يعيش وطننا مفارقات مكثفة تتبخر بها، يوما بعد يوم ، كل الرهانات على هيبة الدولة الذكية والقوية المزعومة، الذكية افتراضا باستباقها للأحداث وتوقعها للأزمة في مهد اندلاعها ، القوية بتجربتها وتملكها للمعطيات قبل تبلور ملامح عناصرها.
غير إنه لا يمكن التسليم بأن الذكاء المالي والإقتصادي استبلد العقل الأمني إلى درجة أن قرار منع الدخول من وإلى بعض المدن الكبرى لم يصدر إلا بعد إن اقتنت الأسر الأضحيات واستعدت لممارسة كافة طقوس الذبيحة ومشتقاتها ذات الصلة بالسنة.
في حين كان قرار تأجيل فروض الحج والصلاة جاهز اونافذا و بصرامة ، كما لا يمكن التسليم بأن الحكومة وحدها من اتخذت القرار في شخص وزارتي الصحة والداخلية ، وبذلك لا يمكن دفع المواطنين إلى معاقبة من له الصفة انتخابيا لأن المسؤولية تتجاوز عتبة القرار العمومي ، مما يستدعي تدخل القرار الدولتي العام لوضع حد لهذا التسيب الإتيقي والإنفلات الأمني.
لأن من شأن هذا العبث أن يفرز لنا قرارا سياديا أكثر ابتذالا واستبلادا ، خلاصته تعليل وقف طقوس العيد على من استطاع إليه سبيلا، بمثابة أمر خارج الأجل أو سياق الزمان ، يحتمي بعلة تكافؤ الفرص والعدالة ” العيدية “، والحال أن مول المليح باع وراح وظلت فوبيا الوباء تراوح المكان ؛ ليتأكد فعلا بأن الدولة تحاول تصدير قلقها بدعوى عودة اللايقين المنذر بعودة التوتر والقلاقل ، في ظل غياب تام لإرادة سياسية لسن ضمانات و تدابير عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة ، ولا حتى إرهاصات انفراج سياسي أو حقوقي من شأنه تجاوز أعطاب المقاربة الأمنية بمقاربة أكثر اجتماعية وإنسانية .