يثير تجار الدين المتطرفون في بلاد المغرب أسئلة ينطلقون في طرحها من فكر ما نما على هذه الأرض، فكر التطرف والنكوص الذي سلب عقول عدد منا، واختزلوا حياتنا في سؤالي الحلال والحرام.
ينصب عدد من السفهاء، وهم أبرياء من أي تعليم أو علم، (أقول) ينصبون أنفسهم علماء يجتمع حولهم البسطاء من الناس، أدواتهم تقصير إزار ولحية مخضبة بالحناء وبضعة جلابيب مزركشة يعلمون جيدا تأثيرها في نفوس البسطاء من الناس، فتراهم يفتون ذات اليمين وذات الشمال، يجملون في عيون الناس ما يراه شيوخهم هناك جميلا، يحللون ما يراه شيوخهم وممولوهم هناك حلالا ويحرمون ما يرونه حراما. ناسين أو متناسين أن هذه الأرض يمتد عمقها في التاريخ إلى ما قبل نشوء ثقافة البدو، الأرض الخصبة لكل تطرف، وأن هذه الأرض جميلة خضراء يانعة تحب الفن والجمال وتنجب الفن والجمال، وليست صحراء قاحلة تنجب الرعب والحزن والوجوم، فتراهم يجرمون كل لسان غير لسان شيوخهم، يتفهون ثقافات البسطاء من الناس في أعينهم، يجعلونهم يشعرون بالنقص من دواتهم، وهم من خدموا الإنسانية أكثر الخدمات جلالا، وهم حفدة ماسينسا ويوغرطن وأكسيل وعبد الله ين ياسين ويوسف بن تاشفين وميسرة المدغري وابن تومرت امتدادا إلى موحا أوحمو الزياني وعبد الكريم الخطابي وأنفلوس وعسو أوباسلام وغيرهم بالآلاف.
امتد تحريمهم للقراءات الجماعية للمغاربة للقرآن، للغتهم، لأزيائهم، لاحتفالاتهم، لأطعمتهم، فتراهم في كل حدب وصوب يحتلون المواقع الأمامية في الأعراس والحفلات، ينصبون أنفسهم شيوخا يحملون مكبرات صوت، كلما افتتح عرس احتلوه وجرموا قراءات الفقهاء الجماعية وحلوا محلهم…وتعددت فتاويهم منصبين أنفسهم نوابا عن كل المؤسسات الاجتماعية والرسمية، وآخر فتاويهم تحريم الغناء والشعر الأمازيغيين أمارك. وعندما انبرى أحد رواد فن الروايس وأعني الرايس سعيد أوتاجاجت للدفاع عن الفن دفاعا عقلانيا معتمدا على الأدلة، أخرج النكوصيون أسلحتهم الدنيئة، وسخروا صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للنيل من أوتاجاجت بوصفه منافحا عن موروث ثقافي أصيل هو أمارك أو فن الشعر والغناء.
وليعلم النكوصيون المتطرفون، أن الشعر والغناء بكل تلاوينهما أصيلة على هذه الأرض وحية لن تموت، وأن كل مشاريع البدو مآلها الزوال، وسلاحنا الفكر والعقلانية.