صرخة العدد 217/فبراير 2019/2969

يقال «إن كنت في المغرب فلا تستغرب» فأكيد أن قمة الإستغراب بل أن قمة البؤس الفكري والنفاق السياسي والعمى الإيديولوجي والازدواجية في الخطاب، هو أن تجد وزير التعليم وهو من حزب الحركة الشعبية، الحزب الذي يتشدق بدفاعه عن الليبرالية، ينظر لملف التعليم بشعارات ديماغوجية تدغدغ المشاعر وتلعب على أوتار العاطفة وفي المقابل تجد أبناءه يتلقون تعليمهم في البعثة الفرنسية مقابل إقصاء أبناء الشعب ممّن لا يملكون ما يدبرون به حتى تعليمهم العمومي، من تعلم اللغات الأجنبية ودراسة العلوم باللغات كالفرنسية والإنجليزية ومسايرة ما وصل إليه العالم اليوم من علوم وتكنولوجيا، إنه منتهى الظلم والحقد ومعادة الأجيال الصاعدة من أبناء وبنات المغرب.

ألم يحن الوقت بعد أن نصرخ بصوت مرتفع ونعترف بأن سياسة تعريب التعليم والإدارة التي أتى بها حزب الاستقلال منذ ستينيات القرن الماضي، لم تعد صالحة في القرن الحالي، بالرغم من استمرار إصرار أمينه العام السيد نزار بركة، الذي خبر المؤسسات الإدارية والاقتصادية وتلقى تعليمه وفق المناهج التعليمية الفرنسية وتلقى دراساته الجامعية بالمعاهد والجامعات الأجنبية، على اعتبار تدريس العلوم التطبيقية باللغات الأجنبية «جريمة» في مقابل حرسه هو وباقي مناضلي الأحزاب السياسية، التي تساند تجريم تعلم المواد العلمية باللغات الأجنبية، نساءا ورجالا على أن يتابع أبناؤهم دراستهم بالمدارس الفرنسية، لأبنائهم من الجيل الثاني وبالبعثات الأمريكية، التي استقرت مؤخرا بالمغرب بمباركة من هذه العائلات، لأبنائهم من الجيل الثالث.

وعلاقة بنفس الموضوع نجد وزيرا آخر وهو السيد عبد الكريم بن عتيق، الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، المحسوب على الاشتراكية والحداثة واليسار هذه المرة، لا يختلف عن سابقيه لأنهم ببساطة كلهم من أحزاب نهلت ومازالت تنهل من نفس المرجعيات الاقصائية الأحاديية ذلك أن وزارته تعمل على تعريب ما تبقى من أبناء الشعب في المهجر، عبر أقسام تدريس اللغة العربية لأبناء الجالية وعبر دروس ما يسمى بمحو الأمية للكبار في إقصاء تام للأمازيغية من لغات التدريس التي يتلقاها هؤلاء، إلا أن التركيز على اللغة العربية كلغة وحيدة لربط هؤلاء بالوطن لا يزيدهم إلا اغتراب هوياتي ويعمق لديهم أزمة الهوية.

مع أن مساهمات أبناء الجالية، وأغلبهم أمازيغ، في الاقتصاد الوطني، يفوق عدد مداخيل الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوربي في مثل هذه البرامج.

إن سياسة تعريب التعليم هي من ساهمت في فشل المنظومة التعليمية بكل جزئياتها، والمراتب المتدنية التي يتربع عليها المغرب في سلاليم التنمية والصحة والتعليم والاقتصاد لخير دليل على فشل هذه السياسات، والاستمرار في نفس المخطط يعد جريمة بل ومؤامرة يراد منها دق آخر مسمار في نعش المنظومة التعليمية في بلادنا للأسف.

وقديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵉⵜⵛⴰⵏ ⵜⴰⵖⴰⵎⵜ ⵏⵏⵙ
ⵢⵉⴷⴷⵔ ⵉ ⵡⴰⵍⵍⵏ ⵏⵏⵙ

Wanna itcan tavamt nns 
Yiddr i walln nns

صرخة العدد 217/فبراير 2019/2969 – جريدة العالم الأمازيغي

اقرأ أيضا

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 285 أكتوبر 2024/2974

يمتاز المغرب بتاريخ عريق وطويل تعكسه الإكتشافات الأثرية المتنوعة التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *