العلاقات الكوردية الأمازيغية كان لابد أن يؤسس لها منذ عقود من الزمان
أكد عوني حمد علي، مستشار برلماني كوردي، في حوار مع «العالم الأمازيغي»، أن العلاقات الكوردية، الأمازيغية، تأخرت كثيرا بالنظر إلى التاريخ والهموم المشتركة الذي تجمع بين الشعبيين، وأبرز عوني في حديثة أن خطوة تكريم البرلمان الكوردي لشخصيات أمازيغية بمناسبة رأس السنة الأمازيغية الجديدة، هي محاولة للتقرب المؤسساتي بين الشعبين الكوردي والأمازيغي، مؤكدا في ذات السياق استعداد الشعبين للتصدي لكل من يعرق التقارب بينهما، وفي موضوع الحرب الدائرة بين القوات الكوردية وتنظيم «داعش» أورد المتحدث معطيات حصرية «للعالم الأمازيغي» عن عدد قتلى وجرحى القوات البشمركة والمتطوعة للقتال الى جانبها، قبل أن يعود ويقول بأن القوات الكوردية استطاعت أن تكسر شوكة التنظيم الإرهابي الذي توسع في أيام قليل في دول الجوار، عبر قتل الألاف وأسر المئات من الإرهابين، واستطاعت أن تحرر المناطق الكوردية التي سيطرت عليها داعش، ودحرها الى خارج الحدود، مشيدا في حواره بالدور البارز الذي لعبته المرأة الكوردية في الحرب على داعش، قائلا: «غنمنا العتاد والأسلحة المختلفة منها الثقيلة من الرشاشات والبندقيات التي كان استولت عليها داعش من القوات السورية والعراقية»
هل من بروفيل خاص ليتعرف عنك القارئ؟
عوني حمد علي، دبلوماسي كوردي لخمس سنوات في الدول الإسكندنافية، ثم عملت لمدة سنة ونصف في العلاقات الخارجية لحكومة إقليم كوردستان، ومستشار في برلمان كوردستان لأزيد من خمس سنوات من اليوم. باحث ومهتم بالشأن الأمازيغي الكردي وصديق للشعب الأمازيغي.
كيف جاءت فكرة تكريم البرلمان الكوردي لشخصيات أمازيغية؟
مباشرة بعد أن وجهت لنا الدعوة للمشاركة في المهرجان الأمازيغي احتقالا برأس السنة الأمازيغية في فاس، كان لي لقاء مع نائب رئيس البرلمان الكوردي السيد جعفر إيمينكي، فرحب بالفكرة واقترح علي تمثيل البرلمان الكوردي في الاحتفالات الأمازيغية، وهو صاحب فكرة تكريم بعض الشخصيات الأمازيغية المعروفة بدعمها للقضية الكوردية، ومن هنا كان لي شرف تقديم هذا التكريم الذي أعتبره أقل ما يمكن أن يقدم للمواقف والتضامن النبيل لهذه الشخصيات الأمازيغية التي تمّ تكريمها بمناسبة راس السنة الأمازيغية، ومن بينهم السيد رشيد الراخا الرئيس الدولي للتجمع العالمي الأمازيغي المعروف بمواقفه الداعمة للشعب الكوردي وقيادته، والسيدة الشاعرة مليكة مزان المعروفة هي الأخرى بمواقفها وتضامنها مع الكورد وقوات البشمركة.
كمستشار برلماني كيف تنظر للعلاقات الأمازيغية الكوردية؟
في رأيي، أرى أن هذه العلاقة، تأخرت جدا، بالنظر الى التاريخ والهموم المشتركة الذي تجمع الشعبيين، فأعتقد أنه كان لابد أن تؤسس لهذه العلاقة منذ عقود من الزمان، هناك مثل كوردي يقول « أن يأتي متأخرا خير من ألا يأتي أبدا» لهذا أقول بأن في الأوانة الأخيرة بدأت العلاقة الكوردية ـ الأمازيغية تتطور بسرعة وهذا شيء يدعو للفخر والسعادة، لكن الى حد الأن لا تزال تنقص هذه العلاقات أن توضع ضمن الأطر المؤسساتية، و من جانبنا في البرلمان الكوردي بدأنا بهذه الخطوة، أي خطوة تكريم شخصيات أمازيغية والمشاركة في الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية، محاولة منا للتقرب على المستوى المؤسساتي، ونسعى لتطويرها عبر تبادل الزيارات وتنظيم ندوات ولقاءات مشتركة، أملين أن تكون هذه الزيارة بداية لتعويض ما فاتنا في الماضي، والاشتغال المشترك والتقرب أكثر في قادم المناسبات.
في نظركم ما هي السبل الممكنة والناجعة لتطوير علاقة الشعبين على المستوى المؤسساتي ؟
أعتقد أن تأسيس جمعية صداقة كوردية ـ أمازيغية، وتبادل الزيارات واللقاءات بين الطرفين ستكون اللبنة الأساسية لتطوير هذه العلاقة وجعلها ضمن الإطار المؤسساتي، هذه الخطوة الأولى، وبعد ذلك يمكن التطرق الى التخصص في الزيارات وتبادل اللقاءات ذات الطابع الثقافي والفني للتعريف بالقضيتين أكثر للشعبين، سوآءا عبر تنظيم لقاءات ومهرجانات مشتركة، أو عبر الأفلام القصيرة التي تعرف كل شعب على شعب أخر أكثر.
نعرف أن طريق تطوير العلاقات بين الشعبين ليس مفروشا بالورود، هل أنتم واعون بهذا الأمر؟
بالتأكيد ليس مفروشا بالورود، بل ملئ بالعقبات والأشواك، لكن الإصرار الموجود لدى الشعبين لتطوير هذه العلاقة وكذلك التجربة الموجودة في تحدي الصعاب، ومقاومة التهميش والإقصاء والاضطهاد للشعبيين معا، تجعلنا متفائلين لأنه لا أحد يستطيع أن يقف أو حتى أن يعرقل تطوير هذه العلاقة الأخوية، بين شعبين يتمتعان بقيم إنسانية نبيلة، وديمقراطية، وهي علاقة تربط شعبين عريقين يجمعهما التقاليد والثقافة، ولم تكون علاقتنا ضدا أو على حساب أي ثقافة أو ديانة أو حتى دولة، بل هي علاقة نابعة من الشعور بالمعاناة التي عانينا منها جميعا، عبر تشتيتنا على مجموعة من الدول دون إرادتنا ودون أن نتوفر على أبسط حق من حقوقنا الى يومنا هذا.
وكيف يمكن التصدي للأطراف المعادية لحق الشعبيين الأمازيغي ـ الكوردي؟
التمسك بالقيم الديمقراطية ضمن الإطارات التي وضعتها القوانين والمواثيق الدولية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعوب وبحق مبدأ تقرير المصير الذي كفله القانون الدولي، والتقرب أكثر والتعاون المشترك بين الشعبين، وهذا هو أكبر تصدي لكل من يحاول أن يمنع حق الشعبين في الحرية والكرامة، نحن الشعبين نناضل من أجل نفس القيم والمبادئ الإنسانية، وتجمعنا قيم انسانية نبيلة، لا نقتل أحد ولا نفجر المعابد ولا الكنائس، نؤمن بحق الإنسان في الحرية والعيش الكريم أي كانت ديانته أو عرقه أو جنسه، عنينا كثيرا ولا نزال نعاني من أجل حقوقنا ولا أعتقد بأن هناك أحد يستطيع أن يمنع علينا ذلك، كذلك في علاقتنا، فلا أعتقد بأن هناك أحد في استطاعته أن يمنعها علينا أو يتدخل فيها، نحن واعون بقضايانا وبهمومنا المشتركة.
حدثنا قليلا عن الأوضاع في كوردستان خصوصا المناطق التي تصدت فيها القوات الكوردية لتنظيم داعش، كيف هي الأمور وهل هناك أمل في تحصين كوردستان من التنظيمات الإسلامية المتطرفة؟
نحن دفعنا الثمن باهظا، في مواجهتنا للقوى الظلامية المسماة داعش وكمعلومات دقيقة أخص بها جريدة «العالم الأمازيغي» لدينا لحد الأن أكثر من ألف شهيد من قوات البشمركة والقوات المتطوعة من خيرت شبابنا وأبنائنا، وأكثر من سبعة ألف جريح، لكن رغم كل هذا نفتخر بأن قواتنا الباسلة استطاعت أن تكسر شوكة التنظيم الإرهابي الذي توسع في أيام قليل في دول الجوار، واستطاعت أن تحرر المناطق الكوردية التي سيطرت عليها داعش، ودحرها الى خارج حدودنا، كما كان الدور البارز للمرأة الكوردية نصيب من إنجازاتنا، فقد كانت المرأة الكوردية في الصفوف المتقدمة بل في خط التماس مع الإرهابين وقاومن بكل قواتهن حتى أخرجن التنظيم الإرهابي راكضين من مناطقنا كالجرذان، غنمنا العتاد والأسلحة المختلفة منها الثقيلة من الرشاشات والبندقيات التي كان استولت عليها داعش من القوات السورية والعراقية، كما تمكنت قوات البشمركة والقوات المتطوعة من أسر المئات من الإرهابيين، لدينا خط التماس في مواجهتنا لداعش يمتد الى ألف وخمسون كيلومترات وذلك من كوردستان سورية كوباني الى حدود إيران، اليوم أـضحت قوات البشمركة هي المسيطرة على كل الأراضي الكوردية واضحت هذه المناطق أمانة، فقد عاد بعض المهجرين الى قراهم ومناطقهم وعادت الحياة الى هذه المدن، في موضوع تحصين كوردستان، بالتأكيد كوردستان محصنة بفضل رجالاتها وشبابها ونسائها وشيوخها وكهولها، وقوات البشمركة الذين لا يملون ولا يكلون في تقديم كل يملكون، والدود في الدفاع وتقديم أرواحهم قربانا لكوردستان.
هل تتفقون مع من يقول بأن داعش بغض النظر عن جرائمها قدمت خدمة جليلة للشعب الكوردي وهي تضامن العالم ومساندته لقيام دولة كوردستان المستلقة؟
لا أتفق مع من يقول بأنه جلب التضامن ومساندته لقيام دولة كوردستان، ولكن لا أستطيع أن أنكر أنها قدمت خدمة في ترسيم حدود كوردستان الجنوبية، أو ما يسمى بإقليم كوردستان العرق، كانت هناك مناطق سمية بالمتنازع عليها، مع الأسف الجيش العراقي لم يدافع عن هذه المناطق، بل وهرب منها في ساعات قليلة، منها مدينة كركوك الغنية بالنفط والتي سماها البرزاني الأب بقلب كوردستان، لكن قوات البشمركة الباسلة استطاعت أن تحرير هذه المناطق من أيدي التنظيم الإرهابي داعش وتحصينها، وهي اليوم تنعم بالأمن والسلام.
هل كنتم ستنتصرون على داعش في المناطق الكوردية خصوصا جبال سنجار لولا دعم التحالف الدولي لكم؟
لا يمكن أن ننكر دور التحالف الدولي خصوصا في توفر الغطاء الجوي للقوات الكوردية، ولكن هذا لا يقلل من بسالة وصمود قوات البشمركة التي حررت الأراضي بدمائها الزكية، وقدمت روحها فداء لأرض كوردستان، وتحرير سنجار وعود أبنائها الى ديارهم هو أقل ما يمكن أن يقدم للأزديين، الذين عانوا من المجازر المروعة التي اقترفها تنظيم داعش الإرهابي في حقهم.
على المستوى السياسي هل لمستم أية بوادر للتقرب بين أربيل والرباط خصوصا بعد الجمود الذي تعرفه العلاقات المغربية العرقية؟ وهل هناك أمل في فتح تمثيلية دبلوماسية للكورد في المغرب أو العكس؟
كما تعرفون فتمثيلية حكومة كوردستان موجودة في أكثر من ثمانية عشر دولة، في أوربا، أمريكا، لكن مع الأسف في شمال إفريقيا أو الشرق الأوسط غير موجودة هذه التمثيليات الدبلوماسية المستقلة، لسبب وهو أن كل هذه الدول التي يوجد فيها تمثيلة دبلوماسية تابعة لحكومة كوردستان في أوروبا أو غيرها من مناطق العالم، لديها قنصليات في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، والمغرب دولة مهمة ولها وزنها وثقلها في شمال إفريقيا، وبالتالي فأرى أنه من المهم جدا بناء العلاقات الوطيدة والتقرب بين الرباط وأربيل، ونأمل أن يبادر المغرب الى فتح قنصليته في أربيل وذلك من أجل تعزيز الروابط وبناء علاقة متينة بيننا، وهذه دعوة موجهة للحكومة المغربية للتفكير في فتح قنصلية مغربية في أربيل على غرار باقي الدول التي تتمتع بعلاقته الدبلوماسية المباشرة مع حكومة كوردستان.
لمسنا من حديثك أن قيام دولة كوردستان أصبح مجرد مسألة وقت ليس إلا بالنسبة لكم؟
نعم بالتأكيد هي مسألة وقت لا غير، قبل كل شيء هذا حق كفله لنا ولكل الشعوب التي تحلم بالحرية، المواثيق والأعراف الدولية، ألا وهو حق تقرير المصير، والشعب الكوردي عان كثيرا وناضل لعقود من أجل هذا المكسب، والرئيس السيد مسعود برزاني أكد هذا في أحدث تصريح وله وقال بالحرف بأن استقلال كوردستان أصبح قريب جدا أكثر من أي وقت مضى، وهذا شيء مفرح، وليس الكورد فقط من يريد استقلال الإقليم بل كل الأقليات المضطهدة في المنطقة والتي تعيش في الإقليم تدعم هذا المطلب .
أخيراً ماهي رؤيتكم للحل النهائي للقضية الكوردية خصوصا في دول الجوار ؟
نحن في اتجاه أن نجري استفتاء كما هو متعارف عليه علميا لتقرير مصير الشعب الكوردي، ومتأكد جدا بأن الشعب الكوردي سيقرر مصيره وسيعلن الاستقلال، والذي يجب أن أقول هو أن في باقي أجزاء كوردستان فالأمر متروك كيفية أو صيغة حل للشعب الكوردي مع حكومات هذه البلدان سوآءا كانت إيران أو تركيا أو سوريا.
حاوره: منتصر إثري