فيروس كورونا يغير المجتمع التقليدي

أحمد الدغرني

لازال فيروس كورونا يتطلب من الناس جميعا أن يدرسوا ويفكروا في التأثير الذي أحدثه في المجتمعات البشريةفي بدايته، وسأتطرق في هذه المقالة الثالثة لتأثيره في بدايته على المجتمع المغربي كنموذج ربما يشمل كل شمال افريقيا وبلاد الساحل، وغيره، وسأبدأ بتأثيره من جانب ثقافي أولا،فهو قد طور ثقافة الجمهور حول المعرفة المتعلقة بالفيروسات والميكروبات، ووسائل النظافة بالمواد الكثيرة التي تستعمل فيها.

وأحدث تعبئة لجوانب المحافظة على الصحة، بالوسائل العلميةوالإنتباه الى خطورة العدوى بالأمراض المعدية ،التي تتنقل بواسطة تقاليد المصافحة بالأ يدي، وتبادل القبلات في الوجه، و تلويث المواد الغذائية بواسطة نقل الميكروبات ،والفيروسات ،بعدم استعمال الصبعيات، وعدم غسل الأيدي بالنسبة للتجار….ً ونقل الأمراض بواسطة الفلوس والأوراق النقدية، والأغذية المعروضة في المقاهي والمطاعم،ووسائل النقل بالطائرات والقطارات والسيارات، وأدخل لباس الكمامات وجعلها سلعة رائجة حققت منها كوريا الجنوبية أرباحا طائلة،على حساب استعمال الملابس البلدية كالنقاب، وأكلموس،واللثام الذي هو انتاج محلي كان سيعوض تجارة الكمامات الأسيوية لوكان هناك تدبير داخلي لهذه المادة الجديدة في السوق.

وكما وفرالوقت للتفكير والتأمل في العزلة داخل المنازل،وخاصة لدى الذين لا يهتمون بالتفكير أوالقراءة،والكتابة خلال الحياة اليومية،وسينتج مجتمعا لايستهين بهذه الأمور .

وتأثير هذا الفيروس الجديد على المجتمع التقليدي كبير الأهمية فقد عمل على تفكيك المجتمع ، وفرض دور الفرد وحده بشكل جديد ، فقد عطل من طقوس العبادات جميع الصلوات الجماعية، ولقاءات الزوايا والطرق الصوفية، وفرض ممارسة الدين الفردي كشأن خاص، وقلص دور البنايات الدينية الفخمة، ودور الإئمة الذين يخلطون الدين بالإمام وخاصة لدى الشيعة والأحزاب الدينية ،والطوائف والعائلات الحاكمة بالنيابة عن الإله ، وخاصة في دول الخليج، وأوقف الحروب الدينية ….وهمّش أجهزة المخابرات التي تحترف محاربة الإرهاب الديني، وعسكرة الدين لدى حزب الله اللبناني مثلا ..والغى طقوس دفن الجنائز،وتجمعات العزاء ،والحفلات، والأعراس…وقرب فكرة المرض والموت الى عقول المفسدين في الحياة اليومية،لكي يراجعوا سلوكهم.

كما سيساهم الجلوس والإنعزال المنزلي في حوارات بين الأطفال وأهلهم، مطولة لفض النزاعات العائلية بين المتزوجين،وبين الورثة، خاصة والمحاكم مغلقة،وسماسرة الفتنة العائلية لايجدون شغلا..
وقد أثر هذا الفيروس فعلا على ميدان الرياضة البدنية ،وأوقف أنشطة الإلتراس،وجعل الرياضة شأنا خاصا لايهم مافيا الإلعاب الرياضية التي تستغل هذا الميدان…

كما غير بشكل كبير ميدان السياسة،فلم يترك فرصة للمافيات الحزبية لتستغل المجتمع ،وجعلها حزبا واحدا،لم تعد لهم فرصة لتضليل الناس بزعم التعدد الحزبي،ولا دور لهم في ممارسة المعارضة الديموقراطية ،ولا شجاعة لهم في مواجهة الجمهور الذي يعاني، والإقتراب منه،ولا دور لفرقهم البرلمانية من جراء الخوف الذي نزل بهم،وانفلات صندوق كورونا من أيديهم وهو يملك أكبر ميزانية جديدة في البلاد، سيتصرف فيها غيرهم بدون استشارتهم..

ولم يبذلواجهدا في مراقبة تطبيق حالة الطوارئ الصحية كموضوع سياسي..وتركوا مجال السياسة جامدا وبيد البيروقراطية المخزنية التي تسير الدولة ،وكشف عن حاجة البلاد الى أحزاب شجاعة عرقلتها قرارات المنع في مرحلة ما قبل كورونا…ويحتاج المغرب الى سياسة حزبية جديدة،تجري المصالحة مع المظلومين، والمعتقلين السياسيين،في هذه المرحلة التي تتطلب انقاص الآلام الحزبية لما قبل كورونا،وخاصة لدى الريفيين ،والأمازيغ ،وضحايا نزع أراضي الجموع ،والسلالات والقبائل…
هذه بعض التأثيرات ،وليس كلها،ونفتح الطريق لمن يريد المزيد.

اقرأ أيضا

قراءة وتحليل لقرار مجلس الأمن رقم 2756 حول الصحراء المغربية

قبل أن نبدأ في التفصيل وشرح مقتضيات القرار 2756، يبقى جليا بنا أن نقف على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *