها بأحذيتهم ليستوردوا لنا ليس فقط الزرابي التركية بل كل أنواع المنتوجات من مواد غذائية ومواد نظافة وأواني وووو، مما أدى الى اكتساح السوق المغربية بالمنتوجات التركية بل تم فتح أسواق، تركية خاصة لترويج هذه المنتجات، «زنقة زنفة» «درب درب» على حد قول القذافي، ما أدى ليس فقط إلى مزاحمة البقال المغربي بل إلى إفلاس سوق النسيج وتراجع الصناعة المغربية عموما. كما أن مريم ابن صالح، هي امراة، وفي فقه الاسلامويين لا يجب أن تهزم امراة رجلا كما هو حال جنود داعش، الذين كانوا يفرون من المعارك التي تقودها النساء الكرديات، لأن في اعتقادهم من قتلته امراة فلن يدخل الجنة فكانوا يفضلون الهرب، على المواجهة والقتال.
«حليب سنطرال»: يعتبر من المواد الغذائية الأكثر استهلاكا في المغرب، خصوصا في شهر رمضان، كما أنه يُشكل مصدر رزق وقوت يومي لآلاف الفلاحين في المغرب، وبالتالي مقاطعة هذا المنتوج، فيه إضرار كبير بالطبقة الفقيرة التي تشتغل في التعاونيات الفلاحية وتضرب في العمق مورد رزقهم الوحيد، ويبدو أن رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، لم يكتفي بمحاربة الطبقة الوسطى، بل انتقل إلى محاربة الفلاح بغية إيجاد موطئ قدم في الأسواق المغربية للشركات التركية المصدرة لنوع جديد من الحليب، (تداوله النشطاء قبل أيام في مواقع التوصل الاجتماعي)، بغرض السيطرة على كل شيء في المغرب، بدءا بقطاع النسيج وليس انتهاءا بالحليب ومشتقاته، بل انتهاءا بتشريد الآلف من المغاربة في مختلف القطاعات.
وقديما قال الحكيم الامازيغي:
ⵖⵣ ⴰⵢⴰⵎⵖⵓⵣ, ⴰⴷ ⵓⵔ ⵙⵙⵖⴱⵓ,
ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵉⵖⵣⵏ ⵛⵔⴰ ⵓⵀⵔⵜⴰⴽ ⵉⵜⵜⴰⵔ ⴷⵉⴳⵙ
Ghz ayamghuz, ad ur ssghbu,
Wanna ighzn cra uhrtak ittar digs
صرخة العدد 208 / ماي – جريدة العالم الأمازيغي