فوكرض.. حكاية سوق تحول الى ركود بعد رواج وإلى كساد بعد إزدهار

بقلم محمد أوشن

يحكى لنا شيوخ طفولتنا أن السوق الأسبوعي الثلاثاء أيت إحيى كان بين دواري إمسكرن و مرو ، وتاريخ دلك مجهول لصعوبة الحصول على وثائق تاريخية نعتمد عليها.

وتم نقله الى فوكرض وهو فضاء لتسويق منتجات السكان أو مقايضتها بمواد أخرى تغطي حاجيتهم، وعرف إزدهارا وإقبالا كبيرا وعرف برواجه المنقطع النظير بالمقارنة مع أسواق أخرى، وفي سنوات السبعينات كان التسابق لبناء المحلات وشرائها ضنا منهم أن الرواج سيستمر لكن ما حل اليوم بالسوق لم يتوقعه أشد المتشائمين. ففي فجر كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع، يحج جمع غفير من الناس من المنطقة وكل المناطق المجاورة على أرجلهم أو على الدواب في إتجاه الثلاثاء أيت إحيى، كما يجسد السوق مدى التلاحم بين كل مكونات المجتمع، فما أكثر الحكايات التي تروي عن المعاملات التجارية، كما كان بمثابة مؤسسة إجتماعية و فضاء للتواصل. فيه يتم مناقشة كل المستجدات وتنتشر فيه كل الأخبار من مختلف المناطق. وبين الفينة والأخرى تسمع صوت البراح يتلوا رسالة الشيخ ” أمغار” بعد كلمته المعهودة “لا إله الا الله وعليها البريح ويلخير ” وعند إجتماع الناس يبدأ في قرأءتها.

وفي ظلالها يتم بيع المنتوجات المحلية.

محلات تقليدية أبوابها من الخشب ولها جمالية وروعة خاصة كأثر تجسد هوية المنطقة. خيام صغيرة لبائعي أحشاء ورؤوس الماشية ” إدبيلاوان ” ومحلات للجزارين، ومجزرة و مكان لربط وبيع الدواب وفي وسط الساحة يعرض فيها مختلف أنواع الخضر والفواكه المنتوجات المحلية كالسلال ” تازكيوين” والحصير و الأدوات الفلاحية والفخار وغيرها، أما بباقي المحلات فتزاول مختلف الأنشطة التجارية بالإضافة الى المقاهي التقليدية، ومدرسة علمية عتيقة دات الإشعاع العلمي في سوس ودكرت بالمعسول وخلال جزولة والعشرات من المؤلفات وزاوية الوالي الصالح سيدي عبدالواحد أوبلقاسم الدي تحجوا الطلبة اليه من كل صوب لإحياء موسمه السنوية و تراتيل دينية أمازيغية تنبعث من مكبر صوت معلق بباب الضريح والكل يردد “توكا تينك أربي توكا تين الملائك ” وجنبات الطريق مكتظة بالزوار ورجالات المنطقة ومسؤولها. السوق يعرف دروة رواجه الخميس أنموكار نفوكرض.

هكدا كانت حكاية سوق تحول في أخر التسعينات الى ركود بعد رواج وإلى كساد بعد إزدهار، دفعت بالتجار الى إغلاق محلاتهم وإلى الهجرة. فما يناهز 50 محل اليوم لا يزاول النشاط التجاري إلا في نحو 5 على الأكثر. وتحول إلى مباني خالية و محلات خاوية وبقيت الجدران دكرى الماضي يتأسف عليه كل من وثق يوما في إزدهار لن يفنى، وكل زائر تدكر ضجيج التجار وهم يعرضون ويبيعون سلعهم ومنتوجاتهم الموسمية، في إنتظار يوم لن يعود، يوم كان السوق يحمل قيم ثقافية وأجتماعية، وليس فقط فضاء لقضاء الأغراض المادية والعملية.

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *