قراءة في ديوان “ⵜⵜⵓⵖ” للشاعر الأمازيغي عبد الواحد حنو

يونس لوكيلي

من المعروف أن الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف شاهد على الحياة الفنية والإبداعبة التي عرفها الإنسان الريفي، وهو الوسيلة الوحيدة التي يتنفس بها عن معاناته وآلامه وهو كذلك وسيلة للتعبير عن طموحاته وتطلعاته المستقبلبة وأحلامه الشعورية واللا شعورية وفي هذا السياق خرج إلينا إلى الساحة الأدبية ديوانا شعريا جديدا لصاحبه عبد الواحد حنو تحت عنوان نسيت “ⵜⵜⵓⵖ” ، ويتميز هذا الديوان بكونه يعالج قضايا اجتماعية وسياسية آنية وخاصة ما يتعلق بالريف، كما يعالج قضايا إنسانية بحتة.

ومن خلال العنوان الذي اختاره الشاعر لديوانه “ⵜⵜⵓⵖ” أي نسيت، فيمكن أن نربطه بآراء بعض الفلاسفة، حيث أن النسيان قد يكون ذو طبيعة سلبية (عدم القدرة على مواجهة المعاناة في الواقع)، وقد يكون ذا طبيعة إيجابية (عامل من عوامل التوازن النفسي والإجتماعي).

ويمكن إجمال عناصر القراءة في هذا الديوان في النقط التالية:

• الغلاف:
جاء غلاف الديوان على شكل زوبعة في صورة امرأة تحاول الانتفاض على ما هو كائن وتدمير ما يوجد في جنباتها، وفي نفس الوقت هناك شمس مشرقة وكأنها بصيص أمل أو أنها إعلان عن نهاية مرحلة وبداية أخرى.

• العنوان:
كتب عنوان الديوان بالحرف اللاتيني، ويدل العنوان “نسيت” الذي جاء فعلا تاما لعملية النسيان-يدل- على حالة لا شعورية من خلاله يتم كبت الآلام والهروب من الواقع، كما أنه قد يكون حالة طبيعية وشرط من شروط التكيف السليم مع الغير. فالذاكرة إذن بهذا المعنى تعني التنظيم في المقابل نجد أن النسيان يدل حالة من الفوضى. وقد اختلف الفلاسفة في تحديد ميزة النسيان أهو سلبي أم أنه حالة طبيعية. وللعنوان علاقة وطيدة مع باقي القصائد التي تفند أن الشاعر لا ينسى ذاته وطنه أرضه وهمومه….. لهذا نجد أن الشاعر قد توفق في اختيار العنوان، خصوصا إذا علمنا أن العنوان يرتبط بباقي القصائد التي يصل عددها إلى 45 قصيدة ارتباطا موضوعيا.
وتدل كتابة الديوان باللون الأحمر على أن الديوان سيعالج مواضيع لها علاقة بالآلام والمعانات الفردية والجماعية، …..

• من حيث الشكل :
1. يتخذ الشاعر من القصيدة بناءا شعوريا يبدأ من نقطة ( غالبا ما تكون قاتمة) ثم تأخذ في النمو إل أن تصل إلى حالة تأمل وانتظار الفرج والأمل.
2. استخدام الألفاظ المتداولة ومنحها طاقات إيحائية وشعورية جديدة تستمد من السياق.
3. الإهتمام بالصور الشعرية والخيال الممتد.
4. القصائد ترتكز على الموسيقى الداخلية وإيحاء الكلمات وحرسها
5. ميزان لالا بويا والقافية والروي والصياغة وضعت كلها في خدمة الموضوع
6. تحضر القصائد الجدلية والتي تبتدأ بطرح الصراع وتصوير مرارة الألم لتنتهي بالأمل والتفاؤل وهي الغالبة في هذا الديوان.
7. تحضرالقصائد القصصية الدرامية حيث اعتمد الشاعر على المونولوج والحوار مع الذات …..
8. تختلف القصائد من حيث الطول حسب نوع المضمون( عاطفي، تارخي، سياسي…)، ويلاحظ أن السياسية تمتاز بطولها في حين أن العاطفية تكون قصيرة.
9.

• من حيث المضمون:
استطاع الشاعر تأطير قصائده بوعي كائن أي تللك الأزمات التي يعيشها المجتمع الريفي ويتخبط فيها لذلك يطمح إلى تصححيها أو تحاوزها محققا بذلك الوعي الممكن ، أي أن الشاعر عبد الواحد حنو يحمل رسالة إصلاحية ويقدر مسؤوليته إزاء المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا ما جعل ديوانه يميل إلى الواقعية بحيث لا ينفصل عن المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه. ويمكن تلخيص باقي النقط كالاتي:
1. التعبير عن الواقع وعن معاناة حقيقية
2. اتخذ الشاعر من قصائده وظيفة اجتماعية من خلالها يكشف عن مواطن التخلف في المجتمع.
3. التجديد في أغراض الشعر كالدعوة إلى مقاومة الأعداء والدعوة إلى كشف حقيقة بعض الجرائم في حق الإنسان .
4. عالج قضايا المجتمع الآنية بالريف( حراك الريف)
5. عالج بعض الأحداث السابقة بالريف (84-85)
6. نبذ الاستيلاب وذلك بالحفاظ على الخصائص المميزة
7. دعا إلى الحفاظ على اللغة الأم
8. أعطى مكانة خاصة للمرأة الريفية وآزرها في محنها
9. اتخذ من شعره وسيلة للتعبير عن الانسان المعاصر وقضاياه ونزوعاته وطموخاته وآماله.
10. عالج الشاعر عدة قضايا من بينها: الحرية، المراة، الهجرة ، الاستلاب، أحداث الريف، الجرائم التي حدثت في حق بعض الأمازيغ كالحسين بلكيش (كريف إينوكس) وعمر خالق(إيزم) و محسن فكري(بائع السمك)…..
11. قصائده تحمل نظرة تفائلية للمستقبل بشرط تجاوز الحاضر الداكن لى مستقبل مشرق….

• من حيث الأسلوب والصور الشعرية:
1. اعتمد الشاعر على الرمزية ليموه بها عن مشاعره الخاصة أو ميوله السياسية وقد يصعب على القارئ إدراك المقصود من القصيدة من القراءة الأولى.
2. إغناء القصائد بالصور الشعرية ما أعطى للديوان شعرية وجمالية تمتع القارئ وتجعله يعيش اللحظة الشعرية من خلال عمقها وبعدها الزماني والمكاني و كذلك النسية ، الإجتماعية والسياسية وتمتد إلى العاطفية.
3. التنويع في الظمير، بحيث يستعمل ضمير الأنا خين يتحدث عن المعانات الفردية في حين يستعمل ظمير الجمع حيث يتحدث عن قظايا الريف العامة.
4. توظيف أساليب القصة والحكي الأسطوري والألغاز والأساليب التقريرية والإيحائية.
5. توثيق مباشر يغلب عليه الواقع المستمد من البيئة المحلية والموروث الشعبي .
6.
• من حيث اللغة:
يستقي الشاعر كلماته من أمازيغية الريف الأصيلة، ويحاول في نفس الوقت الإنفتاح على على اللغة المعيار، ومن جهة أخرى يحافظ على بعض الكلمات الدخيلة من اللغة العربية. أي أن هناك ثراءا في المادة القاموسية والسياقية من الناحية اللسنية ، النفسية، والإجتماعية. لذلك فلغة الديوان هي حبلى بالرموز والأبعاد الكنائية والتهكم والتلميح الذكي إلى جانب البعد المرجعي والتناصي .

• من حيث الحقول الدلالية:
نجد في هذا الديوان تنوعا في الحقول الدلالية، فهناك الحقل السياسي والحقل الإجتماعي والحقل التاريخي وحقل الحرب والحقل العاطفي الوجداني وحقول أخرى…..

شاهد أيضاً

ندوة دولية بأكادير حول أهمية التربة في التنمية المستدامة

افتتحت يوم الاثنين فاتح يوليوز بأكادير ندوة دولية حول موضوع “متجذرة في القدرة على الصمود: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *