في خضم النقاش الرائج والدائر والمستمر، عقب قراري بالانضمام لحزب التجمع الوطني للأحرار، وكذا انضمام عدد من الفعاليات الأمازيغية للأحزاب السياسية، والاقتناع بالعمل من داخل المؤسسات القائمة، بما فيها وما عليها، وفي أحد الحوارات التي أعقبت هذا النقاش، طرح علي زميل يشتغل في أحد المنابر الإعلامية، سؤالا مباشرا يتعلق بـ “المراجعات الواجب اتخاذها لإعادة بناء حركة أمازيغية ذات توجه ديمقراطي؟”.
وكان جوابي، وتفاعلي مع الزميل، أن الحركة الأمازيغية تعتبر منذ نشأتها حركة ديمقراطية بامتياز، وأن الدولة المغربية هي من يجب عليها أن تقوم بمراجعات لمرجعياتها وسياستها لبناء مغرب يتسع للجميع. واليوم أظن أن الدولة بدأت فعلا في ذلك، أي في القيام بمراجعات ولو بخطى ثقيلة، بالرغم من أن هذا البناء المنشود الذي وضع جلالة الملك محمد السادس، كما العادة، أسسه من خلال خطابه الشهري بأجدير سنة2001، وخطاب العرش لنفس السنة مرورا بالظهير المؤسس للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ثم خطاب 9 مارس 2011 وما تلاه من ترسيم الأمازيغية في دستور 2011. واليـوم، ما يجب فعله، هو اقتداء الأحزاب السياسية واللوبي المحافظ داخلها وخارجها بجلالة الملك قي كسر عقدة الأمازيغية والمصالحة مع التاريخ المغربي ومع مجاله الترابي.
وفي هذا الصدد، يمكن ربط هذا السؤال مع سؤال آخر يؤرق بلادنا، وهو سؤال التنمية. لأن السؤال الذي يجب طرحه ونحن بصدد النقاش حول النموذج التنموي، هو لماذا لم نصل بعد إلى إيجاد نموذج تنموي مقنع؟.
في اعتقادي، الجواب بسيط، مفاده أننا في كل مرة نجانب الصواب في طرح السؤال حول النموذج التنموي الذي نريده، كما نفتقد إلى الجرأة في طرح المشاكل وتشخيص الأوضاع، ليتسنى لنا إيجاد حلول ناجعة وعملية وعلمية. كما أجزم أنه لا يمكن اقتصار التنمية في البنيات التحتية من طرق سيارة وسدود ومستشفيات عمومية متطورة ومؤسسات ديمقراطية في إغفال تام للإنسان الذي يجب أن تتمحور حوله هذه التنمية ببنائه بناءا محكما، إنسان واعي بحقوقه وواجباته.
ولكن هكذا إنسان لا يمكن وجوده إلا في ظل سياسة تعليمية تحترم لغاته بمناهج تعليمية جيدة ومتطورة تعتمد في مضامينها على القيم الأمازيغية المبنية على احترام حق الحياة والمساواة بين الجنسين والتضامن بين الضعيف والفقير وتكافؤ الفرص في التعليم والشغل والصحة وغيرها من قيم إنسانية تربطه بواقعه اليومي ليستشرف، غدا، مستقبلا جميلا.
كما يجب أن نتبنى سياسة ثقافية تحترم هوية الإنسان وتاريخ أجداده، ليمتلك مقومات شخصية قوية متجذرة في تربة بلده لن تهزها لا رياح الغرب ولا رياح الشرق. وقوانين تغرف من الأعراف الأمازيغية التي تجاوزت في قيمتها وفي قيمها المواثيق الدولية، قوانين تتلاءم مع الخصوصية المغربية تحترم آدميته وتربيه على احترام ذاته والمجال الذي يتواجد فيه ومن ثم احترام غيره.
لكن، لا أظن أن هذه التنمية سوف تتحقق في ظل غياب الحس الوطني، بمعنى غياب إدراك معنى الوطن والإحساس بالوطن بمعنى الشعور والتفاعل مع قضايا الوطن، وهي مشاعر يمكن إجمالها في “تمغربيت” التي تعني الذوبان إلى حد التماهي مع أرض وقضايا وطننا، لا مع أوطان الغير.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⴰⴳⴳⵯⵔⵏ ⵏⵏⴽ ⵓⵔ ⵜ ⴰⵏⵏⴰⵢⵖ, ⴰⴳⴳⵯⵓ ⵏⵏⴽ ⵉⵙⴷⴷⵔⵖⵍⵉⵢ
Aggwrn nnk ur t annayɣ, aggwu nnk isddrɣliy
طحينك ما رأيته ودخانك أعماني
صرخة العدد 241 فبراير 2021/2971 – جريدة العالم الأمازيغي