لقد تميز التعامل من طرف مكونات وأفراد عائلة المانوزي الكبيرة بطفو مقاربتين أساسيتين ، الأولى حقوقية محضة يؤطرها الوجدان والسؤال عن مصير الحسين بن علي ضحية وموضوع عملية اختطاف من تونس العاصمة ، من قبل السلطات الأمنية والاستخباراتية ، دبر لها من أعلى مستويات السلطة في البلاد.
مقاربة كانت تروم انقاذ حياته إن ظل على قيدها ، وإلا تسلم الرفات وممارسة الحق في الحداد والدفن الكريم ،والمقاربة الثانية حقوقية ايضا ولكن بخلفية وأبعاد سياسية، تلتقي مع الأولى في مطلب الكشف عن الحقيقة ومساءلة الدولة وجلاديها.
وإن كانت هذه المقاربة الأخيرة قد توافقت مع مطلب منتدى الحقيقة والإنصاف الرامي إلى تأجيل مطلب إثارة المسؤوليات الفردية ، ليست فقط كما قال الدكتور مولاي أحمد العلمي الحليمي وزير الشؤون العامة في حكومة الفقيد عبد الرحمان اليوسفي ، بأنه “” تأثر بالغ التأثر بصورة شخصيات ترقى إلى مستوى شخصيات التراجيدية اليونانية ، شخصية افراد عائلة المنوزي التي تعاقبت عليهم مآسي متالية ، ولئن كانت مطالبتهم بمعرفة مصير أبنائهم مشروعة ، فلدي القناعة بأن التزامهم السياسي يجعلهم بمنأى عن أية رغبة في الانتقام “.
بل لأن المساءلة تقتضي التأجيل جلبا ورغبة في استقطاب ” تعاون ” بعض الأجهزة الأمنية ، وعلى الخصوص المخابرات العسكرية ومؤسسة الدرك الملكي التي تملك أجود مؤسسة للارشيف الأمني والمخابراتي ، في العلاقة مع العمليات السوداء ، خلال الحماية وبعدها ، وذلك بهدف إنقاذ حيوات المختفين قسريا ( حسب لغة الحقوقيين ).
غير أن آمال أصحاب المقاربة الأولى خابت ، وعلى الخصوص بعد رفض تلك الأجهزة التعاون وبذلك خرجت عن الإجماع الوطني حول الحقيقة من أجل المصالحة ، وقد توفي الوالدين على وخديجة وفي قلبهما غصة ، رغم أنهما لم يكونا يثقان بإطلاقية في وعود رفاق الحسين في السلاح أو الكفاح ( في الحزب والحكومة وهيأة الانصاف والمصالحة وكذا مجلس حقوق الانسان ) ، بدليل تقديمهم لشكاية أمام النيابة عشية حراك فبراير ، وقبل صدور قانون حصانة العسكر الذي شرعن للافلات من العقاب .
فتحولت القضية إلى مجرد مسألة عالقة في مذكرات وسير ذاتية معروضة للتسويق ، لا حقائق ولا حتى نفي للمغالطات التي لا تضر فقط بمصداقية المناضلين الشرفاء والشهداء كأشخاص وأفكار ، بل بسمعة وبمرجعيات الحركة التقدمية ، السلوكية والفكرية ، في ظل حقائق إعلامية حزبية متحالفة موضوعيا مع إرادات محافظة تعزز مقاومة التغيير والتقدم والحقيقة الوطنية .