تقرير: حميد أيت علي “أفرزيز”
إحتفالا بالسنة الأمازيغية الجديدية 2969، نظمت جمعية “المعيدر للثقافة والتنمية”، بقصر “تافراوت” جماعة سيدي علي جهة درعة تافيلالت، قافلة إنسانية لفائدة رحل الحدود، تحت شعار “الكرامة لأطفال الرحل” في دورتها الثالثة، أيام 24 و 25 يناير 2019، تم من خلالها تقديم مساعدات إنسانية، وتدشين مدرسة متنقلة لفائدة أطفال الرحل.
القافلة تخللها توزيع مواد غذائية وأغطية لفائدة أكثر من 40 عائلة للرحل، مع توزيع حمامات متنقلة وبعض الخيم، بالإضافة إلى مرافقة القافلة لطاقم طبي، يقدم الإسعافات الأولية وإرشاد الرحل للطرق المناسبة، للحفاظ على صحتهم قدر الإمكان.
وتأتي خطوة توزيع الحمامات المتنقلة في الدورة الثالثة لفائدة الرحل، من طرف الجمعية المنظمة للقافلة، كلبنة أساسية وحلا جذريا من طرف المجتمع المدني، الذي خلص في الدورات السابقة للقافلة، إلى أن الأمراض التي يعاني منها الرحل، تأتي بسبب غياب أماكن الاستحمام لدى الرحل، مما يجعل الأمرض الجلدية، تتكاثر لدى هذه الفئة الإجتماعية.
من جانبه صرح “حمو أيت القائد” بصفته رئيس جمعية “المعيدر”، لجريدة “العالم الأمازيغي” التي تستجيب دوما لدعوة المجتمع المدني بالمنطقة، لتغطية هذه القافلات المهمة، أن الحدث المنظم تميز هذه السنة بخطوة فريدة من نوعها، وهي تدشين مدرسة متنقلة لفائدة أطفال الرحل، بشراكة مع جمعيتي “إغرمان، وجميعا من أجل المنطقة”، بتعاون مع جمعية فرنسية “Defi de coeur”.
مشيرا أن الهدف الذي يجعل المجتمع المدني يهتم بالرحل وأطفالهم، هو تبيان مدى معاناة هذه الفئة الهشة، وإيصال صوتهم ومشاكلهم للمسؤولين، عسى أن تتحرك الضمائر، وتلتفت الدولة للرحل، لمساعدتهم على العيش الكريم، وتوفير الصحة والتعليم، والماء للرحل، كي نرى شعارنا “الكرامة لأطفال للرحل”، على أرض الواقع.
في ما إعتبر “موحى نوغو” بصفته ممثل الرحل بجمعية “جميعا من أجل المنطقة”، عمل المجتمع المدني بجماعتي “الطاوس وسيدي علي” الحدوديتين، بالمثمر والمفيد للرحل، فبعد أن كانت هذه الفئة تعاني من غياب أبار تسقي عطشها بمعية قطيعها، الذي يقطع مسيرة نصف يوم لجلب ماء الشرب من واد غريس؛ بادر المجتمع المدني بتمويل ذاتي ومحسنين، في حفر أبار منتشرة إنتشار الرحل بالحدود، مع وضع مضخات مياه وطاقات شمسية وصهاريج خاصة لتخزين المياه، وكذا المخصصة لشرب قطعان الرحل.
مضيفا “نتمنى أن نجد تمويلا كبيرا، سواءا من محسنين أو من طرف الدولة، لحفر مزيد من الأبار بالمناطق الإستراتيجية للرحل، كي نظمن لهم مجالهم الرعوي، والذي يتقلص يوما بعد يوم، بسبب التقلبات المناخية، وكذا قانون محاربة الإرهاب والتهريب، وهذا الأخير جعل الرحل يُطردون من مناطقهم الرعوية، بذريعة الحفاظ على سلامة الوطن والحدود.
هذا ووصف “موحى كراوي” رئيس جمعية “إغرمان”، في تصريحه لجريدة “أمضال”، القافلة المنظمة بالحدث التاريخي والمهم، حيث للمرة الأولى تعرف هذه الفيافي الحدودية، تدشين مشروع مدرسة متنقلة، من طرف المجتمع المدني، وبتعاون من جمعية فرنسية “Defi de coeur”.
مضيفا أن المدرسة ستعرف الإنطلاقة في شهر مارس من هذه السنة، مع توزيع دراجات عادية لأطفال الرحل، كي يتمكنوا من التنقل بإتجاه المدرسة، على أمل أن تفي جهة درعة تافيلالت بوعدها في ما يتعلق بتقديم المساعدة لهذه الفئة المهمة من المجتمع المغربي، والاعتراف بهذه المدارس المتنقلة من طرف مديرية التعليم بالجهة، لنتمكن نحن كفاعلين جمعويين من تحقيق حلمنا الذي طال أمده، والذي هو عبارة عن ثلاث مدارس متنقلة لفائدة أطفال الرحل، لننقذ بذلك فلذات أكباد هذه الشريحة المهمة من الأمية والجهل.
وجوابا على سؤال جريدة “العالم الأمازيغي” عن الأسباب التي جعلت الرحل يعانون الفقر والإهمال وكذا التهميش؟، إعتبر الفاعل الجمعوي، وكاتب مجلس الجمعية المنظمة للقافلة “محمد حمدان”، الأسباب التي جعلت رحل “جماعتي سيدي علي والطاوس”، يعيشون عدة مشاكل، بالأسباب الكثيرة من بينها ما هو مناخي، ومنها ما هو سياسي، وكذا اجتماعي ثقافي.
مشيرا أن الأسباب المناخية، مرتبطة بالتغيرات المناخية وتداعياتها الوخيمة على الكلأ، حيث أن عدم انتظام التساقطات وندرتها تسبب في نفوق الماشية التي تشكل المورد الإقتصادي الأهم للرحل؛ مشيرا ذات المتحدث للسبب السياسي، والذي يتجلى في كون هذه الفئة الهشة لم تنل الإهتمام في البرامج التنموية للبلاد، كالتطبيب والتمدرس والدعم المباشر وغيرها، حتى وإن كانت هناك مبادرات محتشمة في مناطق أخرى، تظل بعيدة عن تحقيق تطلعات هذه الساكنة.
هذا وأشار “حمدان” للسبب الأخير والذي يتعلق بإعادة إنتاج البؤس الذي ينخرط فيه هؤلاء الرحل، موضحا أن الطفل الذي يترعرع في أحضان الفقر والأمية ينخرط في إنتاج نفس النمط المعيشي الذي نشأ فيه، حيث أن الفرد لا يكتسب أية مهارات ولا معارف تتيح له الإنخراط في سوق الشغل بصفة فعالة, ويبقى حبيس الوسط الذي عاش فيه.
من جانبه وجوابا على سؤال جريدة “أمضال”، عن الحلول التي يجب إتخذها لمحاربة مشاكل ومعاناة الرحل؟ وصف الفاعل الجمعوي والناشط الحقوقي “لحسن بوني”، الرحل بالموروث الثقافي والحضاري الكبير، ونمط يختزل الشيء الكثير عن جوانب مختلفة من الحضارة المغربية خاصة، وشمال إفريقيا عامة- تمازغا- والذي يحتضر أمام أنظار أبنائه، وذلك في غياب سياسة تنموية تأخذ بعين الاعتبار هذا الركن الأساسي من الثقافة المغربية قبل أن يكون شكلا من أشكال الإنتاج الاقتصادي القائم على التنقل والترحال بحثا عن الماء والكلأ لقطعان الماشية.
وحفاظا علی هذا الموروت الحضاری يضيف “الناشط الحقوقي”، وجب اعتبار نمط عیش الرحال تراثا وطنیا من الضرورة الحفاظ علیه من التدهور والاندثار، مع وضع رؤی وخطط استراتيجية تستهدف التخفیف من أثار التغیرات المناخیة علی نمط عیش الرحل وحیاتهم، بالإضافة لضرورة تظافر جهود الجمیع، بغية إیجاد حلول ناجعة لمشاکل الرحل ـ افراد، جماعات/سلطات، هیٸات…ـ. لتحقیق مختلف الحاجات المرتبطة بالطبیعة البشریة والمعززة للکرامة الانسانیة للرحل و ابناٸهم.
والأسئلة التي تطرح نفسها في هذا المقام حسب تعبير الفاعل الجمعوي، والتي إن تم الإجابة عنها ستكون حلا لما يعانيه الرحل وهي: ما موقع الرحل ككل ورحل الجنوب الشرقي في برامج وزارة الفلاحة في مخططاتها المختلفة؟ وأي نصيب يحضون به في برامج وزارة الصحة ووزارة التعليم ووزارة الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية؟ أو حتى ضمن أجندة وزارة الداخلية لحمايتهم من المضايقات المختلفة التي يتعرضون لها حيثما حلوا وارتحلوا؟ ومتى كان الرحل نقطا من نقط جدول أعمال مدبري الشأن المحلي سواء على مستوى الجماعات المحلية القروية التي ينتمون إليها أو يتحركون في مجالها؟ أو على مستوى المجالس الإقليمية والجهوية؟، أم هم مجرد طبق سياحي يوظف من قبل مختلف الفاعلين في القطاع لاستقطاب المزيد من هواة السياحة القروية والجبلية دونما التفاتة من أحد!!!.
يشار أن قافلة الكرامة لأطفال الرحل، التي نظمتها جمعية “المعيدر” بشراكة مع الجمعيتين “إغرمان وجميعا من أجل المنطقة”، قدمت لجريدة “العالم الأمازيغي” المرافقة للقافلة، معطيات وإحصائيات، تفيد أن الجمعية سجلت في هذه القافلة، تسعون طفلل، لا يتجاوز عدد من يلج المدرسة 20 طفلة وطفلة؛ مشيرة معطيات الجمعية أن نسبة المستفيدين من التمريض في ذات القافلة قدر عدده ب 24 حالة، مع تسجيل حالات مرضية كثيرة ك”الگزيمة _ ليشمانيوز _ عنق الرحم _ أمراض جلدية…”، وحالة ـ إعاقة ـ واحدة، مع تسجيل شفاء معظم الحالات المرضية، التي تم التطرق لها في الدورتين الماضيتين.