صرخة العدد 219/أبريل 2019/2969

احتضنت مدينة مكناس، في الفترة ما بين 16 و21 أبريل الجاري، النسخة الرابعة عشر للمعرض الدولي للفلاحة، الذي اختير له هذه السنة شعار «الفلاحة، رافعة للتشغيل ومستقبل العالم القروي».

واستعرض المغرب على مدى أسبوع قوته وتنوع منتوجاته الفلاحية التي يشهد الجميع بأهميتها. وأجمع المشاركون والعارضون والضيوف على أن المعرض حقق نجاحا باهرا على مستوى التنظيم وعلى مستوى القيمة الاقتصادية للبلاد، بحيث أصبحت الفلاحة بالفعل كما كان يراد لها قبل سنوات رافعة الاقتصاد الوطني بامتياز.

ووضع المعرض التشغيل على رأس انشغالاته، في سياق متسم بالرغبة في تشغيل الشباب وإحداث طبقة وسطى في العالم القروي.

لكن، بالموازاة مع استعراض المغرب لقوته الفلاحية وتناميها واعتراف المنظمون بمكانة القطاع الفلاحي في الرقي بالاقتصاد الوطني، وبضرورة تشغيل الشباب والإهتمام بهم، تقوم جهات داخل الدولة باستعراض عضلاتها الأمنية وقبضتها الحديدية التي تسيء للمغرب وتجر عليه انتقادات واسعة من مختلف المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وهذا ظهر في الأحكام التي أيدتها غرفة الجنايات الإستئنافية بمحكمة الإستئناف بالدارالبيضاء في حق معتقلي الحراك الشعبي الذي عرفته منطقة الريف.

هؤلاء المعتقلون الأبرياء الذين أجمعت كل التنظيمات الحقوقية الوطنية والدولية على براءتهم من كل التهم التي وجهت لهم، وأجمع الكل على أن نضالهم كان سلميا ومطالبهم كانت عادلة ومشروعة يضمنها القانون والدستور، وأن لا علاقة لنضالهم واحتجاجاتهم، التي استمرت لأشهر دون تكسير ولو زجاجة واحدة، بالتهم الثقيلة التي وجهت إليهم من قبيل «زعزعة استقرار الدولة، التآمر على النظام، تلقي أموال خارجية والإنفصال..».

إلا أن الذي تجهله الدولة أو تتجاهله هو أن مثل هذه القرارات وهذه الأحكام القاسية الانتقامية بل والجائرة في حق خيرة أبناء الريف، وهذا السخط العارم الذي نتابعه يوميا من طرف كافة أبناء وبنات هذا الوطن والمعاناة التي يقاسيها أبناء وبنات وعائلات المعتقلين، هي من تزعزع أمن الدولة و سلامتها عن وعي أو عن غير وعي، لأنها بمثل هذه الأحكام الجائرة تعمل على الابتعاد سنوات ضوئية عن الدولة أو الوطن الذي يحلم به الشباب المغربي.

وعوض أن تعمل الدولة على ترسيخ مبدأ التضامن بين المواطنين، هاهي تزرع بوادر التفرقة بينهم، لأنه لا يعقل أن تسجن المئات من الشباب ومن منطقة واحدة، في حين تترك المجرمون والمفسدون واللصوص وناهبي المال العام، يعيثون في الأرض فسادا ونهبا للثروات وخيرات المغاربة، وهذا لا يمكن وصفه إلا بالانتقام من منطقة بعينها ألا وهي الريف العزيز، الريف الذي قدم الآلاف من الشهداء والمعتقلين في سبيل حرية الوطن والتحرر من الإستعمارين الفرنسي والإسباني، وقدموا ثمنا باهظا في سبيل ذلك، وإلى اليوم يؤدون ضريبة الإستقلال من خلال إصابة أغلب العائلات الريفية بالمرض الخبيث الذي خلفته الغازات السامة التي ضربوا بها بسبب مقاومتهم للمستعمر.

الريف أعطى خيرة أبناء هذا الوطن من أساتذة جامعيين ومحامون وأطباء في جميع التخصصات ورجال أعمال شرفاء، وليس بغريب عن هؤلاء أن يتصدروا أعلى المراتب لأنهم في زمن معين أحسوا بالذل وبالحيف وبالتفضيل بينهم وبين باقي المواطنين، فعملوا واجتهدوا ونالوا شواهد وأثبتوا أنهم قادرون، وهذا ليس بغريب عنهم وهم أبناء وحفدة أبطال جيش التحرير الذي حرر المغرب من الإستعمارين الفرنسي والإسباني.

نعم المغرب يتمتع بخيراته الطبيعية والفلاحية والمعدنية والبحرية… ولكن، ينقصه حب الإنتماء لهذا الوطن والافتخار به واحتضانه، فالشعوب تطلب من أوطانها أن تحتضنها، أما نحن، فيستنجدنا الوطن لكي نحتضنه، وشتان بين أن تحتضن الوطن وبين أن يحتضنك.

وقديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵓⵔ ⴰⴽ ⵉⵙⴽⵉⵔ ⵛⵔⴰⵄ ⴰⴷ ⴷⴰⵔⴽ ⵉⵍⵉⵏ ⵉⵔⴰⵎⴰⵏ ⵓⴽⴰⵏ ⴰⴷⵊⴰⵔ ⵏⵏⴽ ⵓⵔ ⴰⴽ ⵉⵟⵟⵉⴼ ⵜⴰⴼⵓⵍⵍⵉⵙⵜ

Ur ak iskir cra3 ad dark ilin iraman ukan adjar nnk ur ak iTTif tafullist

صرخة العدد 219/أبريل 2019/2969 – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 280 ماي 2024/2974

إن واقعة توقيف فريق نهضة بركان، وحجز أمتعته بمطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية، أعادت إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *