صرخة العدد 216/يناير 2019/2969

إن احتفالنا بالسنة الامازيغية الجديدة 2969، هو احتفال واحتفاء واستحضار للقيم الإنسانية من تسامح، تضامن، صدق، أمن/امان، عدل/عدالة، مساواة، تآزر، حب … ثم الارتباط بالأرض.

ومن منطلق تلك القيم التي ندافع عنها من خلال نضالاتنا اليومية، عبرت عن تضامني مع السيدة النائبة البرلمانية، أمينة ماء العينين، ليس لصفتها ولكن لذاتها كامرأة، ونحن جميعا نعرف جيدا ما تعاني منه المرأة في مجتمعاتنا الحالية، بعد أن كانت في السابق تعلي عروش الممالك الأمازيغية في شمال إفريقيا.

كثيرون هم من اتصلوا بي عند ابدائي تضامني مع السيدة أمينة ماء العينين البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، مبدين استغرابهم عن دواعي وأسباب ذلك التضامن وكان جوابي آنذاك هو أنني احترم اختيارها وحقها في أن ترتدي ما تريد أينما ووقتما ارادت، كما صدقت روايتها في أن تلك الصور مفبركة وانها مقصودة بحملة لتشويه سمعتها، ولو أن الصور لم يكن بها ما يشوه السمعة، وبأن الصور مفبركة، وتتوعد من نشرها بالقضاء وتتهمهم بالتزوير والكذب والافتراء عليها.

لكن، لم تمر أيام قليلة، حتى اعترفت السيدة أمينة بحقيقة الصور ولو بطريقة غير مباشرة، بعد لقائها بـ «الزعيم» عبد الإله ابن كيران الذي شفع لها وغفر لها الذنب الذي اقترفته، وكأنها مرّت من غرفة الاعتراف بالكنيسة، بعد أن طالبت المغفرة والصفح ، والغريب في الأمر أنها، أي أمينة ماء العينين بمجرد ما أن نالت الصفح من «الشيخ» ابن كيران، استردت قوتها أو بالأحرى «وقاحتها» لضرب كل من تضامن معها ووقف بجانبها عرض الحائط، وتناست أن واقعة اللباس من غيره مسألة فعلا شخصية وشكلية بل وثانوية، ولكن واقعة الكذب والنفاق اللذين مارستهما السيدة البرلمانية على الناس من إنكار الصور واتهام الآخرين بالكذب والزور هي مربط الفرس.

فالجميع بقصد أو بدونه انجر إلى نقاش ثانوي ومغلوط وهو فعل «التبرج»، ولكن لا أحد ناقش فعل الكذب والنفاق الذي مارستهما السيدة البرلمانية على الناس، فالكذب كما عرفته المعاجم وقواميس اللغة العربية هو «تزييف الحقائق جزئيا أو كليا أو خلق روايات وأحداث جديدة، بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين وقد يكون ماديا ونفسيا واجتماعيا وهو عكس الصدق…» مما معناه أن السيدة البرلمانية بارتدائها الحجاب أثناء الحملات الانتخابية التي فازت من خلالها بمقعدها البرلماني وبمنصب في جهة سوس ماسة، تكون قد مارست تضليلا وخداعا مكشوفين باستعمالها رموزا دينية بغرض تحقيق هدف الفوز في الانتخابات.

كما أن الكذب في الشرع والدين الإسلامي، المرجعية التي تبناها حزب العدالة والتنمية، فعل محرم بل يعد من الكبائر في ذلك يقول الله تعالى: في سورة البقرة «ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون» وفي سورة الحج: يقول عز وجل: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ). ما معناه أنه والان، ظهر كذب السيدة البرلمانية وظهر كذلك تزويرها للحقائق، فكيف يمكن للمواطنين أن يثقوا بها وبوعودها مرة أخرى، ممّا يفرض في هذه الحالة، انسحابها بشرف أو استقالتها أو إقالتها من البرلمان، أولا، لأنها انتحلت صفة غير صفتها الأصلية واستمالت الناخبين وكذبت عليهم باستعمالها رموزا دينية وهو «الحجاب»، ثانيا، يجب اقالتها من المجلس الأعلى للتعليم، لأنه لا يعقل أن يترك مصير تعليم وتربية ابنائنا بين يدي من يكذب ويزور وينافق وهي كلها صفات منبوذة في المربي والمعلم فبالأحرى في من يقرر في السياسة التعليمية والتربوية للناشئة، لأن فاقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه حتى ولو أراد ذلك.

إن السياسة الحربائية إن جاز التعبير، التي يمارسها الحزب «الإسلامي» والذي يقود التحالف الحكومي، تستدعي منا فعلا الفضح والتصدي، ووضع حد لاستغلاله السياسي للدين والأخلاق للحصول على مكاسب وأهداف سياسية ضيقة، وعندما نقول الفضح فنحن لا نعني به أبدا النبش في الحياة الخاصة لأعضائه، بل فضح هذا النفاق وهذه الازدواجية التي يتعاملون بها للحصول على المكاسب السياسية والمادية وكأنهم أعضاء في العشيرة والقبيلة وليس مناضلين في حزب سياسي وأعضاء في الحكومة.

فآسفة مرة أخرى عن اعتذار نابع عن قناعة فكرية ونضالية.

وقديما قال الحكيم:

ⵜⵉⴽⵔⴽⴰⵙ ⵣⵓⵏⴷ ⵜⴰⵣⵣⵍⴰ ⴳ ⵓⵣⵓⵔ
Tikrkas zund tazla g uzur
الكذب كالجري فوق السطح

صرخة العدد 216/يناير 2019/2969 – جريدة العالم الأمازيغي

اقرأ أيضا

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 287 دجنبر 2024/2974

الصحراء المغربية ليست مجرد امتداد جغرافي يربط شمال المغرب بجنوبه، بل هي ذاكرة حية وشاهد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *