كاتب كوردي لـ”العالم الأمازيغي”:الشعب الكوردي سقط من قطار التاريخ سهوا فعضته ذئاب الجغرافيا من أذنيه

الكاتب الكوردي حليم يوسف

“الواقع الكردي الحالي هو امتداد لتراجيديا متواصلة يعيشها هذا الشعب السيئ الحظ الذي ابتلي وطنه بأسوأ أنواع المخلوقات، فتقاسموه واستعبدوه” يقول الكاتب الكوردي، حليم يوسف في هذا الحوار مع “العالم الأمازيغي”، ويضيف:” شعب سقط من قطار التاريخ سهوا فعضته ذئاب الجغرافيا من أذنيه”.

وحول الفيدرالية التي أعلنت من طرف الكورد بشمال سوريا، قال الكاتب الكوردي “مبدئيا من حق الكرد في أي جزء من أجزاء كردستان أن يحصلوا على حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على أراضي آبائهم وأجدادهم”. وأردف :” في رأيي إنه الحل الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الدائم في المنطقة”.

*حاوره/ منتصر إثري

*كيف تعرف نفسك لقراء العالم الأمازيغي؟

اسمي حليم يوسف، أنا كاتب كردي من غربي كردستان – شمال سوريا. إلى جانب لغتي الأم، الكردية، أكتب بالعربية أيضا. أقيم في ألمانيا منذ العام 2000. وأقول لقراء العالم الأمازيغي من يود منكم التعرف علي عن عمق فليتفضل ويقرأ كتبي. فقد صدر لي حتى الآن عشر كتب تتوزع بين الرواية والقصة القصيرة.

* حدثنا قليلا عن الأدب الكردي باعتبارك كاتبا وروائيا أيضا؟

اذا أردنا الحديث عن الأدب الكردي فلا بد لنا من التحدث عن الأجزاء الأربعة من الوطن الكردي، كردستان، الذي يتوزع بين حدود أربع دول هي سوريا، العراق، تركيا وإيران. وكذلك التحدث عن الأدب المكتوب باللهجتين الكرديتين الأساسيتين الكرمانجية والسورانية إلى جانب اللهجات الأخرى كالزازاكية والهورامية وغيرها. وسيقودنا الحديث حتما الى التحدث عن الأبجديتين اللاتينية والآرامية. وسيتشعب الحديث بنا بالرجوع أكثر من ثلاثمائة عام عندما كتب الشاعر الكردي أحمد الخاني ملحمة الحب العظيمة مم و زين، وصولا الى تسعينيات القرن العشرين التي أعتبرها بداية نهوض الأدب الكردي الحديث الذي توزع بشكل أساسي بين الشعر والقصة والرواية.استطاعت اللغة الكردية في السنوات الثلاثين الأخيرة أن تنفض عن نفسها غبار المنع والقمع والتهميش والقتل الذي غطى شعرها طوال التاريخ، وأن تؤسس لأدب جديد لا يقل عن آداب اللغات الأخرى من حيث الجودة الفنية.

* ما هي المواضيع التي تعالجها في كتاباتك وروايتك؟

كل ما يوجد في الحياة وما لا يوجد يصلح أن يكون موضوعا للكتابة الأدبية. بالنسبة لي لا تثير في لوعة الكتابة إلا النار التي تأكل أصابعي. لا أستطيع الكتابة عن أرض لم أمش فوقها، ولا عن سماء لم أبك أو أضحك تحتها. الكتابة لدي هي حاجة روحية قبل أي شيء. حاجتي إلى الكتابة تشبه حاجة الإنسان إلى الأوكسجين للاستمرار في الحياة. كل ما أرى، يقظا أو نائما، كل ما أسمع، كل ما أشعر به، كل ما يؤرقني يمكن أن يكون موضوعا للكتابة.

* ما الذي يغذي فيك روح الإبداع الأدبي أو ما أطلق عليه «فيتامين الكتابة الأدبية» إن جاز التعبير ؟

لا أدري كيف أصابتني لوثة الكتابة، كنت طفلا صغيرا عندما وجدت نفسي محاصرا بسكاكين أسئلة وجودية، فلسفية، سياسية، تاريخية أكبر مني. أسئلة لم تكن تخلف وراءها سوى الألم. لم يكن بامكاني، أنا الطفل الصغير وقتذاك، أن أجد جوابا مقنعا لكل تلك الألغاز المحيطة بي. ولدت في بلدة حدودية اسمها عاموده، كانت عائلة أبي “فوق الخط” وهو الخط الحديدي الذي يفصل سوريا عن تركيا، أي في تركيا وكانت عائلة أمي “تحت الخط”أي سوريا، وأنجبتني امي بقرب ذلك الخط الحديدي الذي هو سكة قطار في الأصل، لكن لا قطار مر عليه. كان ولا زال ذلك الخط الحديدي محاطا بالألغام وبرؤوس العساكر الترك الذين يتوزعون على أبراج مراقبة يراقبون الحدود و يقتلون كل كائن حي يحاول اجتياز ذلك الخط الحديدي الملغوم. هذا عدا عن الصدمة التي خلفتها الأيام الأولى من المدرسة عندما تحدث معلم الصف معنا بلغة مغايرة عن لغة آبائنا وأمهاتنا، هي العربية التي كانت لغة موظفي الدولة والشرطة والمخابرات فقط. في تلك الأجواء كنت أبحث عن اجابات لأسئلة كانت تحزنني ولم أجد غير الكتابة ملاذا.   لا أدري كيف اهتديت الى الكتابة ووجدتها تخفف الألم الشديد الذي كان يتغلغل في عظامي الصغيرة آنذاك. هكذا بدأت خربشة الكتابة لدي وتتوجت بقصص وروايات لا زالت تحمل نبضات قلب ذلك الطفل الذي كنته ولا أزال.

*سياسيا، كيف تنظرون للواقع الكوردي عموماً في خضم كل المتغيرات الجارية في المنطقة؟

الواقع الكردي الحالي هو امتداد لتراجيديا متواصلة يعيشها هذا الشعب السيئ الحظ الذي ابتلي وطنه بأسوأ أنواع المخلوقات، فتقاسموه واستعبدوه. شعب سقط من قطار التاريخ سهوا فعضته ذئاب الجغرافيا من أذنيه. منعوا عنه لغته، قبروا ثقافته، نهبوا خيرات بلاده و قطعوا جسده بطريقة يصعب استئصال أجزائه المبعثرة. أحرقوا روحه وأخرجوه من جلده وكرهوه بنفسه وجعلوا منه عدو نفسه. فأصبح بذلك نصفه خائنا والنصف الآخر بقي يقاوم  المعتدي، ينتفض في وجه الظلم ويقاتل في سبيل كرامته. لا زال هذا النصف المقاوم يحمل صليبه على ظهره، يبذل الدماء رخيصة في سبيل حريته، يحارب بناته قبل أبنائه للحفاظ على ما تبقى من أمل في أن ينتزع هذا الشعب الجريح حق الحياة الحرة من أفواه الموت المفتوحة على كل الجهات.

*وكيف تنظرون للتحولات الجارية والمتسارعة في سورية؟ وما تأثيرها على القضية الكوردية عامة؟

أحد الأوجه الايجابية التي أنتجتها الكارثة السورية فيما يخص الكرد هو تحكم الكرد بقدرهم إلى حد ما وامتلاك قضيتهم بعدا عالميا يتجسد في دعم التحالف الدولي بقيادة أمريكا لهم على الصعيد العسكري وإلحاقهم الهزيمة بداعش الصغير. وما أتمناه هو أن يتوج هذا الانتصار بانتصار أكبر وهو الحاق الهزيمة بداعش أنقرة الكبير. لا شك أن الكرد معنيون مباشرة بما تطرأ من تغييرات على الساحة السورية، ولن تحل المسألة الكردية في سوريا بشكل كلي بمعزل عن إيجاد حل سياسي لكل سوريا.  لذلك فان التعامل مع القضية الكردية يخضع إلى حالة المد أو الجزر حسب تغييرات ميزان القوى المحلية والإقليمية والدولية صاحبة النفوذ في الساحة السورية.

*هل يمكن الحديث عن مكاسب سياسية حققها كورد سورية بعد انخراطهم القوي في محاربة «داعش»؟

أعتقد أن موقف التحالف الدولي وأمريكا على وجه خاص يلعب دورا بالغ التأثير في هذا الأمر. يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية ألا تكتفي بإلحاق الهزيمة العسكرية فقط بداعش. إذا اكتفت بذلك وانسحبت تماما من اللعبة الدموية الجارية على قدم وساق في سوريا، فستدخل المنطقة برمتها في دوامة اللامتناهية من صراعات جديدة. وبذلك سيفسح المجال لداعش أنقرة أن يفلت قطعان جهادييه الأشاوس على كامل تراب الشمال السوري كما فعل قبلها بمدينة عفرين الكردية. لذلك فان المنطق يقتضي بأن تتوج أمريكا هذا الدعم العسكري لحلفائها في الساحة العسكرية على الأرض إلى دعم سياسي واضح وصريح لمناطق الإدارة الذاتية التي اتبعت نموذجا في الحكم يتوافق من حيث المبدأ مع القيم الديمقراطية الغربية الداعية إلى التعدد القومي والى الارتكان إلى نظام المؤسسات وما إلى ذلك من مبادئ نظرية يمكن التأسيس عليها لتلقي الدعم اللازم لكي تنتقل هذه المؤسسات والهياكل الإدارية من حالتها البدائية الحالية إلى حالة فعلية تتمكن من تأمين الاحتياجات الأساسية للناس في شمال سوريا وتأمين السلام والأمان لهم ريثما تتوافق الإرادات الدولية والإقليمية على حل ينهي الكارثة السورية بشكل نهائي.

* ما تقييمكم للدور الذي لعبه الكورد في الثورة السورية؟

لا أخفي عنك تحسسي من استخدام مصطلح الثورة أو إطلاق هذا الاسم الجميل على ما حدث وما يحدث في سوريا من تناحر طائفي مقيت مغلف بحرب دموية بين نظام متوحش شوفيني مشبع بثقافة التدمير ومعارضة شوفينية، متوحشة مشبعة بثقافة الذبح. ومن المفارقات الهائلة أن تتطابق أفكار النظام والمعارضة، أفكار الذابح والمذبوح فيما يخص الكرد. إن الموقف من الكرد كشف لنا بأن المعارضة لم تنشق فكريا عن النظام وإنما تصارع النظام للظفر بالسلطة والحلول محله. من هذا الباب فان ما قاله الكرد منذ البداية بأنهم يمثلون الخط الثالث بين النظام والمعارضة لم يكن بعيدا عن الصواب. وبذلك استطاعوا أن يشكلوا لأنفسهم قوة عسكرية خاصة للدفاع عن مناطقهم هي قوات حماية الشعب وقوات حماية المرأة، وهو أكبر انجاز تاريخي للكرد السوريين في العصر الحديث

* كيف تابعتم “الخذلان” الدولي إن جاز التعبير لطموحات الشعب الكوردي في تقرير مصيره؟

من المعروف أن المصالح الاقتصادية هي التي تتحكم بمفاصل السياسة الدولية، كما أن توزع الوطن الكردي بين أربع دول وعدم قدرة الكرد على تأسيس دولة قومية، بالإضافة إلى الفشل المتتالي للثورات الكردية المتعاقبة، كل ذلك أحال دون التقاء مصالح تلك الدول الفاعلة في السياسة الدولية مع مصالح الكرد “الضعفاء” والمنقسمين على بعضهم. لذلك نجد العالم بمجمله يفضل التعامل مع الدول المغتصبة للوطن الكردي على التعاون مع الكرد أنفسهم، وهذا ما تمليه عليه مصالحه. من المحزن أن تكون السياسة على الأغلب خالية من الأخلاق ومن المبادئ الإنسانية، رغم تبجح الجميع بهذه المبادئ وبقضايا حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وما إلى ذلك من شعارات لم تعد أكثر من كونها قد أصبحت جزءا من “الفلكلور”السياسي القائم على التجميل الإعلامي لسياسات تلك الدول. وسيكون هناك دعما للكرد في حال التقاء المصالح، وهو نادر الحدوث. وأبرز مثال على ذلك ما يحدث الآن من معارك حاسمة تخوضها القوات الكردية ضد أعتى قوة متوحشة ودموية في العالم وهي داعش، وذلك بدعم أمريكي مباشر. و كما أننا وجدنا  ونجد جميعا كيف أن تركيا تدخل على خط تقديم الإغراءات لأمريكا لكي تتخلى عن الكرد وتتركهم فريسة لآلتها العسكرية المدمرة. فتبيدهم فيزيائيا وتصفيهم جسديا، استكمالا للإبادة الثقافية والعرقية التي تمارسها هذه الدولة الفاشية المقيتة ضد الشعب الكردي داخل وخارج تركيا.

“تركيا تُبيد الشعب الكوردي فيزيائيا وتصفيه جسديا استكمالا للإبادة الثقافية والعرقية التي تمارسها هذه الدولة الفاشية المقيتة ضد الشعب الكردي”

* وماذا عن الهجوم المستمر للنظام التركي على المناطق الكوردية؟

لم يتوقف هذا الهجوم في يوم من الأيام منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية وقيام الدولة التركية والى يومنا هذا. قامت الدولة التركية في العام 1923 حيث انتفضت كردستان عن بكرة أبيها ضد سياسات هذه الدولة العرقية بقيادة الشيخ سعيد ببيران الكردي في العام 1925 فعلق الأتراك مشنقته مع مشانق سبع وسبعين من رفاقه في آمد، ديار بكر. منذ ذلك الوقت وحتى الخامس عشر من آب في العام 1984 حين بدأ حزب العمال الكردستاني بخوض الكفاح المسلح ضد الجيش التركي، لم يهدأ الشعب الكردي يوما في التحرك من أجل نيل الحرية والاستقلال. الا أن الظروف لم تساعدهم حتى الآن لتحقيق طموحاتهم المشروعة. الدولة التركية ولأسباب تاريخية وثقافية تعاني من عقدة ال”الكردوفوبيا” فترى في الكرد خطرا وجوديا عليها، ولذلك فإنها تجند الآن آلافا مؤلفة من الجهاديين السوريين منهم وغير السوريين وتدفعهم الى المذبحة في سبيل “أمنها القومي” كما تقول. وسبق وأن صرح الكثيرون من مسؤوليهم بأن سماحهم لتعليم اللغة الكردية في المدارس سيؤدي الى انقسام وطنهم، في حين أن العكس صحيح.

*ما رأيكم في الفيدرالية التي يتحدث عنها الكورد في شمال سوريا؟

مبدئيا من حق الكرد في أي جزء من أجزاء كردستان أن يحصلوا على حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على أراضي آبائهم وأجدادهم. وفي رأيي انه الحل الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الدائم في المنطقة. ونظرا لاستحالة قبول الشركاء لهم بالعيش سويا على قدم المساواة. ونظرا لصعوبة تحقيق هذا الأمر تأتي مسألة الفيدرالية في المرتبة الثانية من حيث تحقيقها للمطالب الكردية المحقة من جهة، وتجنب هذه الدول المزيد من الانقسام والحفاظ على الحدود الحالية. وهو مطلب كل دولة من هذه الدول ومطلب ملح لشعوبها ما عدا الكرد. حيث ترى هذه الشعوب في الحدود التي رسمتها لهم الانكليز والفرنسيين حدودا مقدسة وهم على استعداد أن يضحوا ويبذلوا دمائهم بالجملة للذود عن حمايتها وبقائها كما هي. قصارى القول، أن النتيجة تهمني أكثر من التسمية التي ستطلق على نظام الحكم. ما يهمني هو أن يعيش الكردي الى جانب العربي، لهما نفس الحقوق ونفس الواجبات، وأن تكون اللغتين رسميتين ويتم التعليم بهما دون تمييز. أما التسمية التي ستطلق على النظام الذي سيحقق هذا الأمر، فهو تفصيل يمكن مناقشته والوصول الى حل حوله. تعتبر الفدرالية الى جانب الادارة الذاتية الصيغة الأكثر قبولا بالنسبة الى خصوصيات وضع الكرد السوريين.

*في شأن الكوردي ـ الكوردي، إلى أي مدى يمكن أن يشكل الحوار حلاً لإزالة الفجوة بين الكورد فيما بينهما؟

اذا تحدثنا عن الساسة الكردية بشكل عام فإننا نجد لدى الكرد ثلاثة نماذج مؤثرة تتوزع الغالبية من الشعب الكردي بين محاورها وهي الأحزاب الثلاثة الرئيسية في كردستان ، نموذج الحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق والمجلس الوطني الكردي محسوب على هذا النموذج في بعده السوري. النموذج الثاني هو نموذج حزب العمال الكردستاني – تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي محسوب على هذا النموذج في بعده السوري. أما النموذج الثالث فهو نموذج الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق، وقد تقلص نفوذ هذا النموذج في السنوات الأخيرة لصالح اتساع نفوذ النموذجين الأوليين. وتشهد الساحة الكردية منافسة على النفوذ تصل الى حد الصراع بين هذين النموذجين. ويلعب الموقع الجيوسياسي لكردستان دورا بالغ التعقيد في ادامة هذا الصراع وتعميقه. ففي إقليم كردستان العراق ما من منفذ بحري مع العالم الخارجي، وهو محكوم بالتعامل التجاري والاقتصادي مع تركيا، العدو الوجودي للشعب الكردي، وغالبا ما تبنى هذه العلاقة من قبل النموذج الأول على حساب الطعن في ظهر النموذج الثاني والوقوف الى جانب العدو التركي ضد مصالح هذا النموذج من خلال الابتزاز التركي وتهديداته بإغلاق بوابة “الحياة” الوحيدة للإقليم وإحكام قبضة الحصار والموت عليه، فيضطر الطرف الكردي إلى الخضوع لهذه الابتزاز. وقد اتبع الطرف التركي نفس المنهج لدى إجراء استفتاء الاستقلال في كردستان العراق بتهديداته المستمرة بإغلاق “الحنفية” وقطع شريان الحياة عنهم. وهذا دليل صارخ على أن الطرف التركي لا يفرق بين النموذجين فيما يخص الطموحات الكردية، لكنه يلعب على هذه التناقضات للابقاء على حالة الفرقة والانقسام. وهذا ما يلغي أرضية الركون الى الحوار بين الطرفين الكرديين الرئيسيين، ويبقي على ديمومة الصراع الكردي الكردي. وفي رأيي لن يكون هناك حوار جاد بين النموذجين إلا إذا تحررا من ابتزاز الدول المغتصبة لكردستان وخلقت أرضية للاتفاق بينهما. ولست متفائلا بقدوم مثل هذا اليوم على المدى المنظور.

*كيف تنظرون إلى مواقف الأمازيغ من القضية الكوردية؟

لست مطلعا على تفاصيل القضية وليست لدي المعلومات الكافية لتقييم مواقف الأمازيغ من القضية الكردية. علما أنني أسمع وأقرأ بين الفينة والأخرى أخبارا عن تعاطف الأمازيغ مع القضية الكردية، لكنه تعاطف لا يرتقي الى المستوى المطلوب بأن يترجم على أرض الواقع الى مشاريع مشتركة تخدم مصالح الشعبين الكردي والأمازيغي وتساعدهما على تحقيق الطموحات القومية المشروعة التي يسعى اليها الجانبان.

*ما هي أبرز نقاط التلاقي والتشابه بين الكورد والأمازيغ ؟

أعنقد أن توزع وطنهما بين عدة دول والاضطهاد القومي الذي اتبع من قبل هذه الدول المستبدة ومنع اللغتين الكردية والأمازيغية على يد سلطات هذه الدول هي نقاط التلاقي والتشابه الأساسية بين الكرد والأمازيغ. كما أن هذا الوضع المزري هو الذي يقف وراء تشابه الشعبين بالكفاح من أجل استعادة الكرامة المهدورة ونيل الاستقلال، والتقائهما على ضفة البحث عن الحرية والانعتاق من نير ظلم الأنظمة المستبدة.

*في نظركم ما هي السبل الممكنة والناجعة لتطوير علاقة الشعبين ؟

ان العلاقة السياسية خاضعة لتقلبات المصالح وتتغير سلبا وإيجابا حسب تغير الأوضاع المستجدة، لذلك فإنها غالبا ما تكون وقتية وزائلة. في حين أن العلاقة الثقافية التي تستند على تعارف روحي عميق بين الشعبين تبقى الأكثر جدوى، ولا ترتبط مع تقلبات السياسة والمصالح المتغيرة. وسأذكر مثالا مباشرا على ذلك، لتطبع وتوزع دور النشر الأمازيغية الكبيرة خمس روايات كردية بالأمازيغية أو بالعربية حتى لتعريف القراء الأمازيغ بالشعب الكردي وبأدبه الحديث. ولتفعل دور النشر الكردية الأمر نفسه للكتاب الأمازيغ. ومن ثم يتم عقد ندوات ثقافية مشتركة هنا وهناك من قبل المؤسسات الثقافية ليتعرف كتاب الشعبين أيضا على بعضهم. قد يكون مثل هذا المشروع بداية لمشاريع أكبر يتم من خلالها تقارب الشعبين على الصعد الثقافية والفنية. وهذا ما سيؤدي إلى تعزيز التعارف وترسيخ التضامن بين القوى السياسية المؤثرة لدى الشعبين، للوصول الى علاقة ترتقي إلى مستوى الجراح المثخنة التي تكوي روح الشعبين، وتحاكي تطلعاتهما المشتركة باتجاه الظفر بالحرية والاستقلال

*مساحة حرة للتعبير عن ما تود قوله؟

شكرا لكم على جهودكم القيمة في مسعى بناء الجسور بين شعبين عريقين خانهما التاريخ وأجرمت بحقهما الجغرافيا، والشكر موصول لكل القائمين على منبركم الثقافي الذي يهتم بقضية شعبنا الكردي ومسعاه في سبيل الحصول على حقوقه الانسانية المشروعة. وكلي أمل في أن تساهم هذه الحوارات في التعارف و التقارب بين الكرد والأمازيغ.

اقرأ أيضا

جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر

أثنى متداخلون مغاربة وجزائريين على دور المقاومة المغربية في احتضان الثورة الجزائرية ودعمها بالمال والسلاح، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *