في كتابه “تمغربيت… محاولة لفهم اليقينيات المحلية” (2022)، يتناول سعيد بنيس موقف المغاربة من القضية الفلسطينية من منظور يتجاوز المقاربات التقليدية التي تعتمد على مفاهيم الأمة والدين والقومية. يرى بنيس أن القضية الفلسطينية، بالنسبة لعدد كبير من المغاربة، أصبحت تُدرَج ضمن خانة القضايا الإنسانية العادلة، ولم يعد الأمر يقتصر فقط على “واجب وطني” أو “فريضة دينية” أو “التزام قومي عروبي”، بل تحوّلت بالنسبة للكثيرين إلى تعبير عن فكر إنساني شامل يحترم حقوق الإنسان وكرامته بغض النظر عن الحسابات السياسية أو الدينية أو العرقية.
بنيس يشير إلى أن الصور والفيديوهات التي توثّق ممارسات التنكيل والكراهية والإبادة ضد الفلسطينيين تبرز أن هذا النوع من العنف يمثل قمعًا غير مسبوق، ويمكن اعتباره تجسيدًا لما يسميه “الفوبيا الإنسية”. ويرى أن هذا القمع لا يقتصر على فلسطين فحسب، بل يتم تصدير الصراع إلى باقي العالم، محولًا القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية عالمية. من هذا المنطلق، يعتبر أن التضامن مع الفلسطينيين، سواء من خلال الاحتجاجات أو المظاهرات أو التعبير عن رفض الغارات الإسرائيلية، يمثل أحد تجليات الفكر الإنساني الذي افتقده المجتمع الدولي منذ قرون.
في هذا السياق، يؤكد بنيس أن الإجماع المغربي على رفض العدوان الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين يشكّل امتدادًا للحركة الإنسية التي عرفتها أوروبا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وهي حركة قامت على إعادة الاعتبار للإنسان وكرامته وحقوقه. ويرى أن هذا التضامن المغربي مع فلسطين ينبع من بعد إنساني يتغذى من سردية تمغربيت، التي تؤكد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية أو دينية، بل جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية التي تتفاعل مع القضايا الإنسانية بشكل عميق وشامل.