في نقد نظرية الصقور والحمائم وتعددية المقاربات

مصطفى المنوزي

( أو الحاجة إلى تنصيب المجلس الأعلى للأمن )

إن العلوم الأمنية علوم غير حقة ، ويفترض فيها تعدد المقاربات،بين إعتدال وتطرف ، وعدم تطابقها وعدم تماثل مهندسيها ! صحيح أن نظرية الصقور والحمائم نسبية ، وأن مفعولها البداغوجي أوالديماغوجي ، لا يروم سوى التمييز الشكلي بين مقاربات أمنية لا تختلف في الجوهر.

ولكن يبقى ، رغم كل شيء ، شرط استحضار التمايز بين وقع كل مقاربة عند كل تعامل او حوار او خطاب ضروريا، فالإعتدال ولو شكلانيا اقرب إلى تحقيق مطلب الحكامة وبلوغ هدف التدبير السلمي.

أما تطرف ومغالاة بعض المقاربات لا يساعد إلا على اتساع الهوة وتكريس منطق الدولة المخيفة عوض الدولة القوية، من هنا فالإصرار على استبعاد التمييز بين المقاربات حسب الموقع والاجهزة والخلفيات والمرجعيات، قرينة على جدوى إحداث المجلس الأعلى للأمن الذي يفترض فيه تنسيق التصورات والمقاربات و السياسية العمومية في مجال الامن لفائدة التفاعل الإيجابي المتبادل (synergie positive ).

فليس مطلوبا التطابق أوالانسجام المطلق ، بل تناغم لن يتحقق بالنفي المطلق بوجود اختلاف في الرأي والموقف ،وإلا ما جدوى تعدد وتنوع الإجهزة، وما غاية الرقابة البرلمانية والقضائية على السلوكات والسياسات الأمنية حيث يفترض التمييز بين خطأ المؤسسة الأمنية المرفقي وبين خطأ الفاعل الإمني الشخصي ؟

إن الدولة التي تدعي الإستقرار لا يخدمها تعدد مراكز القرار اللهم في إطار تضاد السلطات وشفافية إشتغالها تحت رقابة سلطات التشريع والقضاء والتنفيذ المستقلة عن بعضها البعض ، وقد أتبثت التجربة أن تماهي المسؤوليات مضر بسمعة القرار الاستراتيجي خاصة وأن الجميع صار واعيا بضرورة التخلص من التررد والإرتباك بدمقرطة الشأن الأمني وإدماجه ضمن السياسات العمومية عوض رهن البلاد لمصير ” الإنتقالات ” المتكررة والمبتذلة .

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *