كيف لنا ان نحمي ذاكرتنا الفردية او العائلية دون الإضرار بالمشترك النضالي أو ” الحزبي “، مع التسليم أننا تربينا على أن الحقيقة لا تزعجنا أو بالأحرى لن ترهبنا والحال أنها مفيدة لعدم تكرار الأخطاء والأعطاب ؟
كيف لنا أن نحمي تاريخ شهدائنا وضحايا سنوات الحكم الفردي المطلق وانتهاكاته الفظيعة من اغتيالات واختطافاته وما صاحبه من تعذيب وتداعيات صناعة العاهات البدنية والنفسية والعقلية النسبية والمستدامة، ونحن نؤمن أن مواجهة القمع الهيكلي والعنف البنيوي كانت تقتضي تحالف الاعداء مع خصوم أو أقارب وخدام الأعداء ؟
فهل يكفي القول بأن ” المصالحة ” الذي بدأها الراحل الحسن الثاني ومأسسها خلفه وريث سره الملك محمد السادس تجب ما قبلها، رغم أن استكمالها كمسلسل لن يتم سوى باستكمال مقتضيات الحقيقة ؟
و هل من شأن العودة إلى إثارة المسؤوليات الفردية أن يرد عجلة التسويات ألى نقطة الصفر ، باعتبار أن صفقة التناوب ، بين قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في شخص عبد الرحمان اليوسفي وبين الدولة في شخص الملك الراحل الحسن، تمت على أساس تجاوز توترات وأحقاد الماضي مع ” جبر رمزي ” لأضرار الضحايا أو ذويهم ؟
وفي ضوء ذلك كيف يمكن معالجة مثل الإشكالات التي تثيرها بعض محاولات بعض الأقلام المسخرة أو التي لديها حسن النية، خاصة وأن مقاربتنا تروم دائما تحصين الذاكرة وسمعة من هم فاعلين فيها او صانعيها، مع ترك الاختصاص لقضاء النيابة العامة وقضاء التحقيق ،من أجل فهم الملابسات وإجلاء الحقيقة، وبنفس القدر نعول على المؤرخين باعتبار أن الدولة المغربية والمعارضة التاريخية تتقاسمان المعاناة وفوبيا عقدة ” الارتباط مع الجيش “.
وقد عرف العهد الجديد واقعة الزوبعة التي تسبب فيها نشر رسالة الفقيد محمد البصري التي تم تسريبها للاعلام من طرف المسؤول الحالي في المؤسسة العمومية المكلفة بتدبير حماية المعطيات الشخصية ، والتي كادت تعصف بمصير التناوب في حينه ، فقد صمد التناوب إلى ما بعد إجراء تشريعيات 2002 , حيث كان لذلك وقع كبير في تسريح عبد الرحمان اليوسفي ، وحلول ادريس جطو وزيرا أول محله.
وبالنسبة لنا كعائلة لا يهمنا سوى معرفة الحقيقة حول العلاقة السببية بين مصير المختطف الحسين وبين اعادة فتح ملف ” أشباه الأسرار ” وارتباطه مع التنسيق المنسوب للجناح الاتحادي المسلح بالخارج مع بعض ضباط الجيش الملكي وعلى رأسهم الجنرال للدليمي ، ولكن من زاوية التدقيق في ملابسات الاختطاف وخيوط تدبير العملية وكذا تحديد المسؤولية عنه، دون أن يعني ذلك أننا نشكك في أي رواية من شأنها تضليل الرأي العام الحقوقي على الخصوص، والذي لا يهمه سوى أن مواطنا تم اختطافه واغتياله من الدولة المغربية.
ولذلك سنخصص الحلقات القادمة للتفصيل والتدقيق بمساءلة سياق وتوقيت ” الترخيص ” الممنوح لدبلوماسي مخابراتي سابق قصد البوح بالمعطيات المزعومة ونقد هرائها وعدم تماسك عناصرها التبوثية .