فيروس كورونا والعفو الملكي على المعتقلين

أحمد الدغرني

العفو الملكي على بعض السجناء والمعتقلين بمناسبة وجود وباء كورونا يتطلب منا جميعا أن ندرسه، ونلتفت اليه بالعناية التي يستحقها، ونخصص له هذه المقالة الرابعة مما كتبناه بهذه المناسبة، ونبدأ كما يلي:

إن العفو الملكي هذه المرة صدر بمناسبة الوباء وهي مناسبة نزول الشر الكبير بالشعب، بعد أن كان العفو يصدر بمناسبة الأعياد الدينية والسياسية فقط، وهي أوقات الفرح، وهذه مناسبة الحزن الكبير. إنها أول مرة في تاريخ البلد يصدر عفو من هذا النوع.
ومن الأدب وجميل الإعتراف أن نشكر جلالة الملك على هذا العفو، وكذلك كل الذين ساهموا في إعداد ملفات العفو من وزارة العدل ومندوبيةالسجون، والنيابة العامة وغيرهم، ورغم أن لائحة المشمولين بالعفو لم تنشر حتى الآن، وكون طريقة تنفيذ العفو تدريجية، وتحوم حولها احتياطات نتمنى بعدها المزيد من الخير.

وقد كنّا في هذه المناسبة لاحظنا توجيه رئيس النيابة العامة بعدم اعتقال القاصرين حرصا على سلامة صحتهم، وتوجيه رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية لأجهزة السجون والإعتقالات بأن تأخذ بعين الإعتبار الحفاظ على صحة السجناء، وهم مشكورون على هذه التوجيهات.

ولابد لي أن أذكر بعض الأمور هنا تأثرت بها، منها وفاة بعض القضاة والقاضيات، ومرض البعض الآخر بهذا الداء، وكذلك بعض المحامين والمحاميات، وغير هؤلاء، ونوجد جميعا في لحظة حضور المرض والموت، لأن الوباء يحيط بِنا جميعا.

وعند قرب الموت، يطلب الناس من بعضهم “المسامحة” وهي بالدارجة المغربية تعني العفو قبل الموت، بحيث لا ندري مع كورونا من السابق ومن اللاحق؟ ولكن ما تبقي ولو قصيرا من عمرنا نريده أن يكون مع عدالة نرضى عنها… وحكاما ديموقراطيين نعترف لهم بالجميل بدون مقابل.

وفي سياق ” المساميحة”، لاننسى أن نطلب من ضحايا من وقع عفو الملك عنهم أن يسامحوا من استفاد من العفو إن كان اعتدى عليهم، ونطلب كذلك ممن ظلم أحدا ووقع العفو عنه أن لا يرتكب ظلما آخر بعد العفو، لتكون المسامحة شاملة ومتبادلة…

كل ما قلناه هنا يهدف الى قطع جذور الكراهية والحقد والإنتقام وتخفيف الحزن من المجتمع ونحن نرى عدد المرضى والموتى بهذا المرض يزداد يوميا، ولا ندري إلى متى سيستمر هذا الإزدياد؟ وعلينا أن نعتني بهؤلاء المرضى، ونقف مع أقربائهم، ولو معنويا، حتى لا تقوم الفتنة إلى جانب المرض والموت عندما تزداد الحالة سوءا. وعلينا أن نعتبر الموتى شهداء هذا الوباء، ونحتفظ بلوائحهم لتكريمها، ونقلها الى الأجيال القادمة. فالسجناء معرضون للخطر أكثر، لأنهم خارج نطاق منازلهم وأقاربهم، وهم كثيرون في بلادنا، والأمور واضحة اذا أشرنا الى سجناء حراك الريف ونزاع الصحراء وآخرين..

ولهذا فإننا نلتمس أن تبقى لائحة العفو مفتوحة تدريجيا، وبدون الإقتصار على اللائحة المعلنة حاليا، كما نرجو من الشعب أن يعبر عن تشجيع العفو بالتعبير عن الشكر لمن يستحقه عبر وسائل الإعلام كتابة وشفويا…

الرباط في 6 أبريل 2020.

اقرأ أيضا

جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر

أثنى متداخلون مغاربة وجزائريين على دور المقاومة المغربية في احتضان الثورة الجزائرية ودعمها بالمال والسلاح، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *