تقدمت 15 جمعية مدنية وثقافية أمازيغية من مختلف جهات المغرب بطعن إداري أمام المحكمة الإدارية بالرباط ضد قرارين صادرين عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يقضيان بتأجيل تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في أسلاك التعليم الابتدائي والأولي إلى حدود سنة 2030، بدل الآجال القانونية التي حددها القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
ويمثل الطاعنون في هذا الملف المحامي والفاعل الأمازيغي أحمد أرحموش، الذي أودع مقال الطعن يوم 19 أبريل 2024، ضد كل من رئيس الحكومة المغربية ووزير التربية الوطنية، مشيرًا إلى أن القرارين الإداريين المطعون فيهما، الصادرين بتاريخ 23 ماي 2023 (تحت رقم 028X23) و19 أبريل 2024 (تحت رقم 152724)، يقضيان بتعميم تدريجي لتدريس اللغة الأمازيغية بنسبة 50% خلال الموسم الدراسي 2024/2025، و100% في أفق الموسم 2029/2030.
ووصفت الجمعيات الطاعنة القرارين الإداريين بكونهما “مشوبين بعيوب عدم المشروعية”، منبهة إلى أن هذه الخطوة من وزارة التربية تعد تراجعا عن التزامات الدولة القانونية والدستورية، خصوصا ما ورد في الفصل الخامس من دستور 2011، والمادة 31 من القانون التنظيمي رقم 26.16، التي تنص صراحة على ضرورة إدماج الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة، وفي مقدمتها التعليم، داخل أجل أقصاه خمس سنوات من تاريخ نشر القانون بالجريدة الرسمية (26 شتنبر 2019).
واعتبر المقال أن قرار الوزارة بتأجيل التعميم الكامل لتدريس الأمازيغية إلى سنة 2030 يمثل “تدخلا غير مشروع في اختصاص السلطة التشريعية”، مشددا على أن وزارة التربية لا تملك صلاحية تعديل الآجال القانونية المحددة في قانون تنظيمي يعلو على القوانين العادية والمراسيم الوزارية في التراتبية القانونية.
كما سجّل الطاعنون أن القرارين شكلا “انحرافا في استعمال السلطة”، إذ اتخذتهما الوزارة خارج اختصاصها، عبر تمديد الأجل بشكل منفرد دون الرجوع إلى المؤسسة التشريعية المختصة، مما يجعل القرارين باطلين من الناحية الدستورية والقانونية.
إلى جانب الطابع الداخلي للطعن، استندت الجمعيات إلى الزاوية الحقوقية والدولية، مبرزة أن تأجيل تعميم تدريس الأمازيغية يخالف توصيات الهيئات الأممية، وعلى رأسها لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، التي أعربت عن قلقها من “ضعف إدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام”، ودعت المغرب في تقاريرها الدورية الأخيرة (دجنبر 2023 ونونبر 2023) إلى تسريع إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، وتعزيز حضورها في الفضاء العمومي والإعلامي.
كما ذكر الطاعنون بالتزامات المملكة المغربية بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتي تنص على احترام وحماية الحقوق الثقافية واللغوية للأقليات، وهو ما يفرض على الجهات الحكومية الامتثال الكامل لتلك الالتزامات عبر التنفيذ الفعلي للقوانين الوطنية ذات الصلة.
وطالبت الجمعيات الطاعنة من المحكمة الإدارية بالرباط، الحكم بعدم شرعية القرارين الوزاريين واعتبارهما كأن لم يكونا، مع ترتيب كافة الآثار القانونية على ذلك، والحكم بالنفاذ المعجل وتحميل الجهة المدعى عليها الصائر.
وضم الطعن أسماء 15 جمعية، “الماس الثقافية بالناظور”، كونفدرالية الجمعيات الثقافية الأمازيغية بشمال المغرب، جمعية ماسينيسا بطنجة، جمعية أسيد الثقافي، جمعية امغار للثقافة بخنيفرة، الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، جمعية منتدى أنوال للتنمية والمواطنة بالريف، جمعية المحامون الشباب بالخميسات، الجمعية الجهوية لأساتذة اللغة الأمازيغية بجهة فاس مكناس، جمعية أستاذات وأساتذة اللغة الأمازيغية بالحوز، منتدى الغد تيكوين بأكادير، الشباب سوس العالمة تيكوين، جمعية انطلاقة بمراكش، جمعية فزاز للثقافة والفنون بالحوز، وجمعية اناروز مكتار للثقافة والتنمية بإقليم اشتوكن.