علماء لامعون من ماسة أخذوا من مدارس سوس (الجزء الثالث)

الحسين بوالزيت- صحفي وباحث في التاريخ

جوانب من تاريخ الاسرة العلمية الوسائية، من الأب الى الأبناء

من خلال العديد من المؤشرات يمكن القول ان سيدي وساي الذي تنتسب اليه اعرق أسرة ماسية وحجر الزاوية في الصرح الولائي الماسي، يمكن القول ان عصر سيدي عبدالرحمان الروندي، يوازي تقريبا عصر عالم آخر من علماء (نقصد هنا العلوم الشرعية وكل ما يدخل في نطاقها) سوس وأشهرهم على الاطلاق هو سيدي وكَاكَ، واذا حصل تشابه في الصيغة اللسنية لكتابة الرجلين والتي تبتدئ بالواو، فانهم ينتمون الى المذهب السني المالكي، الذي دخل في حروب وصراعات مع المذهب البورغواطي، وهنا لا نستبعد أن يكون لسيدي وساي نفس الموقف من النحلة البورغواطية كما سماها بعض الاخباريين، على غرار علماء عصره، وعلى العموم، وحسب المختار السوسي فسيدي عبد الرحمان الروندي عاش في أواخر القرن الخامس الهجري وتوفي في القرن السادس.

الأسرة الوسائية من الاب الى الأبناء

ذكر، محمد المختار السوسي في الجزء السادس عشر من المعسول وأشار الى أن لسيدي عبد الرحمان الروندي أبناء، وقال انه حين أحتضر ـوصى بنيه بالصبر والقناعة. والتقوى واتباع السنة. فكان آخر مالا قال. ثم انشغل بذكر الله حثى فاضت نفسه، كما ذكر أنه دعا الله أن يعطي الكفاية لأولاده والامن من الاقلال والفاقة وان يحمى من منع حماهم ويردي من أبغضهم الا ما تقتضيه الشريعة. وقيل إنه سمع صوت مناد يقول من الجو قد أجيب دعاؤك (وما ذلك على الله بعزيز). (أقول) أن هذه الوصاية بالأولاد نعهدها من كثيرين من أمثاله لأولادهم والله أعلم بحقيقتها. وأول إشارة في هذا الباب تتعلق بمكان استقرار أبناء سيدي عبد الرحمان الروندي، ومن خلالها يتضح أن أغلب أبنائه استقروا خارج ماسة، باستثناء واحد منهم والملقب بأحمد بوكَرزام، والذي لازم أباه في شاطئ ماسة الى توفي كما ذكر المختار السوسي، أما الاخرون فقد استقروا في فاس، ثم سفوح جبال باني كإيسافن نآيت هارون، تمنارت، وإيمي ؤكَادير. وتسلسل فيهم العلم والصلاح من الأبناء الى الاحفاء في هذه المناطق. وفيما يلي شذرات من سيرة العالم أحمد بوكَرزام بن سيدي عبد الرحمان الروندي:

وقد اشتهر بهذا اللقب، وقال عنه محمد المختار السوسي، فتكون معرفته التي إشتهر بها أحمد بوكرزام، تربى بوالده ثم لازمه حثى توفي ب (ماسة) فرجع مع ولده محمد بن أحمد الى (فاس) حيث أمضيا ما شاء الله هناك. ولعل لهما هناك شهرة. ومن فاس انتقالا فيما بعد الى انزرن بتمقييت بإسافن نأيت هارون وهي قبيلة من قبائل سفوح الاطلس الصغير ولها حظوة كبيرة عند الماسيين (في طفولتي كنت اسمع النساء الماسيات يتحدثن عن ايسافن نأيت هارون بالكثير من الشوق والتشوف، وكثيرا ما اسمعهن يذكرن أولياء تلك السفوح، والان أمكن لي ان نعرف سبب كل ذلك وهو ان تلك المناطق هي التي احتضنت مشاهد أبناء وحفدة الوالي الصالح دو المكانة الكبير عند الماسيين سيدي عبد الرحمان الروندي او سيدي وساي) ومادام أن الاب كان من رجال أواخر القرن الخامس الهجري فالابن احمد بوكَرزام سيكون من أبناء أوائل القرن السادس الهجري. توفي احمد بوكَرزام ودفن في “انزرن” وله ضريح مشهور هناك.

محمد (الحفيد) بن أحمد بوكرازم بن سيدي وساي

من حفدة سيدي وساي كما تقدم، كان ميلاده وموته في القرن السادس الهجري، ولا نعرف مكان ولادته، ولم تذكر المصادر ذلك، ولكن من المرجح ان تكون ولادته ونشأته بماسة، وهذا ما نستشفه من ترجمة المختار السوسي لأبيه أحمد، حين ذكر ان هذا الأحير لزم والده الى ان توفي، ولكن من غير المستبعد ان تكون ولادته في مكان آخر وانتقل به ابوه الى شاطئ ماسة ومنها انتقالا الى فاس بعد وفاة سيدي وساي ثم الى ايسافن نأيت هارون.

عبد الله بن داود

هو عبد الله بن داود بن سليمان بن موسى بن داود بن محمد بن وفتان [يرجى الانتباه الى طريقة كتابة هذا الاسم، التي جاءت على نفس صيغة وكَاكَ، وساي، ولون وهو الجد الأول لسكان دوار ايداولون أحد دواوير تحالف ايدا وموط بماست] بن عبد الرزاق بن تصلوت بن صلوت [مازال سكان هذه السفوح يسمون بهذا الاسم ومنهم الفنان الكبير والمشهور أكَرام أرشاش] بن عبد الرحمن المشهور بسيدي (وساي) ويقول عنه المختار السوسي انه وجد نسبه مرفوعا الى عمر بن الخطاب بمثل ما ذكر في نسب سيدي (وساي). هذا منقولا عن خط الجد محمد بن العربي الادوزي. والذي ذكر أن أولاد أبو النمر، انتقلوا من (أنيزرن) الى (ايسافن نيت هارون) حيث مشهد سيدي عبد الله بن داود. ويعرف داود هذا بالصلاح، وخلفه ثلاثة من إخوته وهم علي، يحيى، وسليمان، وكلهم صلحاء. ودفن في (جبل الزبيب) في بلاد (مرنيسة) حسب المختار السوسي، اشتغل عبد الله بن داود بالسياحات الطويلة كالتي انخرط فيها الشيخ الكبير والعالم الورع والزعيم الروحي سيدي حماد ؤموسى الجازولي (نسبة الى جبال جزولة بالأطلس الصغير الغربي) كانت له مكانة سامية وكبيرة في التصوف كما كان له موريدين، ومجاهدات وله كرامات وخوارق وكان معمرا (توفي عن عمر ناهز 124 سنة) وكان مضيفا يقدم الطعام للناس، كما كانت القبائل تخدمه، وكان يرشد الى المعروف وينهى عن المنكر ولا يأتيه، وكان قيد حياته يزاول اشغاله المهمة، فكانت له خلايا لتربية النحل وكان يأكل من جباحها، وكانت له ابقار وماشية زكل ما يلزم الحياة في تلك المناطق..

(يتبع)

اقرأ أيضا

“اللغة الأمازيغية بالمغرب: تحديات البقاء ومخاطر الانقراض بعد إحصاء 2024”

تقف اليوم اللغة الأمازيغية بالمغرب، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين الهوية الوطنية المغربية، أمام تحدٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *