صرخة العدد 277 فبراير 2024/2974

أثارتني بعض الردود “الغاضبة” من تصريحات الناخب الوطني المغربي، السيد وليد الركّراكّي، أثناء تدخله في ندوة صحفية، انعقدت بمناسبة دورة كأس إفريقيا لكرة القدم الأخيرة، التي جرت أطوارها أخيرا بالكوت ديفوار. فالناخب الوطني عبر فيها عن رأيه على أن فريقه لا يمثل سوى بلده المغرب، وأنه حامل للقميص الوطني ليس إلا، وما دون ذلك غير معتد به في مثل هذه المباريات. بالإضافة إلى أن المجموعة الوطنية شاركت باسم المغرب الذي تلعب له ومن أجله. إنها تصريحات، أراد الركراكي من خلالها تصحيح الأخطاء الواردة في كثير من التعليقات المجانبة للصواب، والمتعلقة بانتماء الفريق الوطني لمجال بعيد كل البعد، ولا علاقة له به. وليؤكد مرة أخرى تصريحاته السابقة بشأن القارة التي ينتمي إليها، والبلد الذي يمثله، والقميص الذي يلعب من أجله، والعلم الوطني الذي يحمله بين وجدانه قبل يديه.

فالجميع يعلم أن كرة القدم تعتبر في محافل رياضية قارية لعبة شعبية عالمية، لعبة تتوحد فيها مشاعر كل محبيها، وكل شعوب الأرض باختلاف ألوانهم وأجناسهم وأعراقهم، وهي لعبة من المفروض فيها أن تناهض كل أنواع التمييز والتفرقة والعنصرية المبنية على أساس العرق أو اللون أو الجنس.

تأكيد الناخب الوطني لتصريحاته السابقة، والتي ما لفت يكررها في كل مرحلة من مراحل كأس العالم، وكان آخرها دورة قطر، بأن “أسود الأطلس”، أي المنتخب الوطني المغربي يمثل أولا، المملكة المغربية التي ينص دستورها على بعدها المغاربي الإفريقي، وماهي إلا تعبير من الرجل عن نضج معرفي عال لذاته ولتاريخه ولهوية بلاده.

لقد تعودنا للأسف عند كل تذكير وإعلان بمن نكون حقيقة، وليس تملقا للشرق أو الغرب، فأن تخرج بعض الأصوات النشاز التي لا تزال تعيش في “جلباب العروبة” من أيتام حزب البعث وإخوان المسلمين لتهاجم، من يخالفه الرأي ويتمسك بوطنيته، في اغتراب هوياتي واستلاب ثقافي “فضيع”، فهو السبب الذي يجعلنا ندق ناقوس الخطر إزاء هاته الأصوات “النشاز” التي تفضل “الإنتماء العرقي” للمشرق ضدا على الوطن الأم المغرب.

فأن تخرج أصوات تعيش بيننا، وفي وطن حسم في انتمائه الهوياتي والجغرافي واللغوي، منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، في دستوره وفي قوانينه، وبإرادة قوية من ملك البلاد ضامن وحدتها، فهو تصرف لا يمكن اعتباره إلا سبة وضرب في سلم وتماسك المغاربة، وارتباطهم بوطنهم الأب وأرضهم الأم، التي تسع للجميع في احترام تام لخصوصياتنا المجالية وتعدد لغاتنا وتنوع ثقافتنا وكلها فسيفساء تمثل “تامغربيتنا”.

إن ردود الأفعال هذه، تعبر بشكل واضح على وجود خلل في منظومة التعليم، التي إلى حدود الأن لم تستطع أن تؤطر المواطن المغربي، وتضعه في صلب ثقافته وهويته ليعتز بتاريخه وبانتمائه. نفس الملاحظة يمكن تسجيلها فيما يخص البرامج الإعلامية من مسلسلات وأفلام وثائقية، وحملات تحسيسية، تؤطر المواطن، وتضعه في صلب اهتمام الدولة، وبرامج ترفيهية للصغار والشباب، تعبر عن واقعهم، بعيدا عن الاستيلاب الثقافي، الذي يتعرضون له بسهولة في كل نقرة على الهاتف، أو نقرة على جهاز التحكم في التلفاز عن بعد.

وقديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵉⵢⴹⴰⵏ ⵍⵍⵉ ⵓⵔ ⴽⵙⵙⴰⵏⵉⵏ ⴰⴷ ⵉⵙⵅⵚⴰⵔⵏ ⵡⵉⵍⵍⵉ ⴽⵙⵙⴰⵏⵉⵏ

وهو ما يعني أن: الكلاب التي لا تحرس الغنم هي التي تغرر بالحارسة لها

صرخة العدد 277 فبراير 2024/2974 – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 278 مارس 2024/2974

المرأة نصف المجتمع، إن لم تكن المجتمع كله، نقول هذا الكلام ليس اعتباطا، بل استنادا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *