في الأعراف الأمازيغية بقبائل زمور و زيان

 

الأستاذ أبو الوفاء رحال

محامي بهيئة الرباط

هناك أنواع من الزواج عند القبائل الأمازيغية، و منها زمور و زيان، و سنكتفي بالتعرض لنوع واحد فقط، هو زواج “أمزال” أو “أمحارس” و ذلك في مبحث واحد نقسمه إلى ثلاث فقرات، نتعرض في أولها بالتعريف بأمزال، و في الفقرة الثانية نتناول مدة عقد، و نخصص الفقرة الثالثة لشروط انعقاد هذا الزواج و فسخه.

الفقرة الأولى: التعريف ب “أمزال”

من هو أمزال؟ هو رجل أجنبي عن القبيلة التي يلجأ إليها بسبب ارتكابه لجريمة في قبيلته أو لمشاكل عائلية غادر بسببها القبيلة التي ينتمي إليها. فهو بالضرورة في حاجة إلى من يحميه و يؤويه، لأنه لا يملك إلا قوته البدنية للقيام بأعمال تطلب منه. و لذلك فهو يحتمي بأحد أفراد القبيلة الوافد عليها الذي يتولى تزويجه بإحدى بناته، أو إن لم يوجدن نساء القبيلة مقابل الاشتغال عنده لأجل محدد هو عبارة عن صداق. و لا يجوز لأمزال أن يغادر زوجته قبل انتهاء  مدة العقد و إلا سيعرض نفسه للخروج فارغ الوفاض و بدون أية مكاسب. و إذا وقع الطلاق قبل إنتهاء أجل العقد، فإن أمزال ملزم بدفع النفقة  للزوجة و الأبناء الذين تقل أعمارهم عن سنتين. أما إذا كان رئيس الخيمة أو رب الأسرة هو الذي يرغب في طرد أمزال، فإن الجماعة تلزمه بدفع ما مقداره 100 ريال كتعويض عن الطرد.

الفقرة الثانية: مدة العقد

تحدد في شروط العقد مدته التي تقترب من عشر سنوات أو تقل عنها قليلا، كما تحدد فيه بقية الشروط و منها مبلغ الصداق بعد استيفاء مدة العقد التي تصل في بعض الأحيان 3 سنوات بعد انقضاء الأجل المتفق عليه، يمكن لأمزال أن يغير نوع عقد الزواج من درجة أمزال إلى درجة أعلى، و ذلك بعد أداء صداق متفق عليه مسبقا كما سبقت الإشارة إليه.

ويستخلص هذا الصداق من نصيب أمزال في المنتوج و يبقى هذا العقد الجديد رهين موافقة صريحة من الزوجة لأن موافقتها تعطي للزوج الحق في تغيير مقر سكناهما و حتى الخروج من القبيلة إن شاء ذلك.

ويعتبر شرط جمع الصداق من الشروط التعجيزية إذ يصعب على خادم بسيط أن يحصل عليه في ذلك الوقت.

الفقرة الثالثة: شروط انعقاد زواج أمزال و فسخه

خلافا للزواج العرفي المبني على صداق و الذي يتم بين رجل و امرأة من نفس القبيلة، و يكون الصداق فيه بمثابة شراء للمرأة التي تصبح منذ الوهلة الأولى كبضاعة خاضعة للزوج و في مرتبة دونية، فإن زواج أمزال على العكس من ذلك يكون الزوج خاضعا للمرأة و أقل منها درجة في نظر القبيلة. فهذا النوع من الزواج الذي يسمى بعقد أمزال نجده في الشرق القديم و يسمى “صدق” عند البابليين و عند العرب القدماء و الآشوريين الذين يعتمدون على العائلة الأموسية أي التي ترجع النسب للأم. فأبناء أمزال لهم مع أبيهم علاقة شرعية مشروطة، فالمرأة بعد زواجها من أمزال تبقى داخل القبيلة و وسط عائلتها و تتولى تربية أبنائها و الزوج يبقى لزوما عند أصهاره أو عند زوجته وسط القبيلة إذا كانت تتولى أمورها بنفسها قبل الزواج بأمزال. فالزوج يضع نفسه في خدمة أهل الزوجة كالخادم أو كشريك ذي مرتبة دونية وسط العائلة. أجرته تبقى أنه حضي بزوجة و يعطى في نهاية العقد 1/3 أو الربع ¼ من المحصول ليبدأ حياته الخاصة. في بعض الحالات يمكن أن يتضمن عقد أمزال طلب التبني من رب الأسرة. فإذا قبل هذا الأخير شرط أمزال المحمي عنده، فإنه يصرح أمام الشهود  أن أمزال أصبح بمثابة ابنه الحقيقي و بذلك يصير أمزال وريثا بالتبني إذا توفي رب الأسرة كما يورث أمزال بدوره، إذا توفي و توزع أملاكه بين الأبناء الذكور لرب الأسرة التي تبنته. هذا و سنتطرق في بحث لاحق لأمحارس بقبائل زيان الذي لا يختلف في وضعيته بقبائل زمور.

المراجع: بتصرف عن جورج مارسي في كتابه “أعراف قبائل زمور” Droit Coutimier Zemmourطبعة 1494 الصفحة 43 و ما بعدها.

مقال نشر بجريدة “العلم”

العدد 21894 بتاريخ 9 فبراير 2011

 

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *