ترقبٌ واسع و غضب عارم.. وثمً سؤال يستعصي على الإجابة، أو يكاد: فُتحت الحدود ؟.. لم تفتح الحدود؟
كثيرون تقطعت السبل بينهم وبين أسرهم نتيجة هذه الحدود المُغلقة..
همٌّ واسع ينضاف الى هموم كثيرة ( عملية العبور ، نقل الجثامين ..اتفاقية تبادل المعلومات…) تشغل بال مغاربة العالم ، الراغبين في إحياء صلة الرحم مع وطنهم وعائلاتهم خلال عطلة الصيف، في وقت تقترب فيه العطلة أكثر و يقترب فيه عيد الاضحى أكثر وكثر.
يعيش هؤلاء هذه الأيام ، ترقباً كبيراً فيما يتعلّق بالعطلة الصيفية ،يفتشون عن أدنى خبر حيث كان وفي كل مكان بدون جدوى.. يتشبّثون ببارقة أمل لمعانقة الأهل في عطلة هذا الصيف، إذ لا زالوا ينتظرون قرار حكومة بلادهم حول إعلان فتحها للحدود .
البلد هناك لم يعلن لحدّ الآن عن موقفه من فتح الأجواء الدولية، ولم يكن حتى صريحًا ويعلن أن الحدود لا تزال مغلقة ، كل القرارات لازالت معلقة ، في وقت اتخذت فيه دول أخرى كثيرة خطوات متقدمة بفتح حدودها . بل وضاربا عرض الحائط كون هذه العطل الصيفية تعدّ من أشهر العادات التي دأبت عليها “الجالية المغربية”، فالمغرب نفسه مثلاً استقبل في صيف 2019 حوالي ثلاثة ملايين مغربي مقيمين خارج البلاد..
أليس هؤلاء مواطنون مغاربة من حقهم زيارة وطنهم ؟
فكيف تقفل الحدود في وجوههم؟
فلماذا لم تعلن حكومة البلاد بعد عن فتح الحدود من عدمها ؟ خاصة وأن البلد قد بدأ فعلا بإجراءات واسعة لتخفيف الحجر الصحي ومنذ مدة، وسمح بالتنقل وباستئناف غالبية الأنشطة الاقتصادية من فتح للمقاهي والمطاعم و جزء من قطاع السياحة الداخلية و السماح بتنظيم التجمعات والأنشطة في الفضاءات المغلقة والسماح بتنظيم التجمعات والأنشطة في الفضاءات المفتوحة وافتتاح المسارح وقاعات السينما والمراكز الثقافية والمكتبات والمتاحف والمآثر والسماح لقاعات الحفلات والأفراح بالاشتغال والسماح بارتياد الفضاءات الشاطئية، وفتح المسابح العمومية بل وحتى فتح بقية المساجد المغلقة..( وطبعا كل هذا وفقا لضوابط وشروط محدّدة و في حدود ما من الطاقة الاستيعابية).
فلماذا لم يتم التعامل إذن وبنفس المنطق مع “الجالية”، وبالتالي فتح الحدود في وجهها .. لماذا عجزت الحكومة عن تدبير خطّة لدخول وخروج مواطنيها من مغاربة العالم وإن وفق ضوابط وشروط محدّدة ، خاصة مع تراجع انتشار كورونا. ما قد يشكّل كذلك عاملًا يدفع المغرب إلى محاولة إنقاذ جزئية كبيرة للسياحة في فصل هذا الصيف..
والغريب في الامر أن شركات الرحلات من جهتها لم تنتظر فتح الحدود ولا حتى قرار الرباط حتى تبدأ بيع التذاكر في اتجاه المغرب، فشركات كثيرة مغربية ودولية اصبحت فعلا تتيح لزبائنها شراء تذاكر رحلات إلى المغرب . هذا الوضع دفع بعض المغاربة إلى الحجز بشكل مسبق، خاصة أن الأسعار مرّشحة للارتفاع حال تأكيد المغرب فتح أجوائه الدولية.
لكن وبالمقابل هناك آخرون يتخوّفون من حجز تذاكر السفر للمغرب. هم يتمنون طبعا زيارة العائلة، ولكنهم في الوقت نفسه يتخوّفون من عدم فتح الحدود أو من إعادة غلق الحدود بعد فتحها ، ما سيجعلهم عالقين في المغرب. كما يتخوّفون كذلك من احتمال تنفيذ أخبارغير مؤكدة حول إلزام القادمين من أوروبا بالبقاء في الحجر الصحي ، وهو احتمال سيجعلهم يقضون نصف عطلتهم في فنادق الحجر الصحي الإلزامي، لذلك فكّر الكثيرون من هؤلاء في تحويل خططهم للسفر إلى دول اخرى منها إسبانيا مثلا بدل المغرب..
فهم لم ينسوا بعد “كارثة” الصيف الماضي وذاك القرار المفاجئ الذي أعلن عنه حينذاك وبشكل رسمي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ، حيث أكد وقتذاك أنه يستحيل تقنيا تنظيم العملية لأن الإعداد لها يتطلب ما يقارب الشهرين ويستدعي التنسيق مع عدة دول أوروبية، وهو ما لم يتم تلك السنة .
واليوم ها نحن في بداية الاسبوع الاول من شهر يونيه ، بمعنى أن أقل من أسبوع يفصلنا عن موعد عملية العبور”مرحبا ” التي تنطلق كل سنة من 5 يونيو إلى 15 شتنبر ولا أثر لقرار رسمي عن فتح الحدود.!
آخر السطر ..
حسب علمي المتواضع أن ليست هناك حكومةٌ في العالم بأسره منعت مواطنيها المقيمين في الخارج من ولوج ترابها أو تركتهم عالقين في دول الغير كما فعلته حكومة بلادنا .
الا تعلم هذه الحكومة أن كثيرون أولئك الذين تقطعت الأسباب بينهم وبين أسرهم نتيجة منع هذه الرحلات الجوية والبحرية… و أنه فقط وسائل التواصل الاجتماعي قد خففت نوعاً ما من وطأة هذا البعد الإجباري ، ولكنها حتماً لا تغني عن ذلك التواصل المباشر..
الا تعلم هذه الحكومة أن صلة الرحم غريزة بين البشر والتواصل مع ذوي القربى من أوجب الواجبات..و أن من أعظم الصفات التي منحها الله لبني آدم هي صلة الرحم، (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) .
لكن، الظاهر ان لا صلة رحم و لا عبور ولا فتح للحدود.. ! ولا حتى للحكومة الشجاعة الكافية لتعلن فتح الحدود من عدمها !!
في وقت الكل فيه يسأل، يتساءل و يبحث عن أي سؤال يشفي حرقة السؤال وعن أي خبر حيث كان.. لكن بلا فائدة ولا منفعة …
يتشبّثون بقشة أمل علهم يركبونها ويَعبرون من خلالها لمعانقة الأهل والاحباب في عطلة هذا الصيف … لكن يبدو أنه كُتِب على هؤلاء أن لا يخرجوا من تيهان إلا ليدخلوا في آخر أشدّ منه .
وأنا بدوري “قد جد عزمي على رحلة…أجدد فيها صلات الرحم..”
على حد قول الشاعر نصر بن أحمد البصري واصفا حال من تقطعت بهم السبل واستحال عليهم السفر إلى ذويهم .
محمد بوتخريط . هولندا