عن الأستاذ عبد الله العروي والأمازيغية

رشيد الحاحي
رشيد الحاحي

التاريخ ونقد “الاعتراب”: “المغاربة عاجزون عن فهم مصلحتهم الحقيقية عبر تاريخهم”

يروج هذه الأيام مقتطف من كتاب “ديوان السياسة” للأستاذ عبد الله العروي، يقدم على أنه عبارات يعتذر من خلالها عن التقصير الفكري اتجاه الأمازيغية الذي كانت ضحيته، والواقع أن جل كتابات المفكر المغربي، وباستثناء الفصل الذي تضمن موقفه النقدي من الثقافة الشعبية في كتابه نقد “الإيديولوجية العربية المعاصرة”، والذي سنعود إليه لاحقا، باستثناء ذلك فجل كتبه تتضمن معطيات تحليلية وأفكار نقدية منصفة ومساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في ظهور وتنامي الخطاب الثقافي والفكري المغربي التعددي والحداثي، بل ومنصفة للأمازيغية على المستوى التاريخي، خاصة كتاب مجمل تاريخ المغرب، ونقده للتراث ولإيديولوجية العروبة من خلال المفهوم الذي صاغه “الاعتراب”.

هذا مقتطف من الفصل الذي خصصناه لذلك وعنوناه ب “الموقف التاريخاني والثقافة الشعبية: مناقشة لبعض أفكار عبد الله العروي” في كتابنا “الأمازيغية والسلطة، نقد استراتيجية الهيمنة”، منشورات وجهة نظر، الرباط، 2009:

– من بين أسس المقاربة التاريخانية والنقد الايديولوجي عند عبد الله العروي القول بضرورة القطيعة مع التراث، الذي يعتبره في عداد الماضي ولا يمكن الاخد به والعودة إليه لحل المشاكل المطروحة في الحاضر؛ ونقد التعريب والسياسة الثقافية. ولا شك أن لهذا الموقف والاختيار المنهجي امتداد واثر كبير على الخطاب الثقافي بالمغرب، حيث ساهم في حلخلة ونقد الفكر التراثي والأطروحات التي لم تكن ترى أية إمكانية لمعالجة أسئلة الراهن إلا باستلهام التراث العربي والتموقع داخل مرجعيته اللغوية والثقافية والدينية وداخل بنيته الفكرية. وفي ذلك النقد كشف للخلفيات الإيديولوجية والنزوع الماضوي الذي تخفيه السلفية والقومية والتراثية النصية…، ومساهمة في فتح الفكر والنقد وكيفيات تناول قضايا الواقع والراهن على التعدد والحداثة.

من الأمور الواضحة وضوح النهار ، كما كتب، أن تقديس اللغة أي تحجيرها في مستوى معين واخذ الثقافة العتيقة كسمة تمييزية للقومية العربية، هما تشجيع الاستمرار في الفكر القروسطوي باللغة العتيقة وفي نطاق التراث، بل إن اللغة والتراث هما اللذان يفكران من خلال فكره .

ويضيف، إن المثقف وليد ثقافة والثقافة ناتجة عن وعي وعن سياسة. و هنا لابد من كلمة حول خطر ما يسمى بالاغتراب وحول الخطر الآخر الذي اسميه بالاعتراب .إن الاغتراب بمعنى التغريب أو التفرنج استلاب ، لكن الاعتراب استلاب اكبر ، والتركيز على الخطر الأول ما هو إلا تغطية لوضع ثقافي واجتماعي معين . إن السياسة الرسمية في الأغلبية الساحقة من البلاد “العربية” تحارب الاغتراب بوسيلتين: اللغة في أشكالها العتيقة و إحياء التراث. وفي هاتين النقطتين تتلخص السياسة الثقافية عندنا .

– لقد ساهم كتاب ” مجمل تاريخ المغرب” في إثارة الانتباه إلى بعض المغالطات التي نسجت حول تاريخ المغرب في الرواية الرسمية ، وفي تسمية بعض الوقائع بمسمياتها ونقدها، وربط نتائجها بالحاضر وبواقع التأخر التاريخي . وفي هذا السياق يستغرب العروي من عجز المغاربة عن فهم مصلحتهم الحقيقية عبر تاريخهم : دهمتهم روما ففزعوا إلى قرطاج ، مع أنها كانت عدوهم الأول إلى ذلك الحين، هاجمهم العرب فاحتموا بالإسلام ، استولت عليهم فرنسا فالتجأو إلى العروبة .

وأوضح أن في هذا الاستغراب نقد صارخ وساخر للعديد من الاختيارات التاريخية والإيديولوجية التي أقدمت عليها الدولة والسلطة والنخب السياسية والثقافية على مدى عدة قرون من تاريخ المغرب، وخاصة نزوعها القومي إلى العروبة، والتبعية للمشرق العربي وتحويله إلى قبلة روحية وثقافية مقدسة.

كما أفصح أيضا عن نقد كبير للزواج الأسطوري بين العروبة والإسلام، وللخلفية الإيديولوجية لعلاقة اللغة بالدين، وللأحداث التاريخية التي أسست لهذا الرباط الميتافيزيقي بعقد السلطة والاستغلال. وفي هذه النقطة بالذات ذكر العروي بأن مسألة الغزو كانت من البداية سياسية أكثر منها دينية، أي كيف سيحكم العرب المغرب وليس كيف سيعبد المغاربة خالقهم…ص. 70.74

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *