صادف النقاش الدائر حول إدراج كلمات بالدارجة المغربية، محسوبة على أصابع اليد الواحدة، في كتاب واحد ووحيد للمستوى الابتدائي، تنامي هجرة الشباب والشابات بل أسر بأكملها الى الديار الأوروبية، ومع ذلك لم تحرك الحكومة ساكنا للبحث عن السبب الرئيسي لتلك الهجرات والإقبال المتزايد عليها بالرغم من المخاطر الكبيرة التي تصاحبها، وبالرغم من إيمان المقبل عليها بأن نسبة الفشل والموت في أعماق البحار وكونه سيصير أكلة مضمونة للحيتان، أكبر من إيمانه بنسبة النجاح والمرور إلى البلد الموعود لضمان عيش كريم، فهو يقبل عليها، فقط لأنه فقد الثقة في بلده. إلا أن الحكومة وبالرغم من أنها يرأسها دكتور في علم النفس، إلا أنها مصابة بانفصام في الشخصية، فعوض أن تبحث في مسببات هجرة المغاربة والبحث عن إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية التي يتخبط فيها أغلب المواطنين، انشغلت بموضوع ادراج البغرير والبطبوط في الكتب المدرسية عوض ان تهتم وتنشغل بتوفيره في صحون وعلى موائد المغاربة.
إن اسباب تنامي ظاهرة الهجرة تتنوع ما بين ما هو اقتصادي/سياسي يتجلى بالدرجة الاولى في السياسة الاقتصادية الغير سليمة التي تسير بها اغلب مؤسسات الدولة والتي تعتمد على الزبونية والمصالح الذاتية المبنية على «باك صاحبي» في الولوج الى المدارس العليا ومعاهد التكوين ومن ثم الى الوظائف في القطاع العام أي الإدارات العمومية او في القطاع الشبه العمومي مثل بعض الابناك والوكالات التجارية.
وقد يكون السبب كذلك «سياسي» ذلك أن السياسة في بلادنا وللأسف تعتمد بدورها على العلاقات والولاءات وليس على المبادئ والكفاءات، فهي بالتالي سياسة حزبية ضيقة انتهازية تعتمد على استغلال النفوذ والاغتناء الفاحش.
إلا أن هناك سبب أعمق عن ما هو اقتصادي وسياسي يتجلى فيما هو تربوي تعليمي، ذالك أن التعليم في المغرب كرس لدى أغلب المغاربة ما يسمى في علم النفس بمرض انفصام الشخصية، الذي لم تسلم منه الحكومة كما أسلفنا، وهذا ناتج بالدرجة الأولى عن مضامين المناهج الدراسية التي تلقن للتلاميذ تاريخ غير تاريخهم ولغات غير لغاتهم، بل اكثر من ذلك فهي تستصغر وتحتقر كل ما له علاقة بهويتهم ومعيشهم اليومي والدليل على ذلك تلك الحملات المسعورة التي قام بها المواطنون بكل فئاتهم الاجتماعية والعمرية والتكوينية من أحزاب سياسية وفرق برلمانية وجمعيات المجتمع المدني ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي ضد كليمات بالدارجة المغربية مستدلين في احتجاجاتهم بالفصل الخامس من الدستور الذي يحصر اللغات الرسمية للمملكة في الامازيغية والعربية، في مقابل سكوتهم عن ما تتعرض له اللغة الأمازيغية من إقصاء ممنهج من طرف جميع المتدخلين من حكومة، أكاديميات، النيابات التعليمية والمدارس، وعلى جميع المستويات، مستوى اللغة ومناهج تعليمها وكذلك على مستوى الطاقم التربوي من معلمين ومفتشين الذين يتعرضون يوميا لكل أشكال التمييز فيما بينهم وبين باقي زملائهم، مدرسي ومعلمي باقي المواد، مما تبقى معه قضية تعليم الامازيغية نقطة سوداء في تاريخ التعليم بالمغرب ووصمة عار على جبين الدولة المغربية أمام المنتظم الدولي الذي أمر بل حث الدولة المغربية، أكثر من مرة، عبر توصيات منظمة الأمم المتحدة، على إدراج اللغة الامازيغية في التعليم المغربي على قدم المساواة مع اللغة العربية.
وعودة إلى مرض الإنفصام في الشخصية، ومع تسارع الأحداث يتأكد لنا في حقيقة الأمر أنه مرض أصبح يهدد حاضر المغاربة ومستقبلهم بشكل مقلق لأن العثماني وهو رئيس الحكومة عوض أن يفتح نقاشا وطنيا وينظم مناظرة وطنية تطرح فيها أسئلة جريئة من قبيل: أي تعليم نريد لأبنائنا؟ أو أي لغات نريد في التعليم؟ أو ما هي وظائف اللغات المغربية في التعليم؟ وغيرها من أسئلة كثيرة تنتظر منا جميعا أجوبة مقنعة، أو على الأقل أن يعمل على إخراج القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي من وظائفه الأساسية «تدبير السياسة اللغوية في المغرب»، نجده ينجر، على الطريقة البنكيرانية، وراء كتائبه الحزبية للضرب في نورالدين عيوش الذي لا يمثل إلا نفسه، متناسيا، أي العثماني، أنه هو من يمثل المغاربة أجمعين.
وقديما قال الحكيم الامازيغي:
ⴰⵙⵉ ⴰⵡⴰⵍ ⵏⵏⴰ ⴰⴽ ⵉⵙⵙⴰⵍⵍⴰⵏ
ⴰⴷ ⵓⵔ ⵜⴰⵙⵉⵜ ⴰⵡⴰⵍ ⵏⵏⴰ ⴰⴽ ⵉⵙⵙⴹⵚⴰⵏ
Asi awal nna ak issallan
Ad ur tasit awal nna ak issDSan
صرخة العدد 212/شتنبر 2018/2968 – جريدة العالم الأمازيغي