قريبا من مطبخ الكتابة: مبدعون يتحدثون عن تجاربهم في الكتابة في ندوة أدبية بتيزنيت

بما يفكر المبدع وما المرجعيات والموجهات النظرية التي تحكم تجربته وما تصوره للكتابة وما أثر القراءة في مساره الأدبي. أسئلة تفضي بالمتلقي إلى العبور من مدارات النص إلى مطبخ الكتابة والتقاط شذرات من سيرة القراءة التي أسهمت في تشكيل متخيله الجمالي واجتذابه إلى الانخراط في مغامرة الكتابة وارتياد آفاقها…وهي الأسئلة التي شكلت أرضية ندوة الكتابة السردية الأمازيغية وأسئلة القراءة المنظمة من قبل منظمة تاماينوت فرع أيت ملول في إطار فعاليات الدورة الثانية للملتقى الوطني للإبداع الأدبي الأمازيغي بدعم من وزارة الثقافة و الشباب و الرياضة – قطاع الثقافة – بفضاء أسرير بمدينة تيزنيت يوم السبت 23 يناير 2021 بمشاركة الكاتب و الروائي لحسن زهور والكاتب عبد الله صبري و الناقد والسيناريست محمد تيسكمين، وقد قام الناقد أحمد بوزيد بإدارة أطوار هذه الندوة الثقافية ومحاورة المبدعين المشاركين.

وحسب الكاتب والروائي عبد الله صبري تعد الكتابة مجالا للاشتغال على اللغة وتثوير بنياتها والحفر في بنيات المتخيل الرمزي ومحاورة الأعمال الأدبية الكونية، إن استحالة تحديد مفهوم ما للكتابة بحسب كاتب ” tullissin itifa ” نابع عن طبيعة هذه الممارسة الثقافية التي يتلبس تاريخ انبثاقها في الحضارة الإنسانية الغموض، وعن السياقات الأولى للكتابة أكد الكاتب أن الكتابة باللغة الأمازيغية كان مرتبطا بسياق ثقافي شهد تحولات فكرية أسهمت فيها مجموعة من الأصوات الفكرية التي جعلت من الثقافة المحلية ومن البحث عن الجذور ديدنها، إن مطبخ الكتابة لدى عبد الله صبري مطبخ غير منغلق على التراث الأدبي الشفهي، إنه مطبخ مفتوحة نوافذه على الآداب الكونية التي هبت بهوائها على عالم الكاتب سيرة قراءات فكرية ونقدية وسردية، و التي يتبدى وجودها في أعمال الكاتب، التي تفاعلت مع متون أدبية من عيون الأدب العالمي كمحكيات ألف وليلة والمواقف والمخاطبات للنفري وروايات الأدب الفرنسي، إنه أيضا مطبخ يطل من شرفته على واقع مغربي مأهول بالمفارقات، مفارقات جعلت منها أعماله عتبة لها، وهذا ما يتبدى في عنوان عمله القصصي ” إيجديكن ن كتوبر ” التي تم من خلالها تحوير عبارة ” إيجيكن ن مارس ” وهي إشارة إلى ما عايشته مجموعة من البلدان المغاربية من ربيع في بداية العقد الثاني من الألفية.

أما الكاتب والروائي لحسن زهور فقد أبرز ارتباط اهتمامه بالكتابة الأدبية بمناخ فكري شهد ميلاد أفكار وتصورات جديدة حول الهوية والتاريخ الثقافي والذاكرة، جعله يبدأ الكتابة من منطلق تدوين التراث الشفهي الذي حق على كثير من تجاربه الضياع والنسيان، إن اختيار تدوين الحكايات الأمازيغية في عمله الأول ” Mouzya ” يجسد شهادة على الانتساب الأدبي لسليل واحة إيشت إلى سجل أدبي وثقافي بعينه؛ السجل الأدبي الأمازيغي الذي يعيش أوضاعا معقدة في ظل التحولات العولمية والرقمية، إن السؤال الذي يشغل لحسن زهور جعل فعاليته ممتدة للكتابة في أجناس أدبية مختلفة والانهماك في الفعل الترجمي، إن ما عاشه الأدب الأمازيغي في السياق المعاصر لم يكن ليتحقق دون عمل جماعي أسهمت فيه بحسب الكاتب حركة ثقافية وأدبية راهنت على استثمار كل ما بمكنته تجاوز تطبيب الجرح التاريخي لثقافة منسية ، وعن تجربته في تأسيس رابطة تييرا للكتاب والكاتبات بالأمازيغية قال لحسن زهور إنها تجربة ستظل موشومة في الذاكرة، لما راكمته من أعمال ولما حققته من أثر فعلي في المشهد الثقافي واجتذابها للشباب للكتابة بلغتهم الأم.

وأبرز السيناريست محمد تيسكمين أن كتابة السيناريو هي كتابة أدبية تحتاج إلى خيال خصيب وإمكانات تعبيرية تجعل الكتابة صداقة للسؤال وسفرا في الأعماق، إن الفلسفة بحسب تيسكمين كانت الضوء الذي اهتدى به في مساره الإبداعي، لقد كان تكوينه الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط وقراءاته في الأدب والتاريخ والعلوم الإنسانية والاجتماعية هي إحدى المصادر والمنابع التي استلهم منها الأمشاج الأولى لأعماله، إن العلاقة بين السرد والفلسفة بحسب تيسكمين علاقة وثيقة، فالفلسفة كثيرا ما تحققت عبر الأدب واعتمدت طرائقه التعبيرية، وكثيرا ما احتضنت الآداب الفلسفة؛ فالأعمال الروائية لميلان كونديرا تجسد هذا الملمح، وعن الأدب الأمازيغي كما يتطلع إليه الكاتب؛ فإنه ينبغي أن يتسيد وعي جديد لا يتطلع لمجرد تحقيق تراكم كمي، بقدر ما ينبغي أن ينشد تراكما نوعيا.

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *