قراءة في تدوينة “الرميد” والاجتماع الطارئ “للبيجيدي” بخصوص ملف حامي الدين

*الدكتور الحسين شنوان

المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية…
صحيح ما جاءت به تدوينة السيد مصطفى الرميد، وزير لحقوق الإنسان، يعتبر تحول جوهري في فكر وتصور الجماعات الإسلامية لوجود أسئلة ملحة مرتبطة بالنازلة أولها:
أن حركات الإسلام السياسي والحركات الجهادية الإسلامية هي أول من يكفر بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان..

ثانيها: أن الخرجة لا تعبر عن تصور نابع من احتكام تام للمؤسسات وللمؤسسة القضائية “المستقلة” كما وطنها السيد الوزير في ولايته السابقة وإبان الحركات الاجتماعية كانت شماعته في غض الطرف عن بعض التجاوزات، بل على عكس ذلك تناصر أخا لكم في الجماعة وكأنه فوق المسألة…

وثالثها وهو الأخطر هو فتح الباب لتناول القضية من جهة الاحتكام للمواثيق الدولية وكأن صاحب التدوينة يهدد بتدويل القضية، وهو ما يتنافى مع مسؤولياته من داخل حكومة تمثل دولة اسمها المغرب داخليا وخارجيا وتعاكس مفهوم الوطنية والوطن، وما هي إلا محاولة للاستقواء بمواثيق تتفق جميع الحركات الإسلامية أنها تعارض الدين في موضوعها وأنها صيغت بخلفية امبريالية استعمارية…

ورابعا، العهد الدولي لحقوق لا يتم تلخيصه أو حجبه أو تحجيبه أو حتى تنقيبه – نسبة إلى النقاب الشرعي- في المادة 14 -وما جاء داخلها من نقط فرعية تفصيلية- التي جاءت بعد مواد عديدة تتحدث عن حقوق أخرى مدنية وسياسية وثقافية تُصر على أن لا مفاضلة لشخص على أخر بالجنس أو بالعرق أو بالدين، بل تحدثت بعد الديباجة عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها…

هذه النقط الأولى والخطيرة تجعلنا بين مسارين لا ثالث لها، إما أن يقايض المغرب الوطن بكامله من اجل حامي الدين أو أن نبني وطن يحتكم فيه الجميع للمؤسسات… ويمكن للمحللين اليوم أن يتحدثوا عن حل الحكومة وإجراء انتخابات سابقة لأوانها لان التقية والمداراة و المداهنة ستلزم ذلك فهل سيبقى المغرب قويا رغم انف التنظيم الدولي الذي لا يحتكم لا لوطن ولا ولأعراف ولا ولاء له إلا ولاء السلطة التي يسعى لها منذ فجر التاريخ وبينه وبينها عهد الخلافة والحب الأبدي…

الإخوان اكبر من المؤسسات هكذا يظن البعض، والحكومة تابعة للتنظيم الدولي، واجتماع الأمانة العامة بهذا الخصوص ما هو إلا إعلان انفصال عن المؤسسات التي هي مشرفة عليها بشكل مباشر وضرب في الحياد الذي تقتضيه المسؤولية الحكومية، فمن هم الانفصاليون الحقيقيون؟
هي قراءة فقط ولا تعني بأي شكل من الإشكال الاصطفاف في جهة طرف ضد أخر، لان العروبة الاقصائية هي أساس النزاعات وهي التي إلى اليوم نجني ثمارها سياسيا واقتصاديا وقضائيا وتصارعنا في وحدة الوطن وهيبة المؤسسات، فهل سنشهد ريع قضائي يحابي هذا ويُسكن أخر عكاشه لأنه مختلف تاريخيا وثقافيا وهوياتيا…

تحت شعار لا للتشفي نعم للنقاش المؤسساتي ما دام هو شماعتكم الأبدية…
وفي هذا المجال هناك خطأ منهجي واستراتيجي أوقع المدافعون عن حامي الدين أنفسهم فيه، وهو تبريرهم لما قد يكون صك براءته بأنه أُنصف سابقا من قبل هيئة الإنصاف والمصالحة عن ما يسمونه اعتقال تعسفي، من ناحية الشكل هو ترافع مقبول ولكن في المضمون يحيل على ما يسمى تشريعيا وفقهيا بالعدالة الانتقالية، وهو كشخص جزء منها كطرف ادعى مظلوميته، ولكن العدالة الانتقالية تنص كذلك على مبدأ عدم الإفلات من العقاب، ما دمت جزء منها “كضحية” فلأي كان الحق في المطالبة بإعادة إدراج ملف نوقش في العدالة الانتقالية للتحقق من استيفائه لشروط الاستفادة من التعويض والعفو بالمال العام..

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *