تابعنا في الأيام القليلة الماضية المواقف العدائية التي تبنتها بعض الشخصيات، التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، اتجاه القضية الأمازيغية التي نعتقد أن الدولة قطعت أشواطا مهمة في درب انصافها والمصالحة مع نفسها في هذا الشأن رغم بعض العيوب والنواقص وكثير من التراجعات والتهميش الذي نتابعه يوميا ونسعى جاهدين إلى تجاوزه ووضع حد له، لما فيه مصلحة لوطننا وتماسكنا الاجتماعي.
كما نعتقد أننا تجاوزنا بكثير النقاش والجدال العقيم الذي يحاول هؤلاء أن يعودوا بنا إليه، لإضاعة مزيد من الوقت والجهد، والدخول في متاهات الشد والجدب بين الفعاليات الأمازيغية وبعض _السلبيات نقيض الفعاليات_ مما سيعيدنا من جديد الى بداية البدايات.
فالتصريحات الأخيرة الصادرة عن الرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومواقفه العدائية التي عبر عنها اتجاه ترسيم الأمازيغية التي أقرها الدستور الذي صوت عليه المغاربة في استفتاء فاتح يوليوز 2011، واتجاه حرف تيفيناغ الذي حسم فيه الملك محمد السادس منذ سنة 2003، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك من يزال يحن لعهد قراءة اللطيف على الأمازيغ خدمة للفكر الوحيد والعرق الوحيد واللغة الوحيدة.
إلا ان الغريب في الأمر هو أن هذه التصريحات أدلى بها شخص محسوب على العائلة الحقوقية اكثر من ذالك انه كان يترأس مؤسسة وطنية استشارية تهتم بحقوق الإنسان وإلى اليوم لا يزال سفيرا متجولا في موضوع حقوق الإنسان، إلا أن تصريحاته الأخيرة بينت أنه لا يزال وفيا لمواقفه اليسارية البعثية التي تعود لسنوات السبعينيات تلك المواقف العدائية لكل ماهو خارج جبة القومية العربية البعثية.
وما يثير الاستغراب من هاته الكائنات هو هذا الحماس والاجتهاد ضد كل ما هو امازيغي والتفنن في إعطاء المواقف بخصوص الأمازيغية والأمازيغ، بعد أن كان هؤلاء في وقت من الأوقات قد ابتلعوا ألسنتهم لأسباب يعرفونها، إلا أنهم الآن ومباشرة بعد التحركات التي أطلقها حزب «التجمع الوطني للأحرار» وتفاعله مع الأمازيغية والمواقف الإيجابية اتجاهها والتي لا يمكن إلا أن نحيي عليها جرأة الحزب المذكور، ها هم يخرجون من حجورهم واحدا تلو الاخر، في حين أنهم لم يحركوا ساكنا حين كان «حزبا سياسيا» آخر يتحرك في مجال الأمازيغية ونظم أياما دراسية، كما لم يكن حينها أحد يشكك في أهلية مناضلي الحركة الأمازيغية ونقاشاتهم التنويرية وأبحاثهم الأكاديمية والعلمية، وإسهاماتهم الفكرية، ولم يقل حينها أحد بأنه «ضد ترسيم اللغة الأمازيغية لأن المغرب بلد فقير ولا يمكنه أن يتحمل التكلفة المالية للغتين رسميتين، و لأن حرف تيفيناغ سيثقل كاهل التلاميذ»، كما لم يحذرنا أحد من «اللعب بالنار». كل هذه المواقف تناسلت إتباعا وفي ظرف وجيز ومتقارب! وهنا تطرح أكثر من علامات استفهام بل وتعجب !؟؟.
خلاصة الكلام، هي ان مغرب اليوم لم يعد مغرب السبعينيات ولا مغرب الثمانينات، ومن يعاكس توجهات الدولة وثوابتها المنصوص عليها في الدستور الذي هو أسمى قانون في الدولة، ويضرب التزامات الدولة المغربية في مجال حقوق الإنسان والتعهدات التي صادقت عليها عرض الحائط، ويخرج عن الإجماع الوطني والشعبي، فهو يضع السلم الاجتماعي فوق كفة عفريت و يقود البلد لا محالة إلى الهلاك والخراب والصدام وهذا ما لا نتمناه لوطننا، وسنقف له بالمرصاد، كيف لا ونحن حفدة وأبناء/بنات رجالات المقاومة وجيش التحرير الذين ضحوا بأموالهم قبل دمائهم وحياتهم فداءا لهذا الوطن.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
wanna tut tifikkct ar ismuqqul dar iDaRn nns
ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵜⵓⵜ ⵜⵉⴼⵉⴽⵛⵜ ⴰⵔ ⵉⵙⵎⵓⵇⵇⵓⵍ ⴷⴰⵔ ⵉⴹⴰⵕⵏ ⵏⵏⵙ
صرخة العدد 213 / أكتوبر 2018/2968 – جريدة العالم الأمازيغي