تتبعنا جميعاً في الأيام الماضية موجة من الاحتجاجات التلاميذية الغاضبة التي عرفتها عدد من المدن المغربية والجزائرية على حد سواء. وقد كانت انتفاضة التلاميذ في المغرب ضد الساعة الصيفية الإضافية التي قررت الحكومة الاستمرار في العمل بها رسميا طوال السنة، أما في الجارة الشرقية الجزائر، فقد خرج تلاميذ وتلميذات عدد من المؤسسات التعليمية بمنطقة القبايل وبجايا والأوراس وغيرها من المدن، احتجاجا ليس ضد «الساعة» كتلامذتنا في المغرب، بل احتجاجا على دعوات معادية للأمازيغية ورافضة لتدريسها وتعميمها وإجباريتها في كل المؤسسات التعليمية بالجزائر.
ولا نستغرب طريقة احتجاجات التلاميذ في المغرب، وما صاحبها من السباب والشتائم في حق الحكومة والمؤسسات الوطنية عامة، وإطلاق العنان لمصطلحات قدحية، مسيئة للتلاميذ أنفسهم، لأنها تفضح المؤسسات التعليمية والمناهج الدراسية التي تصر على تغييب القيم الإنسانية الأمازيغية وإقصائها بشكل كلي، ما ولد لنا جيلا بل أجيالا من فلذات أكبادنا بلا بوصلة ولا أفق ولا وعي هوياتي وثقافي ولا انتماء حضاري يفرض التحلي بالأخلاق والاحترام مما يدل عل إفلاس المنظومة التعليمية ببلادنا.
والواقع أن الساعة الإضافية لا تستحق كل هذا التهويل، لسبب بسيط، وهو أن هناك شعوبا في العالم لا ترى الشمس إلا ساعات معدودة في اليوم، ورغم ذلك تجدها في مقدمة الشعوب المتقدمة والمتطورة في العالم، صحيح قد نتفهم غضب تلاميذ وتلميذات القرى وبلدات المغرب المهمش، ممّن يبعدون عن المؤسسات التعليمية بالكيلومترات، بسبب غياب المدارس والطرق المعبدة والنقل المدرسي والتهميش والفقر وقلة ذات اليد.
ومن جهة أخرى فكان من الأجدر بالحكومة التي تتحجج بالتقرب من أوربا اقتصاديا بإضافة الساعة طوال السنة، أن تعمل على التودد لأوروبا باحترام حقوق الإنسان والمساواة والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والتوزيع العادل للثروات، واحترام الحقوق اللغوية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الأمازيغي في وطنه الأم، دون تفضيل لغة وثقافة منطقة على أخرى، فالالتحاق بركب الدول والشعوب المتقدمة والمتطورة، ليس فقط بـ “ساعة زائدة أو ناقصة” بل باحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا.
أما في الجارة الشرقية، الجزائر، فلا يسعنا إلا أن نصفق لهذا الوعي المتقدم جدا لدى التلاميذ والتلميذات وأولياء أمورهم، فأن يخرج التلاميذ ويشلوا عددا من المؤسسات التعليمية، تنديدا بمواقف معادية للغتهم وثقافتهم وهويتهم، وتأكيدا على ضرورة تدريس الأمازيغية أفقيا وعموديا في كل تراب الجزائر، ما هو إلا نتيجة الوعي الهوياتي الأمازيغي الذي يتزايد بشكل جلي عند الأجيال الصاعدة.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵜⴰⵖⴰⵜ ⵏⵏⴰ ⵓⵔ ⵉⵜⵎⵓⵏ ⴷ ⵡⵓⵍⵍⵉ ⴰⵔ ⵜ ⵉⵛⵜ ⵡⵓⵛⵛⵏ
Taghat nna ur itmun d wulli ar t ict wuccn
صرخة العدد 214/نونبر 2018/2968 – جريدة العالم الأمازيغي