اطلعت على تصريحاتك الأخيرة التي هاجمت فيها من وصفتهم بـ”مستغلي الفرص لنفث العداء والضغينة في المجتمع”، في سياق دفاعك عن موقفك من خطاب السيد أحمد التوفيق.
وإذ أجد نفسي، كشخص شارك في النقاش حول تصريح السيد الوزير بشأن مفهوم العلمانية في السياق المغربي، أرى من الضروري توضيح بعض النقاط.
أولاها، أن المغرب يا سيد ابن كيران بلد وهبه الله نعمة إمارة المؤمنين، وهي المرجعية العليا التي تضمن ممارسة المغاربة لشؤون دينهم، كيفما كان، في إطار من الاعتدال والتسامح، بعيداً عن أي استغلال سياسي أو توظيف حزبي، هذه المؤسسة السامية، بمكانتها التاريخية ودورها الراسخ في توحيد المغاربة وحماية قيمهم المشتركة، ليست بحاجة إلى من ينصبون أنفسهم أوصياء على الدين أو المجتمع، أو يدّعون امتلاك حق الدفاع عنها بما يعكس أجنداتهم الشخصية.
وثانيها، ان حديث السيد أحمد التوفيق عن العلمانية في سياقها المغربي، فهو يعكس قراءة عميقة وواقعية لمفهوم يحمي الدين من الاستغلال السياسي، ويصون التدين الفردي من التوظيف الحزبي.
نعم ان العلمانية المغربية ليست نسخة مستوردة للعلمانية الغربية، بل هي نتاج تجربة أصيلة تسعى لضمان انسجام المجتمع بعيداً عن الانقسامات التي تخلقها خطابات تستغل الدين كأداة سياسية. وللأسف، أثبتت التجارب أن خلط الدين بالسياسة لا يؤدي إلا إلى التفرقة بين أبناء الوطن، وهو ما برز بوضوح في ممارساتك وخطاباتك التي تستهدف خلق الاصطفافات والعداوات داخل المجتمع.
ثالثها، إن ما تفضلت به عن “مستغلي الفرص” يبدو محاولة مكشوفة لتحويل النقاش من مواجهة موضوعية إلى خطاب يشكك في نوايا المخالفين، متجاهلاً أن المغرب وطن يتسع لجميع أبنائه، مهما اختلفت أفكارهم وتوجهاتهم، ومن يستغل الفرص حقاً هو من يحوّل كل تصريح إلى مادة للابتزاز السياسي، مستفيداً من مناخ الديمقراطية التي ترسخت بفضل علمانية المغاربة، إن خطابك الذي يعتمد على تخوين الآخرين وشيطنة الأفكار المختلفة، ما هو إلا انعكاس لعجزك عن تقديم رؤية مقنعة وحجج رصينة.
رابعها، ان المغرب يا ابن كيران وطن للجميع، والعلمانية التي تسعون إلى تشويهها هي تعبير عن هذا التعدد والتنوع الذي يميزنا، وهي صمام أمان يحمي الدين من التوظيف السياسي، ويمنع أي جهة من محاولة الاستفراد به لتحقيق مكاسب ضيقة، فكلما خسرت معركة فكرية أو سياسية، لجأت إلى خطاب المظلومية وتخوين الآخرين، وهو دليل إضافي على عجزك عن مواكبة قضايا الوطن برؤية موضوعية ومسؤولة.
وفي الأخير أقول لك “سلاما”