هل يمكن سرقة إلاه ما؟ وهل سبق أن ذكر التاريخ أن فردا أو مجموعة أفراد قد دبروا مؤامرة سرقة إله شعب آخر؟
إن الجواب بالإيجاب، فمن هو الإله المسروق؟ وكيف سرق؟ ومن دبر مؤامرة السرقة ومن ساعدهم على ذلك؟
الإله المسروق هو بوصيدون؟ فمن سرقه ومن يكون بوصيدون هذا؟
فمن هو بوسيدون؟ هو إله البحر والعواصف والزلازل وهو إله الخيول كذلك، وحسب هيرودوت المؤرخ الاغريقي المعروف ترجع أصول بوصيدون إلى بلاد ليبيا أي إلى شمال افريقيا الحالية أو بلاد البربر حسب تعبير ابن خلدون، وفي هذا الصدد جاءت أسماء الأرباب كلها من مصر إلى بلاد اليونان. أما هذه الأسماء جاءتنا بالفعل من الخارج، فهذه قضية وصلت إلى معرفتها أثناء بحثي. أعتقد جاءت من مصر على الخصوص؛ فإذا استثنينا اسمي “بوصيدون” و”الدير سكوري” كما سبق أن ذكرت، فإن أسماء “هيرا” و”هيستا” و”ثميس”، “وكارتيس” و”نيريد” وجدت دائما في مصر ومنذ القدم. وأنا أعيد هنا ما يقوله المصريون أنفسهم. ويبدو لي أن البلاسجيين هم الذين أطلقوا هذه الأسماء على هذه الأرباب التي يعلن المصريون عدم معرفتهم بها إلا الرب بوصيدون، الذي اقتبسه اليونانيون عن الليبين، لأن اسم الرب بوصيدون لم يكن موجودا، ومنذ البداية عند أي شعب من الشعوب غير الليبيين الذين ظلوا على الدوام يعظمون هذا الرب (مصطفى اعشي، أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الأمازيغ). لقد بدأت معالم “السرقة”/الاستعارة تتضح، وعلى لسان شاهد عيان عاصر أحداث العالم القديم إنه هيرودوت؟؟؟ كما يتضح أن إمكانية سرقة إله شعب ما ونسبه إلى شعب آخر باتت الآم في عداد الممكن. وسنتعرف فيما يلي على أركان “الجريمة”.
حسب موسوعة ويكيبديا (أوردنا النص بتصرف)، يعتبر اليونانيين الإله بوصيدون واحدا من الأولمبيون الإثني عشر وهذا ما تؤكد عليه الديانة والميثولوجيا اليونانية القديمة على حد سواء، كان يكرم باعتباره الإله الرئيسي في بعض مدن اليونان. وكانوا يلقبونه «بمزلزل الأرض». في أساطير مقاطعة أركاديا اليونانية كان اسمه مرتبطًا بالحصان، ولكن على ما يظهر فبوصيدون كان في الأصل يعتبر إلهًا للمياه. ويعتبر كذلك مروض الخيول، وتتدفق ينابيع جوف الأرض بضربة من رمحه الجبار. ومن هنا ارتبطت العديد من الينابيع بكلمة حصان (ننوه هنا إلى أن العديد من العيون والينابيع في شمال افريقيا ومنها المغرب ترتبط بالخيول والبغال والحمير ومنها تلات ن تكَمارت بماست واغبالة ن اسردان في الاطلس المتوسط، وعين عودة ناحية زعير وغيرها، وسنعمل على تأويل هذا التشابه قدر المستطاع). ضربات الرماح والعكاكز (جمع، مفرده عكاز) في الأرض وتدفق المياه تنسب عادة في الثقافة الأمازيغية إلى المجاديب الذين يخرجون في سبيل الله كما هي عادتهم، ويقال في ماست أن واحدا من هؤلاء المجاديب مر ذات زمان في القبيلة وبدأ يضرب بعكازه التي يتكئ عليها، الأرض وتتدفق منها ينابيع وماء عذب وظل ينتقل من دوار إلى أخر وما أن يضرب الأرض حتى تنفجر ماءا عذبا ويكرمه الناس أحسن تكريم إلى أن وصل إلى الحد الدواوير في عالة الواد على الضفة اليمنى للواد ورفع عكازه إلى السماء وقبل أن يضرب الأرض بضربه المقدس لقي تقريعا ومعارضة وتعنيفا شديدا من أحد سكان ذلك الدوار، استعصم المجدوب وأنزل عكازه، وانصرف في حال سبيله يناجي ربه به في صدره، ويقال أن سبب ملوحة مياه تلك الدواوير من املالن إلى ادرار ن تاضوت (اغريمز حاليا)، هو غضب المجدوب من التصرف الأرعن الذي لقيه هنالك. بوصيدون عندما انتقل إلى أرض اليونان واحتضنته وجعلته سر حضارتها وهنا عملت الأساطير اليونانية القديمة على ربطه بالجبارين كرونوس وريا، واعتبرته ما يجعل منه شقيق كل من زيوس وهيرا وديميتر إلهة الأرض والخصب كذلك هاديس سيد العالم السفلي وهو يعتبر من الآلهة الأولمبية العظيمة لأنه وزيوس وهيرا من أقدم الآلهة، وقد كانت أمفيتريت زوجته، غير أن له ارتباطات مع غيرها من الزوجات، سواء الإلهية الخالدة أو الإنسانية الفانية هو إله الزلازل والعواصف البحرية والماء، وهو أيضا باني طروادة برفقة ابن أخيه أبولو، ومُوجد الحصان السريع، والحصان المجنح بيغاسوس، هذا ما نعثر عليه في بعض الموسوعات الالكترونية ومنها على الخصوص ويكيبديا. كلام تفنده شهادات المؤرخ اليوناني هيرودوت الذي أكد على الأصل الأمازيغي الليبي للاله بوصيدون.
وحسب الميثولوجيا الإغريقية دائما فالإله بوسيدون هو أب ترايتون وعنتي وهي آلهة يونانية محضة على ما يبدو، وهو زوج غايا كذلك ومن المعروف أن هذه الأخيرة هي إلهة الطبيعة والأرض، كما أنه أب آثينا / تانيت وهي كذلك آلهة شمال افريقية أي أمازيغية كما ينسبون إليه الإله أطلس، والأطلس معروف أنه من المغرب أي من شمال افريقيا. هنا نطرح السؤال، ما الذي جعل اليونانيين ينسبون كل ألهتهم ورموز حضارتهم إلى الاله بوصيدون مع العلم أنه الإله أجنبي عن حضارتهم واستعاروه من الحضارات المجاورة لهم ويصفونها عادة بالحضارات المتوحشة التي يجب العمل على تدميرها بقوة الحديد والنار كما فعلوا مع الفرس وغيرهم من شعوب البحر الأبيض المتوسط القديم؟؟ سنحاول الإجابة على هذا السؤال بشكل صريح وضمني فيما سيأتي.
ويرى “Andreas (1985). Wiesen und Brachland als Lebensraum” أن بوسيدون حامية للبحارة والعديد من المدن والمستعمرات اليونانية (وأضيف أن انتشار الأضرحة الساحلية على ساحل المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط يمكن أن يساهم في تفسير علاقة بوسيدون بانتشار هذه القبب في الزمن الماضي، وفي هذا الإطار لا مناص من البحث والتقصي حول الزمن والظروف التي وقع فيها الإنتقال من معابد بوسيدون على غرار معبد “صولويس” ببلاد المغرب إلى القبب والأضرحة باسمها الحالي) بحث سوف يميط اللثام عن حقائق تاريخية في غاية الأهمية كما سيساهم كذلك في إبراز مساهمة المغرب في بناء صرح الحضارة في حوض البحر الأبيض المتوسط القديم وكيف عمل المغاربة على نقل ثقل العالم من جنوب أوروبا إلى المحيط الأطلسي.
يقترح هوميروس وهسيودوس أن بوسيدون أصبح ملك البحر بعد هزيمة والده كرونوس. وبعذ ذلك كانت العالم مقسومة بين بوسيدون وزيوس وهاديس، حكم زيوس السماء وهاديس العالم السفلي وبوسيدون البحار وكانت جبال أوليمب والأرض ملك الآلهة الثلاثة في قصة الإلياذة، يروي هوميروس أن دعم بوسيدون الإغريق ضد جنود طروادة أثناء حرب طروادة. (أوردناه نقلا عن موسوعة ويكيبديا) في الميثولوجيا الأمازيغية يعتبر الإله بوسيدون إلاها قديما، وعرف لدى الأمازيغ كإله للبحر كما ذكر ذلك هيرودوت الذي ذهب إلى التأكيد على أن الإغريق استعاروا إله الليبيين الأمازيغ وعملوا على نسبه إلى أنفسهم إلى الحد الذي جعل بعض الباحثين إن لم نقل اغلبيتهم الساحقة يسقطون في الفخ عندما اعتبروا أن بوصيدون إله يوناني، وذلك في تحوير بائس لمعطيات التاريخ وشهادات المؤرخين اليونان وفي مقدمتهم هيرودوت الذي أكد في نصه بشكل صريح أثناء حديته عن الأرباب أن بوصيدون إله أمازيغي ولم يكن موجودا من البداية عند أي شعب من الشعوب غير الليبيين الذين ظلوا على الدوام يعظمون هذا الإله ويمكن القول اعتمادا على أسطورة أنتايوس بأن بوسيدون كان مرتبطا بطنجة المدينة المغربية، ذلك أن طنجة تجمع بين الأرض أي المكان المفضل لغايا، والبحر أي المكان المفضل له كونه إله البحر، حتى إن طنجة هو اسم لزوجة عنتي حسب الأسطورة. إذ يلجأ فيها إلى سلاحه السري وهو الأرض أي أمه غايا ليبني بهم معبدا لأبيه بوسيدون، كما تروي الأسطورة الإغريقية. (للمزيد من التفاصيل يرجى الإطلاغ على أحاديث الليبين م. أ)، ومن هنا أمكن القول أن لصوص الآلهة من رجال الدين والرحالة والجيش اليونانين ما كان لهم أن يسرقوا الإله بوصيدون لولا الدعم والمعونة التي تلقوها من طرف بطانة الباحثين المغاربة والمشارقة الذين سهلوا مأموريتهم في السرقة/ الاستعارة.