في ذكرى وفاة “مصطفى البوعزاتي” أحد أعمدة النضال الأمازيغي بالريف

مصطفى البوعزاتي، الملقب “بأمسرم” عند جل معارفه وأصدقائه، كان مناضلا في الحركة الثقافية الأمازيغية وساهم في إحياء وتأسيس الخطاب الأمازيغي من داخل موقع “سلوان” بالخصوص، وكان مناضلا نشيطا من داخل هذا التنظيم، إلى درجة أن بعض خصومه في الجامعة، الذين لا يؤمنون بمعنى الاختلاف والنسبية، هاجموه ذات مرة في مقصف الكلية وكان قاب قوسين أو أدنى من الموت بسبب الجرح الغادر بالسلاح الأبيض، لولا الألطاف الإلهية لكان في خبر كان في ذلك الزمان.

بعد عودته إلى الساحة من جديد رفض الانتقام ممن مارسوا عليه هذه الهمجية الجبانة، واعتبر نفسه منزها عن هذا الانتقام واعتبره كذلك ضعفا لشخصية الإنسان، لأنهم فقط ضحايا لطبيعة التنشئة الاجتماعية التي لازمتهم منذ مدة، والعنف يلجأ إليه الفاقد للمعرفة والفكر السليم أو المتطرف في أفكاره من جهة آخرى.

“أمسرم”، فضل الابتعاد عن هذا الموقع مؤقتا حفاضا على سلامته الجسدية، لأن عيون خصومه تترصده حتى قبل خروجه من المستشفى. وقد تلقى آنذاك حملة إعلامية تضامنية غير مسبوقة في المواقع الإعلامية والاجتماعية. 

مصطفى البوعزاتي، عاد هذه المرة ليتابع دراسته من جديد بموقع وجدة، وفضل أن يكون موقعه الثاني بعد سلوان، وبدأ يجتهد في تخصصه في القانون الدستوري، وسجل نفسه في سلك الماستر وكان من المتفوقين ومن الآذكياء وليس من الحافظين للمساطير والنصوص القانونية بدون فك شفراتها واستنباط أحكامها، وما امتلاء القاعة بالحضور أثناء منقاشته لأطروحته في سلك الماستر إلا دليلا على وزنه الفكري في الساحة الطلابية.

ودائما كان يملك حسا نقديا لكل القضايا المطروحة للنقاش والجدل، وخاصة في المجال الذي كان يرتاح إليه دائما وهو الإسلام السياسي، وكان يقارع خصومه خاصة الحالمين بالعودة إلى مايسمونه زورا وبهتانا ب”العصر الذهبي”.

وكان حواره دائما يتسم بالرزانة والهدوء بعيدا عن فرض رأيه بالقوة أو بالتعالي بالأصوات، هدوء يجعل الكل يلتقط ما يقوله. وآخر ندوة شارك فيها كانت بالحي الجامعي بوجدة معنونة ب”الإسلام السياسي” إلى جانب حسين الادريسي هذا المفكر الأمازيغي الذي مات هو كذلك قبل سنوات قليلة. 

اخترنا هذه الكلمات القليلة في حقك، حتى لا ننسى من قدم إسهامات فكرية في سبيل تطوير خطاب الحركة الثقافية الأمازيغية، الذي يعرف دائما دينامية ولا يعرف معنى الجمود، وليس حبيسا منطق أو بعد وحيد أوحد في التحليل.

في هذه الذكرى، نقول لك يا أمسرم، إرتح في قبرك فهناك من استمر على منوالك وآمن بالقضية التي كنت تترافع عليها، فلا مجال أن يأنبك ضميرك، فهناك من تسلح بنفس خصالك وعزيمتك وقوتك الفكرية المتسمة بالنقد والحكمة أثناء الكلام.

عن صفحة الحركة الثقافية الأمازيغية موقع “ثيطاوين”

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *