لحو أغطاف: شاعر متمرد

الباحثة: مريم اوزي

تشمل الثقافة الأمازيغية تراثا شعريا أمازيغيا شفهيا، مازال يحظى باحترام وتقدير المغاربة كافة، باعتباره شكلا تعبيريا ساهم في تنمية ملكتهم الإبداعية، مستحضرين أعلام هذا الشعر وما طبعوا به هذا الفن من إبداع ساهم في بنية فن تامديازت وتطوريها ومنهم خاصة الشاعر والفنان الأمازيغي، الإبن الشرعي للجنوب الشرقي المغربي” أحمد أوهاشم بوعزامة”، وغيره من الشعراء ب أسامر ممن لم تصمد الذاكرة الجماعية أمام التحولات والمتغيرات من الاحتفاظ بأسمائهم.

والشعر الأمازيغي أو فن تامديازت سجل الأمازيغ المكتنز لأخبارهم، والمبين لمعاني كلامهم، حيث يعد أحد الفنون النظمية التي أبدعتها قرائح المبدعين الأمازيغ بلغتهم الأم، وفي هذا الصدد يقول الباحث محمد شفيق في كتابه” لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، منشورات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، دار البويكلي للنشر والطباعة، ص64:” وقد تعصب أحد أولائك الشعراء ل” لغة أمه”، إلى درجة أنه زعم أن الغزل يستحيل سبواها إذ قال:

في لغة أمي؛
بحت إليك حبيبتي، سري؛
كيف يفعل يا ترى؟
من يجهل لغة الأمازيغ؛
أ بكلمة حب، أبدا لا ينطق؟”.

وحديثنا هنا ينصب بالأساس على فنان وشاعر أمازيغي من جنوب شرق المغرب أو كما يحلو للأمازيغ تسميته ب” أسامر”، رجل استثنائي وشاعر متمرد في جيله، شارك في عدة تظاهرات فنية محليا ووطنيا، كما أن الشاعر ألف أزيد من ثلاثين قصيدة شعرية( تامديازت)، وديوان شعري يحمل عنوان” تيزمار خف أبريد” الذي يضم بدوره إحدى عشر قصيدة متنوعة المواضيع، ورئيس جمعية أسامر للفنون والإبداع حاليا، إنه الفنان والشاعر الأمازيغي” لحسين موعشى” الملقب ب” أغطاف”.

يعد الشاعر لحو أغطاف من مواليد قصر تيزي بألنيف، إقليم تنغير سنة 1961، أحد الوجوه الفنية التي أسست مسار الشعر الأمازيغي أو فن تامديازت، بالجنوب الشرقي بالمغرب، إلى جانب عميد فن تامديازت بأسامر” أحمد أوهاشم بوعزامة”، كليهما عملا بطريقته الخاصة على اجتراح لغة فنية أمازيغية مغربية منفلتة من قبضة النموذج المتعصب.

لقد مكن شعر الفنان لحو أغطاف من الوقوف عند أهم اللحظات العسيرة التي مر منها ولا يزال سكان أسامر عامة، وأنتج بذلك شعرا ذي جمالية وآفاق فكرية، بحيث كان للمواضيع التي يناقشها الشاعر أغطاف في قصائده والتي تهم الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي( التنمية، السلام، الحب، التهميش…)، تأثير كبير في أجيال شعرية وفنية تبدأ من الجذور الأمازيغية المغربية وتلتقي في أبعادها التاريخية والجمالية والفنية مع الحضارات الأخرى.

لعب الشاعر لحو أغطاف دورا كبيرا داخل جماعة ألنيف ـ إقليم تنغير، في طرح أسئلة الهوية والأصالة والمعاصرة، وجعل من شعره مدخلا لتجاوز مفاهيم شعرية وفنية استنفذت قدرتها على التأثير في متخيل وراهن الشعر الأمازيغي ومفاهيمه الجديدة.

من منظور آخر ظلت أعمال الشاعر أغطاف إلى حد بعيد أكثر تعبيرا عن الذاكرة الجماعية الأمازيغية ومساربها الطفولية، وهو يسعى إلى التقاط تفاصيل صغيرة لا مفر منها من حياة بلدته ألنيف وأسامر عامة وأزمنته، حيث يصبح الشعر عند أغطاف بمثابة ضوء قادم من شغاف الروح ينير كينونة الإنسان الأمازيغي في أرض تامزغا وعتمات ذاكرته.

إلا أن الشاعر أغطاف من الشعراء الذين لم ينصفهم الإعلام، ومن الشخصيات الإبداعية التي لم تأخذ رغم دفقها الشعري حضورها، وربما تعددت الأسباب في ذلك، والتي يأتي في مقدمتها غياب مشاريع التدوين والتوثيق مما أدى إلى ضياع الكثير من ملامح ذلك الإرث الجميل، رغم أن تامديازت واحدة من ثمار الشاعر أغطاف إلى جانب روادها الآخرون بالجنوب الشرقي المغربي.

لعل تجربة الشاعر أغطاف واحدة من التجارب الشعرية التي تستحق الدراسة نظرا لغناها من جهة، وعمقيتها في التعبير عن معاناة الإنسان من جهة ثانية، نذكر من أبرز قصائده التي أثارت جدلا واسعا داخل الوسط الشعري الأمازيغي وأثرت كثيرا في أبناء أسامر وشعرائه( الانتخابات، أمودو أمكارو، مَا، إيمازيغن، أحراك…).
تظل تامديازت عند أغطاف فنا يحمل قضية ومبدأ من خلال قصائده التي أزالت الغبار عن الموروث الأمازيغي الضارب في عمق التاريخ، والدفاع عن الإنسان الأمازيغي الذي أوشك نظام التعريب على قتل جذوره التاريخية وحياته، وعن ذلك عبر الشاعر أغطاف بأشعاره العميقة:

Mani g bdugh adinigh cha wawal,
Wa kbel ad frezgh azmul n ulnif,
Urda tfstagh ig anigh chan ray,
Machan digh aday g anigh kelt ray,
Wa adisfrgh amazigh artiskhdo,
Wa wnagh datinzuzur artitinigh,
Wa marad aaydn adisin iskhdan…

إذ لا يمكن الحديث عن مسار الفنان والشاعر” لحو أغطاف” خارج دائرة إمديازن بالجنوب الشرقي، الذين ناضلوا من خلال أشعارهم على الاحتفاظ بالهوية والدفاع عن الإنسان الأسامري الأمازيغي المنسي والمهمش.

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *