عن دار “بدوي” للنشر والتوزيع بألمانيا، صدرت للكاتب المغربي سعيد بودبوز مجموعة قصصية جديدة بعنوان “صلاة الحاج عماد“. تتألّف من 148 صفحة، وتضمّ 19 قصة قصيرة.
وتأتي هذه المجموعة بعد مرور نحو أربعة أشهر على صدور رواية “أنثى بوگافر” لسعيد بودبوز عن نفس المؤسسة، وهي دار بدوي للنشر والتوزيع بألمانيا.
لقد اعتمد الكاتب في هذه المجموعة سرداً سيريالياً تتلاشى أمام شخوصه حدود المنطق والعقل كطريقة جديدة لإبراز الواقع المارق الذي كثيراً ما يكون فوق العقل وخارقاً للمنطق، لكنه يظل، على الرغم من ذلك، واقعاً. بمعنى أنّ هذه المجموعة القصصية تحاول إبراز الحالات التي يكون فيها الواقع نفسه خرافياً لا يمكن استيعابه، ولكنا رغم ذلك نعيشه، حيث أنّ الواقع لا يكون دائماً معقولاً، بل كثيراً ما يفوق العقل والخيال معاً.
وعلى هذا الأساس نشب الخلاف بين الحاج عماد وزوجته عندما نهض الحاج من نومه وصلى الفجر، حيث نبهته زوجته فدوى إلى أنه كان يجب أن يصلي المغرب وليس الفجر، لأنّه استيقظ في وقت المغرب بعدما أخذه النوم منذ العصر. لكن الحاج عماد أصرّ على أنّ الوقت هو وقت الفجر، بينما أصرّت فدوى على أنه وقت المغرب، واشتدّ الخلاف بينهما إلى حد الطلاق، وهكذا يغوص شخوص وأحداث القصة في دوامة لولبية محيّرة.
كما نقرأ مثلاً في قصة “سجين مخضرم” عن مدير للسجن، ولكن لن تنتهي القصة حتى يتضح لنا بأعجوبة أنّه سجين في الواقع ومدير للسجن في الخيال فقط !.. هو سجين بمعتقل “تازمامرت” في الماضي والواقع، لكنه مدير للسجن في الحاضر والخيال.
وفي قصة “الأستاذ السابق”، نجد أستاذاً مسجّى على الرصيف وقد مات. لكن حين يأتي رجال الشرطة، يتفاوضون مع جثمانه ويتمكّنون من إقناعه بأنه مازال على قيد الحياة، فيقوم الأستاذ ويعتذر لهم عن الإزعاج قائلاً بأنّ أحد المسلحين قد صوّب إليه مسدساً، فلم يكن من حضرة الأستاذ إلا أن خرّ ميتاً في الوقت الذي ظنه مناسباً للموت. بمعنى أنه امتثل للرصاصة التي لم تُطلق عليه أصلاً، ولكن لأنه ظّنّها أصابته، فقد عبّر عن موته بصدق وأمانة.
في قصة “سقوط شعيب”، يهرب الراعي بقطيعه من الرعد، ويلتقي في طريقه بمجنون معروف عنده يُدعى شعيب، وبينما يتجاذبان أطراف الحديث دون أن يتوقفا عن الركض، يتعثر شعيب ويسقط سقوط غرناطة كما جاء في وصف حالته. يحاول الراعي إسعافه، ثم يستيقظ في المستشفى ليتبّين له ولمن حوله بأنّه لم يكن سوى المجنون شعيب ذاته، وأنه هو من سقط، وهو من تم أخذه إلى المستشفى !.
وفي قصة “آكل الهراوات” يُصاب البطل بإحباط كبير، لأنّ ابنة جيرانه رقية قد اختفت من القرية منذ أقدم كلب على عضها، والذي خافت عائلة رقية أن يكون مسعوراً فذهبوا بها إلى المستشفى، لكنها تأخرت كثيراً وما عاد البطل يطيق غيابها، غير أنّ رقية حينما عادت وتتسلل البطل إلى نافذة غرفتها ليلاً ليكلمها، فاجأته بالغضب والطرد وهي تقول بأنها ما تزال لم تُشفَ من عضته، وهكذا يتضح للبطل بأنّه في الواقع هو نفسه الكلب الذي عضّ رقية !.
أشتاق لنسخة من مجموعة : صلاة الحاج عماد و نسخة أخرى لأنثى بوكافر