ما ان ينقضي الموسم الدراسي في المدارس الحكومية الرسمية مع الارتفاع الاول لدرجات الحرارة، ودخول فصل الحصاد “تامگىرا”،( اغلب التلاميذ ينقطعون عن الفصل قبل حلول نهايته القانونية، قصد التوجه الى العمل في حقول الحصاد، والتنگيل والدرس و الروا، وأساي ن واليم)، في حقول” تگانت”، والزور وغيرها من اراضي القبيلة، وهنا يسارع تلاميذ مستوى الاعداي والثانوي الزمن، للحصول على أكبر قدر ممكن من فرص الشغل الموسمية، ومنهم من يخيط النهار بالليل قصد توفير مبالغ مالية لمتابعة مسارهم الدراسي ، وبعد انقضاء موسم الحصاد والدرس تبدأ العطلة الصيفية الحقيقية بتنظيم دوري لكرة القدم، غالبا ما تتوج به فرق متمرسة مثل رجاء اخربان، ووفاء تين حموش، والنجم الرياضي لتاسيلا…
اما بالنسبة للتلاميذ من الذين مازالوا في طفولتهم الأولى، فتمزكيدا وعصا الفقيه الخشبية الطويلة في انتظارهم (لطالما تمردت على تلك العادة، ونالني منها ما نالني)، مرت الايام وشاءت الأقدار ان اتخصص في العلوم الإنسانية، ومن خلالها اكتشفت زاوية من زوايا قبيلة ماست والتي كانت لها رصيد كبير وتراكم محترم في مجالات التدريس والتعليم العتيق، انها زاوية او الزاويت ن سيدي احمد اگنسوس، وهي اول زاوية بماست وكان تأسيسها على يد الشيخ الجهبذ، محمد اوسليمان أگيزول، او ابي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي كما يحلو اللاخباريين تسميته، وهو صاحب كتاب دلائل الخيرات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. نفعنا الله بعلمه وببركاته آمين. الجزولي كما هو معروف هو شيخ الطريقة الجازولية الشاذلية، واسس عشرات الزوايا في كل ربوع سوس، منها خمس بسوس، وهي زاوية انماي، زاوية اقا، زاوية بورمان بايدا وسملال، وزاية ماست والتي مازالت تحمل اسم الزاويت ن اوگنسوس، كما ينسب اليها مدشر من مداشر ماست ويسمى الزاويت، اي انه محل استقرار اسرة ماسية متعددة وفي نفس الوقت يعتبر موطن ومشهد زاوية الجزولي، الذي خرح منها الى منطقة افوغال ناحية الشياظمة(حد الدرا بالقرب من الصويرة)، وأسس بها زاويته المركزية بعد ان طرده عنصر ينتمي الى احدى القوى المحلية في ماست كان تابعا للمولى إسماعيل، ويبدو ان هذا الحاكم والذي لم تتحدث عنه المصادر والمراجع التاريخية توجس من النفوذ الروحي للزعيم الجازولي وطريقته التي استطاعت اختراق النسيج الاجتماعي لسوس والمغرب عامة، ومن المعروف ان العهد الاسماعيلي عرف انتشار ما اصطلح عليه بمخزنة الزوايا، ومن هنا جاء طرد محمد اوسليمان مخافة استغلال زخم التطورات السياسية السابقة على عهده في ماست.
الحسين بوالزيت
صحفي وباحث في التاريخ.
اقرأ أيضا
الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية
أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …