منتصر اثري – صحافي بجريدة «العالم الأمازيغي»: نضيئ الشمعة العشرون وكلنا أمل في مستقبل منصف للصحافة والقضية والإنسان الأمازيغي
يقول الكاتب الصحفي المصري الراحل محمد حسنين هيكل، إن “ظلام الليل كله لا يستطيع أن يطفئ نور شمعة، لكنه يستطيع ذلك إذا تحالف مع هبة ريح”.
نضيئ شمعة الذكرى العشرون عن صدور أول عدد من جريدة “العالم الأمازيغي”، وهي بالمناسبة، الجريدة الأمازيغية الوحيدة التي لا تزال تُقاوم من أجل الاستمرارية في ظل عديد الإكراهات والتحديات، وهي نفسها الإكراهات التي أدت إلى توقف عشرات العناوين الأمازيغية، عن الصدور والاختفاء بصفة نهائية من الساحة الإعلامية المغربية، كـ “تماكّيت”، “تامونت”، “أكّراو أمازيغ” “تاسافوت”، “أمزداي”، “تمازيغت”، “تليلى” و”تاويزا”…
نضيئ شمعة أخرى لمنبر إعلامي مناضل واكب مراحل دقيقة وحافلة في مسار نضالات الحركة الأمازيغية بالمغرب، وشاهد على تحولات مهمة في درب النضال الطويل الذي انخرط فيه المناضلون الأمازيغ من أجـل إعادة الإعتبار للغة والثقافة الأمازيغيتين، للتاريخ والهوية والحضارة الأمازيغية، بل ولعب دورا أساسيا في تعميق وتعميم الوعي بالذات والإعتزاز بالإنتماء للحضارة والقيم الأمازيغية.
نضيئ شمعة لمنصة إعلامية كانت ولا تزال منبرا مفتوحا لنقل هموم الأمازيغ ومعاناتهم، نضالاتهم وكفاحهم المستمر في سبيل حقوقهم العادلة والمشروع. نافذة فُتحت ذات ماي من سنة 2001، على ربيع أمازيغي ينشد الحرية والديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان، ولا تزال صامدة في وجه الرياح، وتقاوم من أجل الاستمرار على هذا الدرب الطويل، المليء بالأشواك والعقبات، وبالتحدّيات الكثيرة، دون أن تحيد يوما عن أداء رسالتها النبيلة بكل مسؤولية.
منصة فتحت المجال أمام التنظيمات والجمعيات والفعاليات الأمازيغية للتعبير عن أفكارها وقناعتها وتصوراتها، ونقلت وجهات نظرهم للرأي العام المغربي والمغاربي بكل حرية وجرأة، واستطاعت في خضم ذلك أن تفتح نقاشا مهما حول قضايا كانت تعتبر أو تصنف ضمن الطابوهات والمسكوت عنه.
لكن، في الوقت الذي نجحت فيه الجريدة إلى جانب عناوين أخرى توقفت عن الصدور، في التعريف والترافع عن القضية الأمازيغية، وازداد الإهتمام بدور الصحافة الأمازيغية والأمازيغية بشكل عام، ما بعد دستور 2011 الذي أقر في ديباجته وفي فصله الخامس برسمية الأمازيغية إلى جانب العربية، نجد الذي حدث هو العكس، إذا لا تزال حكومات ما بعد الدستور، تمارس السياسة نفسها في التعامل مع الإعلام الأمازيغي ومع الأمازيغية بصفة عامة.
وهذا ما تؤكده بالملموس، الفوارق الشاسعة والتمييز الحاصل بين الصحافة الأمازيغية ونظيرتها الناطقة بالعربية. إذ نتابع أفول الصحافة الأمازيغية واختفائها من الساحة الإعلامية، دون أن تكلف الدولة والمؤسسات المعنية نفسها إنقاذها ودعمها من أجل الاستمرارية.
فلا يمكن محاربة كل أشكال الإقصاء والتهميش في ظل تغييب أو التمييز ضد خصوصية الآخر، والصحافة الأمازيغية أحد أوجه هذا التمييز الممارس ضد القضية الأمازيغية بشكل عام، ولكي نتوج هذا المسار الطويل فلابد من انصاف الإعلام الأمازيغي والتعامل مع التعددية والتنوع بالمساواة والانصات، ومحاربة كل أنواع التمييز يحتاج إلى توازن بين الهوية المغربية وتعددها الثقافي واللغوي.
فالصحافة الأمازيغية لعبت دورا مهما في محاولة حماية وتكريس هذا التعدد المطلوب، وقد حاولت أن تساهم من موقعها في تعضيد مسار البناء الديمقراطي المنشود، وهذا ما يلزم الجميع اليوم على ضرورة الحرص على تقوية دورها ودعمها والوقوف إلى جانبها من أجل القيام بواجبها، والقطع مع سياسة التمييز والإقصاء.
نضيئ الشمعة العشرون وكلنا أمل في مستقبل منصف للصحافة والقضية والإنسان الأمازيغي.