كيف لأرض اكتشف فيها أقدم إنسان عاقل، أن تكون عنصرية ضد هذا الإنسان وألا تحترم حقوقه؟
كيف لأرض سميت بأرض الله منذ الأزل وتعتبر مهد كل الديانات، أن تكون عنصرية ضد مواطنيها، وأن تصادر حقهم في العبادة والاعتقاد فيما وبما يؤمنون به؟
كيف لأرض أمازيغية لسانا وحجرا، أن تكون عنصرية ضد لغتها الأصلية والأصيلة، الأمازيغية بحروفها تيفيناغ التي قاومت كل الغزوات اللغوية؟
كيف لأرض أفريقية جغرافيا وتاريخا، أن تمارس تمييزا وعنصرية مقيتة ضد مهاجرين أفارقة، فقط لأنهم ذوو بشرة سوداء؟
كيف لأرض حكمتها نساء، قائدات محاربات وملكات قبل الإسلام، أن تمارس عنصريتها ضد المرأة على مستوى القوانين والإدارات والمحاكم، وحتى في الشارع فقط لأنها امرأة؟
كيف لأرض وهبها الله كل الخيرات، في البر وفي البحر، وعلى الأرض وما تحتها، ومع ذلك يعيش فيها غالبية المواطنين تحت عتبة الفقر؟
كيف لأرض صنفت مهدا للإنسانية (أقدم إنسان عاقل عثر عليه بالمغرب ويرجع تاريخه إلى ماقبل 315 ألف سنة) ومنبع الحضارات أن تصير مهدا للفقر والجهل والفساد والجريمة؟
كيف لأرض كشجرة، جذورها في افريقيا وأغصانها في أوروبا، تصدرت علوم الفلك (آخر اكتشاف بالصويرة يبين ضلوع الامازيغ في علم الفلك) وعلوم الطب واللغة (تاجرومت) … والان تميل نحو الشرق لتستورد الجهل؟
نعم إن المغرب يعتبر من الدول العنصرية بامتياز، ويتربع للأسف على آخر درجات الترتيب في التعليم والصحة والديمقراطية والمساواة والعدل وكل المجالات، بالرغم من المؤهلات التاريخية والجغرافية والحضارية والبشرية التي يزخر بها والتي من المفروض أن ترفع من شأنه ليصير بالفعل أحسن بلد في العالم، وليس بأقوال «الحملات الإشهارية».
إن ما وصلت اليه بلدنا من تخلف ليس بغريب عن دولة تسيرها تكتلات ذات مرجعيات رجعية متخلفة مبنية على الفكر الواحد واللغة الواحدة والدين الواحد واللون الواحد، بل أكثر من ذلك، تتنكر لتاريخها وعلومها وتستورد الجهل والظلامية بكل تجلياتها.
عار علينا ونحن في القرن الواحد والعشرين أن يحكمنا ويتولى أمورنا من لا يؤمن بحقوق المواطنين المدنية، السياسية، الدينية، العقائدية، الجنسية، الجنسانية، الثقافية واللغوية، كحزب العدالة والتنمية خصوصا وأن فاقد الشيء لا يعطيه.
اتساءل، بماذا سيدافع وزير الحقوق والحريات السيد مصطفى الرميد عن المغرب امام المنتظم الدولي في الملفات الحقوقية التي تزكم رائحة الاقصاء، والعنصرية والتمييز، أنوف خبراء ومقرري الأمم المتحدة؟ كيف يمكن للرميد أن يدافع عن بلد يعج بالإختلالات والخروقات بشهادات تقارير وطنية ودولية؟.
نحن نعرف أن أفكار الرجل وقناعاته ومرجعياته، لا تغرف من معين مرجعيات حقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية، بل أكثر من ذلك،.
ما هو رد السيد الوزير عن التقارير التي تتهم بلاده؟ وهو بنفسه متورط في تغليب مصلحته الشخصية ومصلحة حزبه وزملائه على مصلحة الدولة.
كيف يعقل أن يثق المواطن مرة أخرى في من لم يحترم نفسه وينأى عن التدخل في سلطة القضاء بحجة أن المتهم صديقه وزميله في الحزب؟.
أين كان السيد وزير الحقوق والحريات حين كان المواطنون في الحسيمة وفي جرادة تنتهك حريتهم في التظاهر وتنتهك حقوقهم إلى الآن في محاكمات صورية وغير عادلة؟.
ماذا فعل الرميد أمام صرخة مواطنات ومواطني جبال سوس وواد نون من جراء الهجومات التي شنتها عليهم عصابات الرعي الجائر، الشيء الذي أدى إلى اغتيالات واغتصاب فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة؟.
أين كان الرميد أثناء اغتيال الطالب عمر خالق ءيزم بالحرم الجامعي في مراكش، لا لشيء إلا لأنه حارب الريع السياسي والاقتصادي الذي يستفيد منه المرتزقة؟.
أين كان معالي الوزير حين سجن طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية ظلما وعدوانا، لمجرد انهم دافعوا عن أفكارهم وحقهم في التعليم والتحدث بلغتهم الأم؟.
أين الأستاذ الرميد مما يقع الآن على سواحل بلده من هجرة غير شرعية؟ وما هو جوابه عن مصير ضحايا العيش الكريم؟.
أقول للسيد مصطفى الرميد صديق حامي الدين، إن مسؤوليتك معالي الوزير هي أن تحمي المواطن من التعسفات، لا أن تحمي صديقك باستعمال التعسف، لكشف حقيقة هي من مسؤولية القضاء.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵉⵍⵍⴰ ⵉⵊⵊⵉⴳ ⵉⵏⵇⵇⴰⵏ
Illa Ijjig inqqan
صرخة العدد 215/دجنبر 2018/2968 – جريدة العالم الأمازيغي