عضّة كلب مسعُور تَضَعُ حدَّا لِحياة طفل صغير بتافراوت

1113لم تكن عائلة الطفل “عِمران أَشِيبَانْ” وهي القادمة من الدار البيضاء لقضاء العطلة الصيفية في بلدتها بتغراراط نواحي مدينة تافروات، تتوقع أن تتحول عطلتها إلى جحيم وتفقد ابنها الأصغر الذي لم يتجاوز عمره الأربع سنوات.

الطفل الراحل “عِمران أَشِيبان” الذي كان يستمتع بالعطلة في بلدته قرب تافراوت رفقة أصدقائه، فاجأه كلبٌ مصاب بالسعار، انقض على وجهه قبل أن يعُضّهُ عضّة سامة أفرغت في جسمه الصغير والنحيف فيروساً قاتلاً وضع حداً لحياته.

وفي الوقت التي كان فيها العالم عن بكرة أبيه يتضامن مع الطفل السوري “أيْلان الكردي” الذي لفظه البحر في تركيا، وكُبرى قنوات العالم تنقل صوره في نشراتها الرئيسية، كانت عائلة الطفل المغربي عِمران فيما يشبه مارطون بين مستشفيات تافراوت، أكادير والدار البيضاء، بحثا عن دواء لعلاج وإنقاد ابنهم الصغير من المرض القاتل الذي ينتشر في جسمه النحيف كالنار في الهشيم.

1112 العائلة نقلت ابنها في البداية إلى مستشفى مدينة تافراوت ليقدموا له العلاجات الأولية لكنها لم تفده في شئ، قبل أن يطلب المشرفين على المستشفى العائلة المكلومة المصدومة بنقله لمستشفى مدينة أكّادير، وفي هذا الأخير طلب الأطباء مجددا من الأسرة نقل إبنها إلى مستشفى  مدينة الدار البيضاء، وكان الوقت الذي قضته العائلة تسابق الزمن على الطرقات بين تافراوت وأكادير والدار البيضاء كافيا، ليتوغل الفيروس القاتل في جسم عمران ويفتك به إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة مودعاً هذه الحياة ومعرّياً واقع مستشفياتها.

 الفاعل الجمعوي والحقوقي إبراهيم أعراب أوضح في تصريح لجريدة “العالم الأمازيغي”، أن الطفل عمران الذي كان ضحية لعضة كلب مسعور أودت بحياته، ما هو إلا حالة من ضمن حالات أخرى تعكس واقع الأطفال والوضع الصحي المتردي في منطقة تافراوت من نقص التجهيزات والأدوية..، إذ مؤخرا سُجلت حالات لوفيات بفعل غياب مرافق صحية في المستوى يضيف أعراب.

وحول من يتحمل مسؤولية وفاة الطفل عمران، قال ذات الناشط الحقوقي بأن “المسؤولية فيما يقع من ضحايا كما في حالة الطفل عمران مشتركة بين عدة جهات، في مقدمتها المصالح الطبية والجماعات المنتخبة .. إذ أن الكل يشاهد تزايد ظاهرة الكلاب الضالة التي تهدد الساكنة، بمن فيهم الأطفال ولا أحد يتدخل، ويحمل ذات المتحدث نصيب من المسؤولية للجمعيات المحلية كذلك، لأنها لا تقوم بدورها في دق ناقوس الخطر أمام بعض الظواهر الخطيرة التي تهدد صحة السكان وحياتهم”، قبل أن يتساءل أعراب:”ترى لو تم التدخل السريع لمعالجة الطفل عِمران، ولو كان في تافراوت مستشفى يقدم علاجات في المستوى هل كان سيموت الطفل عمران؟ وهل كانت ستخبو ابتسامة الحياة من عينيه البريئتين؟، مسجلا أسفه على أوضاع الطفولة وأوضاع الصحة ومستشفياتها في المغرب”.

1114وشدّد أعراب في حديثه مع “العالم الأمازيغي” على أن وفاة الطفل عمران ما كنت لتحصل “لو أن المسؤولين قاموا بدورهم، هؤلاء الذين اعتبرهم “يتصارعون على المواقع والكراسي الانتخابية وليثهم على الأقل قاموا بحملات للقضاء على الكلاب المسعورة، لمّا كان الطفل عمران ضحية ولازال على قيد الحياة يتهيأ لحمل محفظته الصغيرة وفرحة الحياة تملأ محياه”.

ذات المتحدث أكد على ضرورة القيام بحملات للقضاء على الكلاب الضالة التي تتواجد ضمنها كلاب مسعورة تهدد الأطفال والكبار، وذلك بتعاون بين القطاعات المسؤولة محليا كمندوبي وزارتي الفلاحة والصحة والجماعات المحلية  وحتى السكان أنفسهم، من أجل تجنب وقوع ضحايا آخرين ولحماية الأطفال.

 هذا واعتبر عضو المكتب التنفيذي للهيئة المغربية لحقوق الإنسان “الطفل عمران” بمثابة تجسيد حقيقي لحالة الطفولة، خاصة في الهوامش والبوادي المغربية حيث لا يتوفر الأطفال على الشروط الدنيا التي تضمن لهم حقوقهم، والتي تنص عليها الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بالطفولة وصادق عليها المغرب. إذ أن القطاعات المعنية في المجال الاجتماعي والصحي والتربوي حسب نفس المتحدث تكاد تكون غائبة في جل البوادي المهمشة، حيث يعاني الأطفال من غياب المرافق الصحية والتربوية فما أدراك بالترفيهية، فالمسؤولين مركزيا لازالوا يتعاملون مع البوادي وفق منطق المغرب غير النافع.

وبخصوص حالة منطقة تافراوت التي تعرض فيها الطفل عمران لعضة كلب مسعور، أوضح الناشط الحقوقي بأنها كباقي المناطق المهمشة لا تتوفر على مستشفى يكفل “حق العلاج” في المستوى للساكنة بما فيهم الأطفال المعرضون للكثير من الآفات كلدغات العقارب والأفاعي وخطر الكلاب الضالة، وختم أعراب كلامه بما يشبه رسالة رثاء على موت الطفل عمران، “لكم أن تبكوا طفولة عمران التي اغتيلت في صمت دون أن تتحدث عنه وسائل الإعلام، ولكم فقط وذلك أقل ما ينبغي أن تفعلوه أن تطلبوا الرحمة لعمران والعزاء لأسرته المكلومة، رحمك الله ياعمران فقد كنت طفلا جميلا لكن كلبا شاردا مسعورا وضع حدا لحياتك”.

يشار إلى أن جريدة “العالم الأمازيغي” حاولت الإتصال بوالدة الضحية، إلا أن هاتفها ظلَّ خارج التغطية.

ومن الجذير بالذكر أن سيِّدة أخرى كانت توفيت قبل الطفل عِمرانْ بأسابيع، وذلك بعد تعرضها للدغة أفعى سامّة بسبب عدم تلقيها للعلاجات المناسبة نتيجة ضعف البينيات التحتية الصحية بالمنطقة، وهو ما دفع الساكنة في وقت سابق إلى تنظيم عدة وقفات احتجاجية تنديدا بتردي الأوضاع الصحية في تافراوت.

العالم الأمازيغي: منتصر إثري

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *