في أزمة التعليم

 الكاتب: عبدو إفغر

الحديث عن التعليم هو بصدد الحديث عن مؤسسة من مؤسسات إنتاج المعرفة في جل مستويات الوجود الموضوعي لشعوب تمارس صراعها التاريخي سواء كان له وجودا تاريخيا مع قوى الطبيعة أو لها وجود موضوعي تصارع فيه مع قوى ميتافيزيقيا ، أو لها وجود موضوعي من خلاله يصارع الإنسان استبداد السلطة.

فالقول بوجود أزمة في منظومة التعليم هو بصدد الحديث عن إنتاج له تحقيب تاريخي ك حدث عريض أفرز لنا نتيجة إنزلقات في مجرى التاريخ وفي حركيته ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا من أنتج هده الأزمة وكيف يتم الترويج لها ؟

إن محاولة الإجابة عن هده الأسئلة يجروا بنا لسؤال رئيسي يتمحور حول المؤسسة التي أنتجت مؤسسات إنتاج المعرفة ؟
من البديهي أن نقول بأن السلطة هي من أنتجت مؤسسات إنتاج المعرفة ،لكن يبقى التساؤل والإجابة في نفس الوقت عن مفهوم السلطة واليات اشتغالها ؟

فمحاولة الإجابة عن مفهوم السلطة يطرح إشكالات لعدم وجود تعريف جامع ومانع حوله نظرا لتعدد زاويا تم من خلالها تناول هدا المفهوم ،لكن ما يهم هو أن السلطة هو جهاز أو بالأحرى هي الترسانة الإيديولوجية/السياسية/ الاقتصادية /الثقافية …ما يفيد أنها منظومة لها أدوات السيطرة هدفه الأساسي هو الاستقرار والاستمرار في تربعه كراسي الحكم مما يحتم عليها أن تنتج مستويات مرتبطة بأهدافها فأنتجت المجتمعات السياسية دول تختلف من حيت طبيعتها فوجد المجتمع المدني أم مصراعي “دول دات نزعة سياسية لها طبيعتها الخاصة وغالبا ما تسمى” دول السطو ودول أوليكارشيا ،أتوقراطية …إلى غير ذلك .

إذن فكيف أنتجت السلطة الأزمة في منظومة التعليم وما هي طبيعة هذه الأزمة ؟

إن الإجابة على هده الأسئلة يطرح الكيفية التي استطعت السلطة أن تسيطر من خلالها على المجتمع المدني بصفة عامة والنخبة بصفة خاصة ، بهذا نكون أمام مستويات السلطة ،مما يطرح تساؤل حول مستويات صراع السلطة مع شعبها ؟ فمن خلال حديثنا عن السلطة ولو بشكل مختصر سنشير للمستويات التي من خلالها تنتج الأزمة في جل القطاعات وبصفة خاصة في منظومات التعليم .

١:المستوى الإيديولوجي.

إن صراع السلطة في مستواه الإيديولوجي مرتبط بمجئ عقبة بن نافع لشمال إفريقيا هدفه التاريخي هو التسويق لمنظومة العروبة بآليات الدين الإسلامي هدفه تعريب دول شمال إفريقيا وإعطائه بعدا نزعويا مؤسس على رؤية إتنوغرافيا بينوية بين الغرب الكافر والشرق المسلم وأخذ أنداك شكل حركات دعوية مهمته هو تعريب شمال إفريقيا وغرس جذور ثقافية شرقانية مع تمهيده وتأسيسية لفكرة الرجل المريض بعدما أن تم تمزيق وحدة هدا الشعب عبر المستوى الإيديولوجي و خلق صراع داخلي بين من يسعى أن يكون من أهل قريش ومن لم يقبل بدلك ، فتحول الصراع من صراع خارجي إلى صراع داخلي وأفرزت مفاهيم السيبة بين أبناء شعب شمال إفريقيا عبر هدا المستوى الإيديولوجي وتم تكريس ذلك عبر المستوى السياسي . إذن فما هي الكيفية التي سيطرت من خلاله السلطة على المجتمع السياسي؟

٢: المستوى السياسي.

بديهي أنه بعد التسويق الإيديولوجي وبعد تمزيق وحدة الشعب الأمازيغي أن تتحول الحركات الدعوية لمرحلة انتقالية هدفه هو السيطرة السياسية وإعطاء للبعد الإيديولوجي صفة الإلزام بعدما أن كان عبارة عن تصور ملغوم لم تقبل به جل المجتمعات الساكنة لشمال إفريقيا مما أفرز لنا تناقض بين أبناء الشعب وكان للمستوى السياسي آنذاك بعدا ممانعاتيا في أذهان شعبنا تخول له صفة التحكيم بين من يعيش أزمة ذاتية نتيجة للمستوى الإيديولوجي كان مهد للطريق نحو مستويات أخرى فتحول التناقض مع الدخلاء إلى تناقض مع من يقطن هدا المجال فخولت الصلاحيات للدخلاء أن يقوموا بما يريحهم في هدا المجال ،فبعد القبض بمستويين وإنتاج لمستويات أخرى منها ما يتعلق بالشق الثقافي واللغوي عبر المستوى الإيديولوجي ستعطى الشرعية له عن طريق القبض بالمستوى السياسي لكي يتم التمهيد لما هو أهم تتصارع عليه الآن فرنسا والدول التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية ،إنه الصراع الاقتصادي …. فكيف تم الوصول إليه ؟

٣:المستوى الاقتصادي

إن المستوى الاقتصادي هو الضامن لاستمرارية جل مستويات السلطة من خلاله تستطيع أن تتحول من نقطة لأخرى ومن خلالها تستطيع أن تقارب الفعل الاحتجاجي بمقاربات سواء كانت قمعية أو إيديولوجية عبر وسائل الاتصال هدفه هو إعادة إنتاج نفس موقعها الاجتماعي /السياسي/الثقافي ،فاستطعت السلطة كلما وجد تناقض سواء إيديولوجيا أو سياسيا أن تقوم بفكه اقتصاديا سواء داخليا أو خارجيا ،فعلى المستوى الداخلي تقاربه بالمقاربة القمعية/ الإيديولوجية عبر تمويلها لكلاب الحراسة سواء كانوا مخزنا اجتماعيا “نموذج العدالة والتنمية ..” أو كانوا مخزنا ردعيا /قضائيا عبر تسخيره لقوى القمع للقضاء على دلك ،أما على المستوى الخارجي فذلك يتم عبر صفقات عمومية واتفاقيات سرية “اتفاقية الصيد البحري نموذجا …”.

إذن فوصول السلطة لهدا المستويات أولى بداياته مرتبط بالحركات الدعوية بعدها المستوى السياسي وبعدها أيضا المستوى الاقتصادي ، ما يفيد أن المستوى الإيديولوجي ينتج ثقافة بينيوية مرتبطة بشكل خطي مع ثقافة شرقانية يضمن إنتاجها المستوى الاقتصادي هدفه السياسي هو الاستقرار وضمان العيش على أنقاض من لا حول ولا قوة له ،لذلك اليوم عندما نفكك السلطة ونقوم بدراسة مسارها التاريخي نصادف أن جميع الأزمات التي يعيشها شمال إفريقيا لا يمكن أن تخرج عن إطار معين مفاده أن أزمة التعليم /الصحة /التنمية هي أزمات بينيوية أنتجت في تحقيب تاريخي تاليها إنزلقات ومراحل انتقالية بشكل تدريجي هدفه تمزيق وإعادة تمزيق شمال إفريقيا من أجل استقرارها وإعادة استقرارها عبر قبضها لمستويات شعبها “الشرق” لذلك اليوم نرى أن من ينتج المعرفة يتم الوقوف أمامه لأن ما تخشاه السلطة هو النقد والانتقاد ،لذلك تم تزوير وتزييف التاريخ وإنتاج ثقافة دخيلة في مقابل ذلك يتم طمس تاريخ هدا الشعب وإنتاج الأزمة في قطاع التعليم لكي يتم وضع الحقيقة موضع أكبر أكذوبة في التاريخ ،بالإضافة إلى أن ما يهم هو أن الأزمة لم تكن حبيسة قطاع التعليم بل شملت باقي القطاعات لأن ما يهمها هو الاستقرار …

خلاصة القول إن الأزمة في شمال إفريقيا لم تكن نتاج اليوم ولا الأمس بل هي بينيوية وأي مجابهة للأزمة كيف ما كانت يجب أن تكن بينيوية…

اقرأ أيضا

جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر

أثنى متداخلون مغاربة وجزائريين على دور المقاومة المغربية في احتضان الثورة الجزائرية ودعمها بالمال والسلاح، …

تعليق واحد

  1. تماما أستاذنا الفاضل..
    أيوز نك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *