عزاء في رحيل عبد الرحمان اليوسفي وعلاقته بالخطابي والريف

نقلت وسائل إعلامية مختلفة عن وكالة المغرب العربي للأنباء خبر وفاة المعارض السياسي السابق ورئيس الوزراء في حكومة التناوب، المحامي والزعيم السياسي الوطني ومؤسس حزب الاتحاد الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي. بوفاة هذا الرجل يكون المغرب قد فقد أهم كفاءة وطنية في مجال السياسة والتدبير.

معروف عن الرجل حسه الوطني وانحيازه للطبقات الشعبية ودفاعه المستميت عن قيم العدل والمساواة، وهو الذي صرح ذات يوم قائلا: “رفضتُ أموال الإنصاف والمصالحة ولم أطلب يوما معاشا رغم حاجتي، وتعويضات تنقلاتي كنتُ أحيلها على صندوق التضامن مع العالم القروي“.

الراحل عبد الرحمان اليوسفي. في علاقته بالريف وحكومته:

خصص الفقيد جزءا من مساره العلمي في دراسة تاريخ الريف، لخصه في موضوع أطروحته: “مؤسسات جمهورية الريف”. ومن أهم ما جاء فيها من أفكار نوردها في الفقرات التالية:

أسس الخطابي بما اكتسبه من موارد وشهرة جمهورية الريف التي كان بنفسه رئيسا لها. وقد اتبع تقاليد التراث جاعلا من قبيلته قاعدة لحكمه ولكن من نواح ثانية، كانت جمهوريته الصغيرة مدعومة بتنظيم حديث. وكان المارشال ليوطي على درجة كبيرة من القلق فقد كتب: “لا يمكن أن يكون هناك أخطر على نظامنا من إنشاء دولة إسلامية مستقلة وحديثة على مقربة من فاس”.. لسنا نبالغ إذا جزمنا أن عبد الكريم كان يريد تجهيز الشعب الريفي ببنية دولة تتطابق مع التعريف الغربي للدولة أي مع الواقع الوطني والأممي المؤلف من عناصر ثلاثة: الشعب، الأرض والسيادة“.

ويضيف في شأن طبيعة النظام السياسي الذي أسس له عبد الكريم: “لقد تجلى إبداع الخطابي على الصعيد السياسي في محاولته إيجاد حل لإشكالية الدولة المغربية. فالمغرب في الواقع، كانت قد أنهتكته طيلة قرون، حروب قاسية: بين بلاد المخزن وبلاد السيبة، حروب مريرة قاومت فيها الجماهير المغربية بكل صلابة نظام “المخزن” هذه النسخة المشوهة والفاسدة عن الدولة الإسلامية“.

وفي حديث الفقيد عن تطور المؤسسات الجمهورية، كتب: “كانت ولادة جمهورية الريف نتيجة لمقتضيات حرب التحرير، ولإرادة الجماهير المغربية في صنع مصيرها بيدها. وعرفت القبائل والمقاطعات الريفية ظاهرة الإتحاد الكونفدرالي،.. إن جدارة الخطابي هي في إبتكاره وإستخدامه عملية تأسيس السلطة التي أتاحت دمج القبائل المتفرقة والمتنافرة في دولة ذات سيادة“.

وعن مميزات نظام الحكم عند عبد الكريم الخطابي كتب اليوسفي: “إعتمد أسلوب الحكم، كان يرأس في العاصمة(أجدير) إجتماعات شهرية للقواد وللقضاة ولمسؤلي السجون بغية تسهيل الاتصال والتنسيق بين مختلف الأجهزة الحكومية. وكان اللجوء إلى السلطات العليا يتم بنظام معين.. وكان يحدث أحيانا أن تنزل هذه السلطات عقوبات بالقواد حتى ولو كانوا من بين ورياغل“.

وعن الحياة الاجتماعية بالريف زمن الجمهورية، أشار اليوسفي إلى إنهاء بعض الظواهر الإجتماعية السلبية: “ألغيت الموروثات الرجعية كالرق الذي كانت تمارسه قبيلة صنهاجة فهذه القبيلة كانت تخطف الفتيات من المدن المغربية الكبرى لتستعبدهن في تجارة الحنس بمردود عال. وقد جرى تحرير هؤلاء النسوة اللواتي أصبحن زوجات شرعيات لجنود عازبين. إن الأضرار التي كان أفراد قبيلة صنهاجة نفسها يلحقونها بأموال وممتلكات الأفراد المغلوبين عن طريق النهب والسرقة حرمت قانونا. والكلام المهين الموجه لليهود الذي كان يطلق عادة في الشوارع في معرض التشهير بهم حرمه القانون أيضا. وإعترفت الطائفة اليهودية التي كانت مندمجة تماما بالمجتمع الريفي بأن عهد عبد الكريم كان عهدا مختلفا تماماً.

إنا لله وإنا إليه راجعون، تغمد الله الفيقد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته. ورزق الله أهله وذويه الصبر والسلوان.

فريد ولدمحند – أستاذ وباحث في تاريخ وتراث الريف شمال المغرب

المراجع:

مقالات نشرها الراحل في:
1- مجلة الملتقى للفكر والأب والثقافة، العدد 42-2017.
2- مجلة أمل للتاريخ والثقافة والمجتمع، العدد 8- 1996.
3- موقع الجزيرة نيت.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *