أصبح لـ “صقر إليونورا” أو “أفالكاي” ( أي طائر جميل باللغة الأمازيغية)، الرمز الإيكولوجي الحقيقي لحاضرة الرياح، مهرجان خاص به، ينظم بشكل أساسي للاحتفال بهذا “الطائر الجارح” الصغير والمساهمة في تثمينه والحفاظ عليه.
ويشكل هذا الطائر المحارب، الذي يحمل اسم “إليونورا دي أربوريا”، والذي وضع القوانين الأولى لحماية الطيور الجارحة في أوروبا، تراثا بيئيا بامتياز لأرخبيل موكادور.
وتحتضن جزر الصويرة، مع وجود 1500 زوج يعشعش بها كل عام، أهم موطن عالمي لصقر إليونورا، مما يجعل من هذا الأرخبيل أول ملجأ دولي لهذا الطائر الاستثنائي ونموذجا للحفاظ على هذا النوع في جميع أنحاء العالم.
ويعد هذا النجاح ثمرة سنوات من العمل والحفاظ الفعال من قبل علماء، والوكالة الوطنية للمياه والغابات، مدعومين بالتعاون الذي يجمعهم مع منظمات وطنية ودولية.
وتوخى مهرجان “صقر إليونورا”، الذي نظم في الفترة بين 21 و23 أكتوبر الجاري، على الخصوص، من قبل مجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب، ومبادرة الجزر الصغرى للمتوسط، وجمعية “موغا غرين”، والوكالة الوطنية للمياه والغابات، بدعم من عدة شركاء، تثمين وإدامة نجاح الحفاظ على هذا النوع من الطيور.
وهدفت سلسلة الأنشطة المقترحة، خلال هذه الدورة الأولى، تعبئة مختلف الفاعلين المحليين وإخبار وتحسيس المواطنين وزوار حاضرة الرياح بأهمية الحفاظ على هذا التراث البيئي الاستثنائي.
وشكلت هذه التظاهرة مناسبة لتبادل الآراء، أثناء مختلف اللقاءات المنظمة خلال هذه الدورة الأولى من المهرجان، كما تميزت بمشاركة ثلة من الباحثين والخبراء المغاربة والأجانب جاؤوا لتبادل ومشاركة خبراتهم مع الجمهور، فضلا عن رواية تاريخ هذا الطائر المذهل وخصوصياته المتعددة، من قبيل هجراته، وفترة تزاوجه المتأخرة عن الصقور المهاجرة الأخرى، ونظامه الغذائي وخصوصياته الأخرى.
وقال الباحث عبد الجليل قنينبة، في معرض حديثه خلال هذه الدورة الأولى للمهرجان، إن أعداد هذا النوع من الطيور شهدت، بعد مرحلة تراجع خلالها الصيد الجائر والإزعاج، زيادة مستمرة ومنتظمة .
وأوضح الخبير أنه في غضون 40 عاما، تضاعفت أعداد هذا الطائر بحوالي 30 مرة، أي من حوالي خمسين زوجا في عام 1980 إلى 1500 في عام 2021.
ويتكاثر “صقر إليونورا”، المستوطن بالجزر، بشكل رئيسي، في البحر الأبيض المتوسط ومع وجود ثلاث مستوطنات فقط على ساحل المحيط الأطلسي (أرخبيل موكادور وأرخبيل جزر الكناري والمنحدرات الساحلية شمال مدينة سلا).
وبدأت المواكبة العلمية لأعداد طائر “أفالكاي” كجزء من مبادرة الجزر الصغرى للمتوسط، في إطار مبادرة مشتركة بالمغرب بين الوكالة الوطنية للمياه والغابات و”le Conservatoire du Littoral” (فرنسا).
وتكفل المعهد العلمي للرباط ومعاونيه بهذه المواكبة منذ عام 2010 بدعم من مبادرة الجزر الصغرى للمتوسط.
ويتم تسجيل العديد من المحددات الديموغرافية في كل موسم تكاثر (يوليوز-شتنبر)، مما يوفر معلومات عن حالة هذا النوع من الطيور الصحية وتطورها بمرور الوقت.
وتوخت الدورة الأولى لهذه التظاهرة، التي نظمت تحت شعار “الصويرة المأوى المحمي لصقر إليونورا”، تثمين نتائج أعمال خبراء علم الطيور، والمتدخلين الذين يساهمون في الحفاظ على هذا الطائر.
كما شكل المهرجان فرصة للتبادل بين صناع القرار على الصعيدين الوطني والمحلي، والجهات الفاعلة في المحافظة على هذا النوع من الطيور ومحيطه وموائله، من أجل تحديد الوسائل التي يتعين تفعيلها لتثمين وإدامة الحفاظ على هذا التراث الفريد من نوعه.
واقترح المنظمون، خلال هذه الدورة الأولى، سلسلة من الأنشطة للإخبار والتحسيس لفائدة الفاعلين المحليين والسكان والصيادين والزوار حول هذا النوع، وأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية للصويرة، وجزرها وساحلها.
وشمل برنامج المهرجان تنظيم ندوات ومعارض للرسم والتصوير الفوتوغرافي وأنشطة مراقبة الطيور، ودروس في الرسم وزيارات إيكولوجية إلى مواقع محيطة بالصويرة.
بقلم: محمد كورسي