أكد صندوق النقد الدولي أن العواقب المالية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19 ستؤدي إلى زيادة كبيرة في عجز المالية العامة ونسب الدين العام مقارنة بالتوقعات السابقة.
وأفاد تقرير “الراصد المالي” الصادر عن المؤسسة المالية الدولية أنه في ظل تراجع الناتج، تنخفض الإيرادات بحدة أكبر إذ يتوقع السيناريو الأساسي لسنة 2020 أن تقل الإيرادات بنسبة 2,5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي عن توقعات سنة 2019، مشيرا الى أن المالية العامة ستتحمل تكاليف مباشرة أيضا بسبب النفقات الصحية الضرورية والإجراءات المتعلقة بالضرائب والإنفاق لدعم الأفراد والشركات، وتقدر هذه التكاليف حاليا بنحو 3,3 تريليون دولار على مستوى العالم.
وسجل التقرير الذي يناقش دور سياسة المالية العامة في إنقاذ الأروح، وحماية الأفراد والشركات الأكثر تضررا من خسارة الدخل والبطالة والإفلاس، أنه بالرغم من أن قروض القطاع العام وعمليات ضخ رؤوس الأموال المساهمة (1,8 تريليون دولار أمريكي) والضمانات وغيرها من الالتزامات الاحتمالية (2,7 تريليون دولار أمريكي) يمكن أن تدعم المؤسسات المالية وغير المالية، إلا أنها تخلق مخاطر على المالية العامة.
وتتوقع المؤسسة المالية الدولية ،في ضوء استجابات السياسات حتى الآن، أن تتراجع أرصدة المالية العامة سنة 2020 في كل البلدان تقريبا، مع حدوث توسع مالي كبير في الولايات المتحدة والصين، وعدة اقتصادات أوروبية وآسيوية أخرى، موضحة أن الزيادة الكبيرة في العجز هذا العام وإن كانت أمرا ضروريا وملائما بالنسبة لكثير من البلدان، فإن هناك مواطن ضعف يفرضها الوضع المبدئي في بعض الحالات (إذ إن الدين العام العالمي بلغ 83 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في سنة 2019).
كما أن الموقف يثير قلقا أكبر ، وفقا لصندوق النقد، في حالة اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي تواجه صدمات متعددة تشمل فضلا عن الجائحة، التدهور المفاجئ في أوضاع التمويل، وضعف الطلب الخارجي، وكذا انخفاض أسعار السلع الأولية بالنسبة للبلدان المصدرة لها.
وأكد التقرير أنه حتى بعد جهود المجتمع الدولي لتخفيف هذه القيود التمويلية، فسيكون على هذه البلدان إعادة ترتيب أولويات الإنفاق بالتركيز على القطاع الصحي، مع حماية الخدمات العمومية الأساسية (النقل والطاقة والاتصالات والحماية الاجتماعية).
وبخصوص حالة عدم اليقين السائدة في الراهن بشأن مدى تأثير جائحة كوفيد-19 على الماليات العامة، أكد التقرير أنها لن ترتهن بمدة الجائحة فقط بل تعتمد أيضا على ما إذا كان الاقتصاد سيتعافى بسرعة أم أن الأزمة ستلقي بظلالها لفترة أطول، مشددا على أنه في ظل اتساع نطاق دعم القطاع العام بشكل استثنائي ، بما في ذلك استخدام أدوات كالقروض والضمانات، فإن للشفافية أهمية بالغة في إدارة المخاطر التي تتعرض لها المالية العامة.
واعتبر التقرير أنه بإحراز البلدان لتقدم في احتواء الجائحة وإنهاء الإغلاقات، سيصبح التحفيز المالي المنسق على نطاق واسع ،تبعا لقيود التمويل في كل بلد ، أداة أكثر فعالية في تعزيز التعافي و “سيكون من الملائم إيقاف العمل بالإجراءات الاستثنائية المطبقة أثناء الأزمة وتحقيق تقدم في ضمان بقاء الدين في حدود يمكن تحملها بمجرد تعافي الاقتصادات”.