AYTMA D ISTMA AZUL FLLAWN
يتجدد اللقاء في هذه المؤسسة وهي مناسبة لتقديم التهاني بحلول سنة أمازيغية جديدة 2968 للحضور الكريم، وكذلك تجديد الشكر والعرفان لكل من سهر على تنظيم هذا اليوم الدراسي ودعانا للمساهمة في أشغاله التي نتمنى لها التوفيق والسداد.
لقد سبق لأزطا أمازيغ أن قدمت سنة 2012 مذكرة حول رؤيتها للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، أكدّت من خلالها على ضرورة استحضار خمسة مبادئ لدى إحداث المجلس:
* يان؛ مبدأ المساواة والإنصاف: بمعنى التعامل مع كافة المكونات اللغوية والثقافية المغربية بمبدأ المساواة دون تفاضل أو تراتبية بينها مهما كانت مبررات هذه التراتبية في الوظائف أو في مجالات الاستعمال.
* سين؛ مبدأ الديموقراطية بما تعنيه من توازن بين مكونات المجلس في صياغة القرار، واتخاذه وتنفيذه، وكذا قدرة كافة الأطراف على التعبير عن وجهة نظرهم والدعاية لها، مما قد يفضي للتوافق الخلاّق.
* كراض، مبدأ الشفافية: أي أن كل إنتاجات وأعمال وقرارات المجلس تكون متاحة للاطلاع والتتبع، مع إمكانية المراقبة، في حدود ما لا يعرقل السير العادي للمجلس ويضمن واجب التحفظ المفترض في مؤسسة رسمية.
* كوز، مبدأ التعدد: مجلس دستوري لتدبير حقل حساس من قبيل اللغة والثقافة، لا يمكن أن يكون إلا تعدديا في تركيبته المؤسساتية وكذا في تركيبته الفكرية، لما تضمنه هذه التعددية والتنوع من إسماع لصوت كافة الأطياف المجتمعية والتعبيرات اللسانية والثقافية.
* سموس؛ مبدأ الاستقلالية: رغم التنصيص الصريح على تمثيلية القطاعات الفاعلة في مجال الثقافة واللغة، فلابد من ضمان مسافة بين المجلس ككيان ومكوناته المؤسساتية بما يجعله حرا ومستقلا في المبادرة والفعل، والعكس بالعكس.
إن هذه المبادئ مازالت ذات راهنية حتى عقب الإعلان عن مشروع القانون التنظيمي المعروض اليوم على أنظار مؤسستكم التشريعية بخصوص المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. فالمشروع في نظرنا لا يستجيب لجوهر المبادىء المذكورة والتي نعتبرها في الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة ضرورية من أجل ضمان شروط حماية وتنمية اللغة الأمازيغية، وسنحاول تقديم ملاحظاتنا على ضوء ما جاء في المشروع:
إن أول ما ينقص المشروع في رأينا هو: تدقيق مفاهيم ومصطلحات ذات أثر قانوني على مستوى اختصاصات المجلس وتركيبته، وردت في المادة الخامسة من الدستور ولم يُفصّل فيها المشروع من قبيل التعبيرات الثقافية واللهجات. وهو ما قد يعيق عمل المجلس في حالة اختلاف التأويلات بين أعضائه.
•أما بخصوص مبدأ المساواة بين اللغات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، المهام المنوطة بأكاديمية محمد السادس للغة العربية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في مشروع القانون تبرز تفاوتا كبيرا من حيث شساعة الاختصاصات بين المؤسستين، لفائدة الأكاديمية. حيث خص المشروع أكاديمية اللغة العربية بسبعة اختصاصات حصرية مهمة في مجال اللغة دون أن يسري الأمر نفسه على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهو تمييز غير مبرّر ستكون له تداعيات على مستقبل الأمازيغية وحيويتها، لاسيما أثناء أداء وظائفها كلغة رسمية.
•بخصوص مبدأ الاستقلالية فنودَّ أن نشير إلى أن المشروع خالَف روح منطوق المادة الخامسة التي تؤكد على أن المجلس الوطني “يضم كل المؤسسات المعنية بهذا المجال”. وذلك بتأويله لكلمة “الضّم” ب “الحُلول” محل المؤسسات ونزْعِ الشخصية المعنوية عنها وتجريدها من الاستقلالية الإدارية والمالية التي نعتبرها ركيزة من ركائز أية مؤسسة فاعلة. وهو ما ندعو إلى مراجعته لأن المؤسسات العلمية تحتاج إلى تمكينها من هامش للفعل باستقلالية تقتضيها مهامها العلمية، ولاعتمادات وإمكانات خاصة. لا أن تكون تحت الوصاية المعيقة، إلا في حدود ما يضمن إلزامها بالتجاوب مع التوافق والقرارات التي يتخذها المجلس.
•بخصوص مبدأ التعدد في تركيبة المجلس فإن أزطا أمازيغ ترى ضرورة توفر كل أعضاء المجلس على الخبرة العلمية المطلوبة أو الإلمام الكافي، والرصيد المحترم بالمجال الثقافي أو اللغوي الذي يمثلونه، وأن يكونوا مؤمنين بفضائل التعدد اللغوي، ويجسدون التكافؤ بين المكونات اللغوية والثقافية المغربية. حتى لا يتحول المجلس إلى أقطابٍ متصارعة تحكُمها الخلفيات الإيديولوجية والسياسوية، وتبتعد عن التناول العلمي للإشكالات اللغوية، وتغيب بالتالي الشمولية المنشودة وروح التوافق الضرورية لنجاح رهاننا جميعا في مجال السياسة اللغوية والثقافية.
•إن عمل المجلس يقتضي توافقا مسبقا على الأساس المرجعي المؤطر لاختصاصاته، فإذا كان المجلس يضطلع حسب المادة الثالثة من مشروع القانون التنظيمي “بمهمة اقتراح التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال السياسات اللغوية والثقافية، والسهر على انسجامها وتكاملها، ولاسيما ما يتعلق منها بحماية وتنمية اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية وكذا الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية،”
فإن الملاحَظ هو غياب أية مقتضيات تحث أو توصي بالعمل على بلورة سياسة لغوية عادلة ومنصفة، لعلها رؤية عامة مؤطرة لهذا المشروع، لا تنطلق من قراءة موضوعية للواقع السوسيولساني، ولا تولي أهمية كبيرة لواقع التنافس بين اللغات الذي يميزه، ولا تضع بالتالي في أفقها الاستراتيجي، التفكير في إيجاد الحل المنصف الذي يحفظ لكل اللغات موقعها، وحيويتها، ويمكّننا بالتالي من تحقيق الالتزام الدستوري الواضح ونعني به “تنمية وحماية اللغتين الرسميتين وكذا الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية” لأن هذه الحماية، ولكل المكونات اللغوية، لا يمكن توفيرها إلا باحترام العدالة اللغوية.
لذا فأزطا أمازيغ توصي بضرورة التنصيص ضمن اختصاصات المجلس على إخراج ميثاقٍ للسياسة اللغوية والثقافية بالمغرب -على غرار تجارب دولية ناجحة- على اعتبار أن الميثاق يقوم على التوافق ويسمح باعتماد رؤية موحدة وموحدة بين كل المكونات الثقافية والسياسية ببلادنا تضمن التوازن الوظيفي والإنصاف والعدالة اللغوية ويعتمد مرتكزا مرجعيا لنقاشات المجلس الوطني ويمكن العودة إليه لحسم الإشكالات والقضايا المعروضة عليه.
كما أن هذا الميثاق سيكون ترجمة فعلية لأحد أهداف المشروع وهو “تيسير التشاور والحوار والتعاون بين الفاعلين في مجال التنمية اللغوية والثقافية، بما يقوي تماسك النسيج اللغوي والثقافي الوطني ورصيده المشترك”.
في الختام، وجَب التذكير أن الإنصاف المطلوب وفق رؤية الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، يقتضي إدخال تغييرات على المشروع الحالي بدءً من الاختصاصات، وطبيعة مهام الأعضاء، وشروط اختيارهم، وانتهاء بتبني ميثاق مرجعي توافقي، الذي سيضمن عملا منظما وشموليا ومنصفا. كما تحْرصُ أزطا أمازيغ على تذكير السادة أعضاء البرلمان المحترمين بجسامة المهمة الملقاة على عاتقهم لإخراج قانون تنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية باعتباره مؤسسة دستورية في خدمة كل اللغات المغربية وإيجاد الحلول لإنصاف كل اللغات، لا أن يتحول إلى أداة لترسيم التمييز بين هذه اللغات.
AYTMA D ISTMA TANMIRT
الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة – أزطا أمازيغ
كلمة الرئيس: عبد الله بادو
مجلس النواب – 16 يناير 2018